الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

محمد بن زايد.. فلسفة الريادة.. وعشق الإبداع

محمد بن زايد.. فلسفة الريادة.. وعشق الإبداع
20 ابريل 2019 00:01

أمين الدوبلي (أبوظبي)

قبل 12 عاماً لم يكن هناك أحد في الإمارات، أو في المنطقة العربية بأسرها، يعرف الكثير عن رياضة الجو جيتسو.. ولم يكن أحد، باستثناء صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يتخيل أن تصبح أبوظبي قبلة هذه الرياضة، وعاصمتها العالمية، وموطن الإبداع والتميز فيها.. حيث آمن سموه بها، وبقيمها ومدى تأثيرها الإيجابي على الأجيال الجديدة، ودورها الإيجابي في بناء شخصيتهم، ورفع معدلات ثقتهم بأنفسهم، وتعزيز قيم الصبر والتحمل والشجاعة، وتنمية مهارات القيادة والتركيز لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب. كان سموه - ومازال - يؤمن بأنه لا مجال للمستحيل في احتلال قمة الهرم الرياضي بإحدى الرياضات، لأن الإمارات تستحق «الرقم واحد»، وتعشق المركز الأول، وتملك مؤهلات الإبداع، وتؤمن بقدرات أبنائها وتمنحهم كل الفرص، وتملك الإرادة والرغبة في تمكين الشباب والاستثمار في الأجيال الجديدة.. ومن هنا جاءت نقطة البداية.. من خلال مبادرة سموه، الرائدة والأولى من نوعها في العالم، باعتماد رياضة الجو جيتسو ضمن المنهج الدراسي في إمارة أبوظبي عام 2008 تحت اسم برنامج محمد بن زايد آل نهيان للجو جيتسو المدرسي، وفي هذا العام دخلت اللعبة 14 مدرسة، ومارسها 6 آلاف لاعب، و1000 لاعبة.

كان عام 2008 عاماً مفصلياً في تاريخ «فن الترويض»؛ لأنه العام نفسه الذي شهد ميلاد فكرة بطولة أبوظبي العالمية لمحترفي الجو جيتسو التي انطلقت نسختها الأولى في أبريل من العام التالي وأقيمت في مجمع التنس بمدينة زايد الرياضية.. ويمضي قطار التميز مع برنامج نشر وتطوير اللعبة في دار زايد، فيرتفع عدد المدارس إلى 42 مدرسة، ويزيد عدد الطلاب والطالبات إلى 20 ألفاً، منهم 16 ألف لاعب، و4 آلاف لاعبة، ثم 22 ألفاً في عام 2011، و28 ألفاً في عام 2012، و34 ألفاً في عام 2013، و42 ألفاً في عام 2014، و52 ألف طالب وطالبة اليوم بـ 167 مدرسة في أبوظبي والمناطق الشمالية، وقد أصبح هذا المشروع هو الأفضل عالمياً باعتراف الاتحاد الدولي في نشر وتطوير اللعبة، والكشف عن المواهب في سن مبكرة، ومعه أصبحت الإمارات الأولى عالمياً في فئتي الناشئين والشباب، بحساب الميداليات والإنجازات ببطولة العالم مارس العام الماضي، بحصد 32 ميدالية ملونة.
وعندما سئل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، عن أسباب اختيار سموه لرياضة الجو جيتسو ودعمها، كانت ردود سموه واضحة لا لبس فيها، حيث أكد سموه أن اختيار هذه الرياضة جاء بعد دراسات كثيرة، وبحث طويل، لأنها رياضة تعلم الأجيال الانضباط، وتسهم في بناء جيل قوي، والقيادة الرشيدة عندما وضعت مبدأ الاستثمار في أبناء الوطن ضمن أولوياتها ركزت على جانبين مهمين، الأول هو تطوير التعليم كي تكون مخرجاته متناسبة مع المعايير الدولية، والثاني هو الاهتمام بالبناء البدني والذهني لهم، بحيث يكون المواطن الإماراتي قوياً، حيث إن «العقل السليم في الجسم السليم»، مشيراً سموه إلى أن الأوطان ليست بالكثافة السكانية، ولكنها بكفاءة مواطنيها، وجودة تكوينهم العقلي والبدني.
وأكد سموه أن تحديات المستقبل تتطلب مواطناً قوياً، يحافظ على صحته من خلال الرياضة، وينتهج أسلوب حياة صحياً يوازن بين العمل والرياضة، وعلى ضوء تلك المعطيات تمت دراسة العديد من الرياضات وتجارب الكثير من الدول فيها، وتم التوصل إلى رياضة الجو جيتسو لاعتبارات كثيرة، أهمها ارتباطها بالكثير من القيم من بينها الانضباط والثقة بالنفس، والتركيز، واحترام المنافس، والعمل في فريق، والشجاعة.
ولم يتوقف دعم سموه لرياضة الجو جيتسو عند إطلاق المشروع فقط، بل كان متواصلاً وملهماً عاماً بعد عام، بالمتابعة والتوجيهات والحضور والاستقبالات والمبادرات، ولن ينسى أحد حرص سموه على حضور عدد من البطولات التي استضافتها أبوظبي منذ تأسيس بطولة أبوظبي العالمية للمحترفين عام 2009، وتفاعل سموه الكبير مع النزالات والفرح بفوز أبطال الإمارات والاحتفاء بهم بعد كل البطولات المهمة.


