الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هنا استونيا.. عندما ينطلـق آذان المغرب 9:30 مساء

هنا استونيا.. عندما ينطلـق آذان المغرب 9:30 مساء
19 مايو 2019 04:11

طه حسيب (الاتحاد)

أثنت الأستاذة «ليا محموتوفا» رئيسة اتحاد المرأة المسلمة لدول البلطيق منذ عام 2012، رئيسة لجنة العلاقات الخارجية في الجمعية الإسلامية الإستونية، على جهود دولة الإمارات في دعم اتحاد المرأة المسلمة في جمهوريات البلطيق. الجمعية تُعد الجهة التي تمثل المسلمين أمام الحكومة الإستونية، وهي مسجلة لدى وزارة الداخلية الإستونية، قسم شؤون الأديان، وهي معنية بتوثيق حالات الزواج والطلاق، وتمثيل الجالية المسلمة رسمياً أمام الحكومة الإستونية وأيضاً في الخارج. وأشارت «ليا» إلى أن أيادي الإمارات البيضاء تظهر في دعم مشروع الجمعية الإسلامية الإستونية، من خلال مشروع إفطار صائم ومشروع تسيير الحج، حيث تقدم الإمارات منذ عدة سنوات جهوداً خيّرة لتسيير المشروعين.
وعن اتحاد المرأة المسلمة لدول البلطيق الذي تترأسه «ليا»، فإن مهمته تتركز على حل مشاكل المرأة المسلمة، خاصة ما يتعلق بتربية الأطفال والتواصل الإيجابي مع المجتمعات المحلية ومقاومة خطر العزلة. وعدم الاندماج في هذه المجتمعات، والمبادرة بكل ما يمكن تقديمه للمرأة من مساعدة.

حرية الأديان في العملاق الرقمي
إستونيا ثالث جمهوريات البلطيق مع لاتفيا وليتوانيا التي كانت جميعا ضمن أراضي الاتحاد السوفييتي السابق. انضمت إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004. تحدُها روسيا من الشرق ولاتفيا من الجنوب. ومن باقي الجهات بحر البلطيق. وهي بلد صغير، مساحته 54227 كيلو مترا مربعا، ولا يتجاوز تعداد سكانه المليون ونصف المليون نسمة. ويتمتع باستقرار بناه الاجتماعية ونظامه السياسي، ودستوره يؤكد على حماية حرية الأديان.
ويعتبر الروس أكبر أقلية في البلاد ويشكلون أكثر من 30% من تعداد السكان. أما المسلمون فلا يتجاوز عددهم 10 آلاف شخص. وهم ينحدرون من أعراق مختلفة لكن الأغلبية من أصول تترية. وقد كانت إستونيا ضيف شرف النسخة الأخيرة من القمة العالمية الحكومات في دبي فبراير الماضي، وذلك لأنها تتصدر العالم في مجال التحول الرقمي والخدمات الحكومية الذكية، وتشكل مركزاً عالمياً لقطاعات وشركات التكنولوجيا.

أول جمعية إسلامية
الجمعية الإسلامية الإستونية هي أول جمعية إسلامية في البلاد سجلت عام 1928م في مدينة نارفا. وشيد المسلمون مسجدهم ومدرستهم الإسلامية ولكن راح المسجد وجميع أوقاف المسلمين مع تدمير مدينة نارفا بكاملها أثناء الحرب العالمية الثانية. ورحل جميع سكان نارفا إلى تالين العاصمة الحالية لإستونيا. وبعد استقلالها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي السابق أعاد مسلموها عام 1994تسجيل جمعيتهم، وضمت آنذاك شعوباً إسلامية أخرى: الأوزبك، القرغيز، الآذريين والقازاخ الذين سكنوا إستونيا. ومبنى المركز الإسلامي مملوك لشخص ولدى الجمعية الإسلامية في إستونيا حق استخدامه فقط، فليس لدى مسلمي إستونيا وقف أو مكان خاص بالمسلمين، ولا يزال القائمون على الجمعية الإستونية يسعون للحصول على مكان خاص بهم.

أقل من 1%
عدد مسلمي إستونيا في تزايد مستمر. وبالإضافة إلى مسلمي إستونيا الأصليين (التتار، الآذريون، الأوزبك، القازاخ والقرغيز.. إلخ) الذين عددهم من ثمانية إلى عشرة آلاف، من إجمالي مليون و340 ألف نسمة، أي نسبتهم تقل عن 1% من أجمالي سكان البلاد، وهناك عدد لا بأس به من الطلبة يأتون من آسيا وأفريقيا للدارسة في إستونيا بشكل سنوي وأغلبهم يبقون للعمل هنا. واستقبلت إستونيا 200 لاجئ من سوريا بالإضافة إلى بعض الوافدين من الدول العربية لأجل العمل، أو ظروف عائلية. الجمعية الإسلامية الإستونية، عضو المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة الذي تأسس في أبوظبي في مايو 2018 ويتخذها مقراً له.

