الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السودان.. "الاتحاد" في ساحة الاعتصام.. مشاهد بلون النضال وطعم الفرح

السودان.. "الاتحاد" في ساحة الاعتصام.. مشاهد بلون النضال وطعم الفرح
16 ابريل 2019 00:48

علي فارساب (الخرطوم)

كتب الاعتصام الاحتجاجي أمام وزارة الدفاع في الخرطوم صفحة جديدة من تاريخ السودان. وكان للاعتصام قصص، لم يعط تدافع الأحداث السريع وقتاً لروايتها. ورصدت «الاتحاد» عبر وجودها بين المعتصمين مشاهد بعيدة عن البيانات الرسمية وزخم الاحتجاج. تحولت ساحة الاعتصام عبر 9 أيام إلى ملتقى للسودانيين. وأصبح كل ما يحتاجه الشخص موجوداً في محيط وزارة الدفاع بالخرطوم، بل أصبح الاعتصام برنامجاً يومياً مملوءاً بالحيوية، مما جعل البعض هنا يكشف عن قلقه إزاء فض الاعتصام، لأنه أصبح نمط حياة.. مياه الشرب برغم ارتفاع الحرارة لم تكن مشكلة بل كانت متوافرة بكميات كبيرة، عبر براميل بها ثلج، وعبر سيارات مياه معدنية. ويوجد داخل الاعتصام أفراد يلبسون سترات باللون البرتقالي يجمعون المبالغ لشراء المياه في حال نفادها، الأشخاص أنفسهم يسألون الخارجين من مكان الاعتصام ما إذا كان يملك تكلفة مواصلاته، كما يوفرون للمعتصمين بطاريات «باور بانك» لهواتفهم الجوالة في حال إغلاقها أو سماعات حال الاحتياج. أصحاب «السترات البرتقالية» كانوا بمثابة المنظم و«ترمومتر» الاعتصام، فقد نجحوا عبر التنظيم الجيد والتعاون مع المعتصمين في توفير الطعام الجيد وبكميات كبيرة، بل ظهر مشاركون يقومون بإرسال رسائل نصية أو عبر «التواصل الاجتماعي» للمعتصمين حول أصناف الطعام التي يفضلونها. وكتب أحد المشاركين في الاعتصام عبر حسابه في «فيس بوك» ساخراً: «رجعت بيتنا لقيت ملاح (طبيخ) رجلة، طوالي (على الفور) رجعت القيادة (ساحة الاعتصام)». وكتب آخر: «هنا تتوافر وجبات فاخرة وحتى السجائر، ورصيد وشحن للهاتف.. ليس هناك سبب مقنع لعودتي لبيتنا».
شاي المغرب كان حاضراً أيضاً، فغالبية ربات المنازل كن يحضرن لساحة الاعتصام مع (سرامس) الشاي مع الكيك والبسكويت. ولعل المشهد الإنساني اللافت هو تحول ساحة الاعتصام إلى ساحة جديدة للتعارف والصداقات ولم تنحصر على المعتصمين بل تجاوزتها لمنسوبي القوات المسلحة السودانية، حيث كان المعتصمون والجنود ينامون على بساط واحد ويتناولون شاي الصباح من (سيرمس) واحد وحتى البسكويت يقسمونه بينهم. وتكوين تلك الصداقات لم تُنْسِ المعتصمين أصدقاءهم المغتربين بالخارج فكانوا يحرصون على كتابة ورقة تحمل عبارة: «أنا بدلاً عن صديقي (فلان)، وأنت معانا في الاعتصام».
من المفارقات أن الاحتجاجات أكملت 9 أيام، ولم تسجل بلاغات لجرائم للسرقة أو ضرب، فضلاً عن انعدام حالات التحرش. وتحول محيط القيادة (مكان الاعتصام) إلى عالم كامل، تأمينه عالٍ جداً، حيث يقوم فريق من المعتصمين بمهمة التفتيش بجهاز الفحص كتلك المتوافرة في المطارات والشركات والمصارف ونقاط التفيش، ولم يقتصر التأمين على التفتيش فحسب بل كانت هناك «متاريس» لحماية المعتصمين من دخول (غارات) سيارات جهاز الأمن عند ساعات الفجر. عند دخول المعتصم بأي طريق من الطرق المؤدية للقيادة يجد أفراد فرق الفحص الأمني يرددون شعارات مقرونة بابتسامة: «التفتيش بالذوق، ارفع يدك فوق، تأمين لأخوك». كذلك كانت هناك عيادات في أماكن متفرقة لمعالجة الحالات الطارئة، ونقل الإصابات الخطيرة إلى أقرب مشفى على متن سيارات إسعاف يوفرها الجيش وخصصها لذلك.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©