الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

عزيز شواكي.. الرحيل الأخير

عزيز شواكي.. الرحيل الأخير
19 ابريل 2019 02:33

أحمد عثمان (باريس)

توفي الشاعر والمسرحي الجزائري عزيز شواكي في منفاه بفرنسا عن عمر يناهز الـ67 عاماً.
فجأة، شخصياته تنبجس، تنهض، تتمرد، ترقص وتحلم. لا تخاف المتطرفين وفظائعهم، التي دفعته إلى الهجرة والاستقرار في فرنسا منذ عام 1991. ولكن، هذه المرة مع وفاته، لن ترحل في أحواض المراكب أو الزوارق في عرض البحر المتوسط في اتجاه الغرب المتخيل. لا تتحدى البحر وإنما كل شيء.
منذ 22 فبراير، بدء المظاهرات في الجزائر، أخذ يتابع أحوال بلاده، التي غادرها بعد أن وضع الإرهابيون اسمه على قوائم الاغتيال. في ضاحية باريسية، تابع المنفي ما يجري في الشارع الجزائري: «شخصيات تكتب التاريخ». في نفس الوقت، كان يقرأ لأساتذته، كما يقول، جيمس جويس، غوستاف فلوبير أو خورخه لويس بورخيس، عاكفاً على كتابة سيرته الذاتية: «كان جيمس جويس يقف على كتفيه وقتما يكتب. كان يسكن قلبه»، هكذا قالت زوجه ياسمين شواكي.
كانت الجزائر واقعة تحت براثن الحكم الاستعماري الفرنسي، عندما ولد في عام 1951، في بلدية «تيزي راشد». أنجبت هذه البلدية القبائلية وجوهاً معروفة شاركت في حرب الاستقلال مثل المناضل علي ليميش، ودفعت ثمناً باهظاً خلال الحرب. أقام عزيز مع والدته، معلمة اللغة الفرنسية، في العاصمة الجزائرية. كانت تقرأ له قصص شارل بيرو، بالفرنسية والأمازيغية: «هوذا أول اتصال لي مع الأدب»، ومنذ مراهقته التي انقلبت رأساً على عقب عند اكتشافه للروائي الإيرلندي جيمس جويس.
في مدينته التي أسماها «بويستري»، وهو عالمه الأدبي/‏ الفني، هناك أيضاً الموسيقى، الجاز والروك، وأحياناً «الشعبي» الذي كان يسمعه في صالات الجزائر، حيث يمكن للمرء الكلام عن الثقافة والبيتلز ومايلز ديفيس والفلسفة. في روايته الأولى «بايا، رابسوديا جزائرية» (1988)، التي أعيد نشرها في باريس بعد ثلاثين عاماً (مطبوعات بلو أوتور)، يتبدى أسلوبه الموزون، الحاد والمتفجر، الغريب، وأحياناً الفظ ولكن ليس السوقي. إذ يكتب عزيز كما يتحدث هؤلاء الشباب من ساكني الأحياء الفقيرة في العاصمة. تحت قلمه، كلماتهم تتغير، استعاراتهم تصبح شعراً: «هذه طريقة شخصية للغاية ينتهجها لكي يجعل الكلمات ترقص، والتراكيب تترنح. هذه المهارة في خلق الصور بالكلمات، والتأثر بعنف العالم وإضحاكنا. لديه شيء من رابليه أو سيلين. لغته تفجر الواقع»، كما قال جون-لوي مارتينللي، مدير مسرح آماندييه في نانتير، الذي عرض ثلاثة من نصوصه على خشبته.
عزيز شواكي، كاتب غزير الإنتاج، وكذا منعزل، يهرب من الاجتماعيات، ويكره كل الرواسم المقللة من شأن «الكتاب العرب». مع إقامته في فرنسا، رفض عروضاً كثيرة من كبار الناشرين الباريسيين، رافضاً أن يقوم بدور الجزائري الهارب من الإرهاب. وهي بضاعة رائجة لم تزل هذه الدور «تلعبها» حتى هذه اللحظة مع كتاب أقل شأناً. كان يرى، خطأ أو صواباً، بضرورة عدم الدخول إلى «القالب»، كان، فعلًا، حراً ومختلفاً. ومع ذلك، ينظر إليه على اعتبار كونه أحد كبار الكتاب الجزائريين المعاصرين.
لم يكن عزيز شواكي من هواة السفر والترحال. كان يفضل الذهاب إلى «أفينيون» من أجل مهرجانها، مع صديقه أوفناتان آفيديكيان، مخرج مسرحيته «أوروبا» (اسبيرانزا)، التي تدور عن المهاجرين المشردين، وسوف يعاد عرضها في مهرجان أفينيون القادم، خلال العام الحالي.
من نصوصه: مسرحية «حبات البرتقال» (1997)، التي تسطر تاريخ الجزائر بدءاً من عام 1990، والتي أصبحت علامة معتبرة في تاريخ المسرح الفرنكفوني. رواية «نجمة الجزائر» (2011)، المترجمة لعدد من اللغات، بطلها موسى ماسي يحلم بأن يكون مايكل جاكسون الجزائر قبل أن يصبح متطرفاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©