ولن ينسى أبطال الإمارات يوماً، حرص سموه على التحدث معهم حينما شاركوا في دورة الألعاب الشاطئية الآسيوية بمدينة بوكيت عام 2014، والتي تصدر فيها أبطال الإمارات المشهد وحصدوا 9 ميداليات، منها 4 ذهبيات وفضيتان، و3 برونزيات، وذلك في أول بطولة آسيوية يشارك فيها المنتخب، ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل كانت الفرحة الحقيقية لهم جميعاً عندما استقبلهم سموه وشد على أيديهم، وأكد لهم أن المشوار مازال طويلاً، وأن التحديات كثيرة، فكانت كلمات سموه حافزاً ودافعاً لهم جميعاً في كل البطولات الرسمية التالية، سواء كانت قارية أو عالمية، وهو الأمر الذي شجع أولياء الأمور على الدفع بأبنائهم في تلك الرياضة.
الاحتفاء بالأبطال لم يكن للاعبين الكبار فقط، ولكنه امتد للاعبين واللاعبات الصغار، ففي العام نفسه 2014 كانت أول بعثة لأبناء الإمارات الصغار قد شاركت في بطولة أميركا الوطنية بمدينة لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية، والتي مثل الدولة فيها 48 لاعباً ولاعبة من طلائع برنامج الجو جيتسو المدرسي، ونجحوا في حصد 45 ميدالية في هذه البطولة، وحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على استقبالهم مع أولياء أمورهم، وتهنئتهم بالإنجازات لتبقى هذه اللحظات النادرة في ذاكرتهم جميعاً، وتدفعهم للعطاء والتدريب والعمل والاجتهاد في التدريبات، وهو الأمر الذي جعل أولياء الأمور يقفون خلف أبنائهم الصغار، ويدعمونهم في التدريبات والبطولات، مع متابعة نتائجهم أولاً بأول، في الرياضة والدراسة بنفي درجة الاهتمام، استجابة لتأكيد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أن الرياضة وحدها لا تكفي، وأن التميز في التعليم هدف كبير في حد ذاته يجب ألا يلغيه أي هدف آخر مهما كانت قيمته.
كان لانتشار صورة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان مرتدياً شعار الجو جيتسو مفعول هائل لدى كل عشاق هذه الرياضة، حيث شعروا جميعاً بقيمة هذه اللعبة، وساهمت تلك الصورة في تحقيق المزيد من تطور وانتشار اللعبة ودخولها لكل البيوت، وبعد أن تفاعلت المدارس مع الجو جيتسو من خلال البرنامج المدرسي، اقتحمت اللعبة الأندية لتقوم بدور أجنحة الاتحاد في الدعم والرعاية والتطور، كما دخلت اللعبة العديد من مؤسسات الدولة، منها القوات المسلحة والشرطة، نظراً لقيمتها الكبيرة في المحافظة على لياقة كل ممارسيها الذهنية والصحية، وأصبح كل لاعب إماراتي يرتدي شعار الجو جيتسو يشعر بقيمته.. ولِمَ لا فقد وجدوا في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان القدوة والمثل لهم في ذلك عندما انتشرت تلك الصورة.
وبعد الاهتمام باللاعبين واللاعبات وأولياء الأمور.. وبداية من النسخة السابعة من بطولة أبوظبي العالمية للمحترفين عام 2015، حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على استقبال الرعاة والداعمين لهذه الرياضة مع الأبطال الذين حصدوا الميداليات، واعتلوا منصات التتويج، وكانت تلك رسالة قوية لتحفيز الرعاة على الوقوف خلف هذه الرياضة، ودعم منتسبيها، ومن هنا كان السباق لتوقيع اتفاقات الشراكة والتعاون مع الاتحاد، لتكسب اللعبة أرضاً جديدة، وتسهم أكثر في بناء الأبطال، وتتجاوز معنى الرياضة لتصبح ثقافة مجتمع، تجمع الأسرة مع اللاعبين والمسؤولين والمؤسسات الوطنية خلف هدف واحد، وتصب كلها في مصلحة تطوير اللعبة.


