عدد اليوم
أزهار البياتي (الشارقة)
تعتبر منطقة مليحة في إمارة الشارقة واحدة من أهم المناطق الحضارية والسياحية في المنطقة، حيث تعود آثارها وإرثها التاريخي إلى آلاف الأعوام، لتكون هي أيضاً شاهداً على أنشطة بشرية وحقب تاريخية مضت، عمرها قد يتجاوز القرن ونصف القرن، محتضنة بين هضابها وكثبانها الرملية مجموعة من الكهوف والمدافن والآثار التي تعد من أهم الكنوز الحضارية، راسمة صوراً خالدة لأصالة المكان وثرائه إنسانياً، ثقافياً، وحضارياً.
علماء فرنسيون
يوجد بالقرب من شمال نهاية جبل الفايه، موقع تم اكتشافه في الثمانينيات من قبل مجموعة علماء آثار فرنسيين، وقد كان يطلق على الموقع قبل اسم «بي 15». وبسبب الفيضان الذي حدث في المنطقة نتيجة الأمطار الغزيرة عام 2005، تم الكشف عن مدفونات من العصر الحجري الحديث موجودة في الحافة الشمالية للموقع، وقد رصد فريق الآثار من إدارة الآثار في الشارقة هذه المدفونات، ليبدأوا عملية استكشاف المنطقة، حيث كشفت جهودهم منذ ذلك الوقت عن وجود مقبرة ومنطقة سكنية في الموقع.
ويوفر موقع فاي- إن إي 15 العديد من المعلومات عن قدوم البشر في العصر الحجري المبكر إلى هذه المنطقة بالتحديد وطريقة عيشهم فيها. كما دلت القشور الكلسية البيضاء التي عثر عليها في الموقع على وجود أثار من كربونات الكالسيوم، مما كشف عن وجود الربيع في وقت مضى في هذا الموقع «بفضل المناخ الرطب في العصر الحجري الحديث»، وأن هذه المنطقة غنية بالمواد الخام اللازمة لصنع الأدوات الحجرية.
ويعتبر المنحدر الشمالي الشرقي من جبل الفايه مصدراً مهماً لحجر الصوان، فهو حتى هذا اليوم لا يزال يحتوي على منطقة صوانية. ومن المرجح أن سبب هجر السكان لموقع «فاي - إن إي 15» يعود إلى أنّ المناخ أصبح أكثر جفافاً في نهاية الألفية الخامسة قبل الميلاد، مما جعل عملية العثورَ على الماء والمرعى أكثر صعوبة.
عظام حيوانات
واعتمدت الحياة في العصر الحجري الحديث بشكل أساسي على تربية الحيوانات، ولذلك عندما كشفت الحفريات في الموقع عن وجود عظام حيوانات من الأبقار والخراف والكلاب، كان ذلك دليلاً يثبت أنّ هذا الموقع يعود إلى العصر الحجري الحديث، كما كشفت الحفريات للمنطقة السكنية عن وجود العديد من مواقد النار، ما يرجح أن السكان في هذه المنطقة لم يستخدموا الفخار للطبخ، بل كانوا يعتمدون على شي اللحوم.
لم يهتم السكان في العصر الحجري الحديث بالزراعة، وكانوا يستخدمون النباتات البرية في طعامهم. ولذلك، من المثير للاهتمام اكتشاف العديد من أحافير النخيل في طبقات العصر الحجري الحديث في موقع «فاي - إن إي 15»، وهذه الأحافير هي عبارة عن شوائب معدنية في أوراق بعض النباتات المحفوظة في التربة بعد تحلل النبتة، ويعد هذا الاكتشاف في هذا الموقع دليلاً على أنه قد وجدت أشجار نخيل بالقرب منه، على الرغم من أنه ليس واضحاً ما إذا كانت هذه الأشجار هي أشجار نخيل التمر أم نخيل مزاري، فكلاهما له ثمارٌ صالحة للأكل، وتعتبر مادة غذائية مهمة لسكان المنطقة في ذلك العصر الحجري الحديث.
