الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

أطباء نفسيون: الرهاب الاجتماعي أخطر من «كورونا»

أطباء نفسيون: الرهاب الاجتماعي أخطر من «كورونا»
17 مارس 2020 02:41

أحمد النجار (دبي)

أكد أطباء نفسيون أن اشتعال فتيل القلق وارتفاع منسوب الذعر لدى شرائح من المجتمع، يؤدي إلى نتائج عكسية وهواجس مرضية قد تسرّب الإحباط والهلع النفسي إلى وعيهم، ما يضعف درجة مناعتهم ومقاومتهم للأمراض والأوبئة، وقدموا خلال إفاداتهم لـ«الاتحاد» جرعات قوية من دواعي الطمأنينة وبثوا رسائل إيجابية إلى أفراد المجتمع، تهدئ من روعهم تجاه فيروس كورونا «كوفيد- 19»، مشيرين إلى ضرورة التقيد بالإرشادات الصحية وتعليمات الجهات الرسمية المختصة، لكونها تمثل «حصانة ذاتية» و«مناعة مجتمعية»، إلى جانب عدم الانسياق إلى الأخبار غير الموثوقة وتداول الشائعات حول الوباء أو الاستسلام لتخمينات البعض التي تضاعف من مستويات القلق لدى الكثيرين وتدفع إلى ردود أفعال سلبية.

قلق غير صحي
وحول أسباب القلق المجتمعي نتيجة انتشار الأوبئة، فسر د. أحمد عبدالعزيز النجار، أستاذ علم النفس في جامعة الإمارات، هذا القلق غير الصحي بهالة الغموض حول وباء «كورونا»، مشيراً إلى أن ارتفاع نسبة الشائعات والضخ اليومي للافتراضات والتخمينات والتوقعات، يساهم في إشعال فتيل الذعر إلى جانب الخيال الإنساني والتفكير السلبي الذي يؤدي إلى نتائج مروعة، معتبراً أن «كوفيد- 19» اجتمعت فيه عوامل باعثة للقلق الإنساني، بما أحدثه من رعب وضرر في الصين وإيطاليا وإسبانيا، وبدأ الناس يتأكدون أن هذا المرض ليس كأي مرض في العالم، ولعل هذا هو سرّ التخبط الذي ألهب مشاعر الخوف لدى الملايين. وأضاف النجار: المشكلة في انتشار الفيروس لا تكمن في شدته أو درجات فتكه بالإنسان، ولكن فيما يتطلبه الإنسان من حرص وتبديل في سلوكياته في فترة قصيرة حتى لا تحل كارثة، و(تغير سلوك فرد أو مجتمع) يعتبر خطوة صعبة على 95% من البشر رغم بساطته، لأن تغيير السلوك يحتاج إلى فترة زمنية لا تقل عن أسبوعين.

أولوية قصوى
وأوضح د. النجار أن القلق نوعان «صحي وغير صحي»، فالصحي هو قلق يدفع الشخص لاتخاذ إجراءات مفيدة كأخذ الحيطة والحذر واحترام الأنظمة والتعليمات وقواعد السلامة، أما القلق غير الصحي فيؤدي إلى الارتباك، فيفقد المرء بوصلة توازنه، لافتاً إلى أن النظام الصحي في الإمارات يبعث على ثقة عالية، إلى جانب حرص القيادة الرشيدة على إيلاء صحة وسلامة المواطنين والمقيمين أولوية قصوى، مع ضرورة التحلي بالإيمان بالقدر كونه حصانة ضد القلق غير الصحي، ويجب تقبل فكرة الانعزال والعزل في حال الإصابة بهذا الفيروس، والتعامل مع المحيطين بحذر وعدم معاداة الآخرين أو التذمر، والتأثر النفسي.
كما ينصح د. النجار، بضرورة اتباع الإرشادات الصحية وتعليمات قواعد السلامة التي اعتمدتها الجهات الرسمية المختصة، حول كيفية التعامل الأمثل مع الإصابات، واتخاذ الإجراءات الصحية للوقاية والامتناع عن الاختلاط والعناية الشخصية.