وتابع صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان النسخة الثامنة من بطولة أبوظبي العالمية للمحترفين عام 2016 التي شارك فيها لاعبان من أصحاب الهمم، وقد تفاعلت الجماهير مع النزال الخاص بهما، والنزالات الأخرى التي شاركوا فيها مع الأسوياء، ولأن سموه رمز الإنسانية والتسامح، فقد حرص على استقبالهما مع أبطال الإمارات الفائزين بالمراكز الأولى ومسؤولي الاتحاد الدولي، وكانت لفتة طيبة من نهر العطاء، فكان ذلك شارة البدء للجنة المنظمة للبطولة بالسماح لمشاركة فئة «الباراجو جيتسو» في النسخة التاسعة، وحضور عدد كبير من أصحاب الهمم جنباً إلى جنب مع الأسوياء، لتصل الرسالة إلى الجميع بأن اللعبة ليست فقط من أجل الفوز والتتويج، ولكن الرياضة من أجل الحياة وإسعاد البسطاء الذين حرمتهم الظروف من ممارسة هوايتهم المفضلة.
وعندما علم سموه بأن اللاعب البرازيلي أنطونيو كايكي ابن مدينة كويابا في أقصى غرب البرازيل، يقوم بجمع التبرعات ويبيع الماء في الطرقات، لتدبير تكاليف تذكرة السفر من أجل المشاركة في عالمية أبوظبي أبريل الجاري، وجّه سموه بتحقيق حلم أنطونيو واستقدامه للمشاركة في البطولة مع تحمل تكاليف استعداداته الكاملة وسفره، وإقامته ومشاركته في مونديال الجو جيتسو، كما وجّه سموه أيضاً باستقدام اللاعب البرازيلي الكفيف لياندر كايو دي ليما الذي شارك في نزالات أبوظبي جراند سلام بجولة «ريو دي جانيرو»، وقد أكد اللاعب أن الجو جيتسو أعادت له الابتسامة وزرعت في نفسه البائسة بذور الأمل.
وفي نوفمبر من العام الماضي، كانت مشاركة بطلنا العالمي الصاعد عمر الفضلي في بطولة العالم بمدينة مالمو بالسويد ناجحة، حيث توج الفضلي بذهبية 62 كجم، وكانت تلك الذهبية هي الأولى للاعب غير فيصل الكتبي على هذا المستوى، وقد حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان على استقبال الفضلي بعد البطولة مباشرة في قصر البحر، وتهنئته على الإنجاز العالمي، وكان لهذا الاستقبال مغزى ومعنى لعمر وكل أبطال الجو جيتسو، ولا سيما أن البطولة من منافسات العيار الثقيل، حيث لم يشارك فيها إلا الكبار من الأبطال المصنفين عالمياً، وقد نجح الفضلي في التعبير عن نفسه بشكل فاق كل التوقعات، ونتيجة لهذا الاستقبال، حصل الفضلي على الدافع المعنوي الكبير الذي جعله يفوز بذهبية أبوظبي جراند سلام وذهبية لندن جراند سلام، وهو يتجه بخطى ثابتة للتتويج بالذهبية في عالمية أبوظبي والحصول على المركز الأول في التصنيف العالمي للموسم الجاري باحتفالية السجادة الحمراء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©