نشر التوعية
وترى د. نجاة الزبيدي اختصاصية الطب النفسي، أن الحل الأمثل للحد من وتيرة القلق هو المعرفة والتزود بأكبر حصيلة معلومات دقيقة، عن طريق المصادر الموثوقة، فليس كل من «عطس» مصاباً بفيروس كورونا، وليس كل شخص انتقلت إليه العدوى سيكون في عداد الوفيات، ولذلك يجب توخي الدقة والصحة في المعلومات، مشيرة إلى أن الإمارات تمتلك نظاماً صحياً قوياً أهّلها لاستقبال الكثير من الحالات من الدول الشقيقة لمساعدتهم في العلاج ورعايتهم في أجواء مثالية، وتقديم الدعم النفسي لهم. ولفتت إلى أن المسؤولية اليوم تقع عل كل فرد، سواء من خلال اتباعه الإرشادات والتعليمات الصحية وقواعد العناية الشخصية والالتزام بعدم الاختلاط والمصافحة وغيرها من السلوكيات، أو من خلال نشره للتوعية السليمة التي تبث الإيجابية حول هذا الوباء، والوقوف ضد الشائعات وعدم تداولها أو الترويج لها، وبدلاً من ذلك استثمار «السوشيال ميديا» في نقل رسالة إيجابية لدعم المصابين وأهاليهم.
وأضافت الزبيدي أن هناك بادرة أمل وبارقة تفاؤل كبيرة حول الوباء، خاصة أن الوفيات في الإمارات صفر، وهناك حالات شفاء بنسبة كبيرة، ونسبة المصابين قليلة مقارنة بالدول الأخرى، كما يجب أيضاً النظر إلى تجربة حكومة الصين التي تعد بؤرة هذا الوباء، وكيف استطاعت القضاء عليه وعودة الحياة إلى طبيعتها بفضل تكاتف شعبها وأبناء مجتمعها، منوهة بأن التعامل مع القلق يكمن أولاً بألا نجعل هذا الفيروس هاجساً يومياً، للسيطرة على القلق والتوتر، وفي حال الشك بأن فرداً من الأسرة يعاني بعض الأعراض، يجب التوجه به فوراً إلى المراكز الصحية لعمل الإجراءات اللازمة.

نتائج عكسية
ومن جانبه، قال د. علي العطية، استشاري نفسي، إن القلق هو رد فعل حقيقي يتم عبر حالات من التوجس يشعر بها الإنسان حين يداهمه خطر ما، وفي كثير من الأحيان يكون خطراً وهمياً، أو خطراً تخيلياً، ونحن نواجه وباءً عالمياً يثير قلق غالبية الناس، فإذا كانت للقلق حدود معقولة يكون رداً مفيداً، يجعل الإنسان في حذر، بحيث يتجنب المخاطر، سواء على شكل أمراض أو أوبئة، وعندما يصبح الخطر مرضياً يكون معيقاً للإنسان لدرجة شديدة.
وأشار العطية إلى أن القلق الزائد يصيب الشخص بالذعر ويؤدي إلى نتائج عكسية، بينما القلق الطبيعي في حدوده العادية يجعل الإنسان يتصرف بحذر، أما إذا تحول الخطر إلى ذعر غير مبرر، فإنه قد يشلّ قدراته ويضعف مقاومته ومناعته لمواجهة الخطر الحقيقي، وتختلف مخاوف الأشخاص بحسب عوامل وراثية أو ظروف محيطة أو أحداث حياتية، وكلها عوامل تؤدي إلى تفشي القلق، كما تلعب التربية دوراً في زيادة منسوب القلق في وعي الإنسان، فقد تغرس الأم القلق لدى أبنائها بالتعلم أو الوراثة.

توعية مضادة للشائعات
في خطوة لبث تطمينات إيجابية حول المرض، قال الاستشاري النفسي د. علي العطية، إنه لا يعد خطيراً، فنسبة الوفيات أقل من الإنفلونزا العادية، ولكن خطورته تكمن في سرعة انتشاره، الأمر الذي يشكل ضغطاً على الطاقة الاستيعابية للمرافق الصحية، وننصح الناس بعدم القلق، ولكن عليهم توخي الحيطة واتباع التعليمات الصحية وقواعد السلامة، مع ضرورة أن يساهم الجميع في تقديم الدعم المعنوي لمن يحتاجه، وتوظيف منصات «السوشيال ميديا» في نشر توعية مضادة للشائعات، وبث الإيجابية بين أوساط المجتمع.
ويضيف في حال إصابة أحد أفراد الأسرة بالفيروس، يجب البدء بإبلاغ الجهات المختصة لضمان سلامته، وعدم تعريضه لوسائل الإعلام التي قد تنشر معلومات غير دقيقة، مع ضرورة الاعتماد على الجهات الرسمية المختصة لتجنب إثارة الذعر، إضافة إلى توخي الحيطة والحذر بعدم ملامسة الشخص المصاب، إلا بعد ارتداء الألبسة الوقائية، وتجنب التقبيل والعناق، واختصار زيارات المصابين.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©