حضور مبكر
احتفلت الجمعية الإسلامية الإستونية، في 25 أبريل عام 2018 بمرور 90 سنة على تأسيسها، (عام 1928) بينما احتفلت إستونيا بمرور 100 عام على تأسيسها، حضر الاحتفال ممثلو جميع الأديان، المسيحيون حضروا بمختلف طوائفهم، كاثوليك، بروتستانت وأرثوذوكس، وحضر ممثل عن الجالية اليهودية، وشارك فيها رؤساء مراكز إسلامية من دول أوروبية مجاورة، وشارك فيه مسؤولون من أوروبا خاصة ومن جميع أنحاء العالم.. الاحتفال تضمن مداخلات. حول ضرورة الحوار، والإشادة بنموذج الحوار الذي تقدمه إستونيا، حيث يعيش أتباع الديانات على أسس من التفاهم والقيم الإنسانية الراقية.
وحسب «ليا»، فإن أغلب المسلمين في إستونيا يتركزون في العاصمة تالين. والأجواء الرمضانية تظهر من خلال المركز الإسلامي الوحيد في العاصمة، وهو المبنى تم شرائه وتحويله إلى مقر للمركز، الذي يعد الوحيد من نوعه في العاصمة. وفي رمضان يقدم المركز إفطاراً لـ200 شخص من جنسيات مختلفة، وبعدها يؤدون الصلاة.

الليل القصير
وعن الأجواء الرمضانية في إستونيا، تقول «ليا»: الليل قصير جداً في الصيف قرابة 5 أو 4 ساعات، وفي صلاة التراويح، يكون أمام المسلمين فترة قصيرة لأداء الصلاة ثم تناول السحور كي يتسنى لهم الرجوع إلى منازلهم. صلاة الفجر في الثالثة صباحاً، والمغرب في الساعة التاسعة والنصف مساء. وتتم دعوة مسؤولين حكوميين للمشاركة في حفل الإفطار الرسمي الكبير، وذلك بحضور سفراء من دول مجاورة مثل روسيا، ومن دول أخرى مثل الولايات المتحدة، ويرون بأنفسهم عادات المسلمين في الشهر الفضيل.
المركز مفتوح للجميع، ويشارك في الفعاليات يعمل على مدار 24 ساعة في شهر رمضان. وبالنسبة للمساجد الأخرى يوجد في مدينة ماردو- القريبة من العاصمة- مركز إسلامي وتقام فعاليات رمضانية بإفطار الصائمين وصلاة التراويح ومحاضرات دينية طوال الشهر الفضيل. هناك مدينتا نارفا وكوهتلايارفي، لديهما مساجد ومراكز يؤدي فيها المسلمون صلواتهم ويتناولون فيها إفطارهم.

التعايش السلمي
وترى «ليا» أن من محاسن إستونيا وجود حالة من التعايش السلمي بين أبنائها، وخاصة المسلمين وغيرهم من أتباع الديانات الأخرى، والسبب في ذلك يعود إلى الاحترام المتبادل بين المسلمين وأتباع الديانات الأخرى في البلاد، والذي تراكم بسبب وجود الجالية الإسلامية منذ قرون، وما أنجزته في بناء المجتمع وتطويره، ولم تحدث أي مشاكل من قبل المسلمين، ولم تنشب توترات بينهم وبين غيرهم. وأكدت «ليا» أن الجالية المسلمة حافظت على سمعتها الطيبة، وحازت ثقة أبناء الوطن الواحد. لذا من الأمور المهمة توعية الوافدين إلى إستونيا من المسلمين بضرورة المحافظة على السمعة الطيبة والمبادرة في تنمية وتطوير المجتمع والمشاركة الإيجابية فيه، والتحلي بالمسؤولية تجاهه، فكل مسلم في بلاد الغرب سفير أمته ويمثل صورة حية لدينه شاء أم أبى.

«ليا محموتوفا» وأنشطة البلطيق
تشغل الأستاذة «ليا محموتوفا» منذ عام 2003 منصب رئيسة العلاقات الخارجية، وعضو مجلس الإدارة بالجمعية الإسلامية الإستونية، وهي عضو الأمانة العامة للمؤتمر الأوروبي الإسلامي منذ 2006، ورئيسة اتحاد المرأة المسلمة لدول البلطيق منذ2012. وقدمت مجموعة من أوراق العمل المتخصصة في مؤتمرات وندوات تتعلق بدور المرأة المسلمة في المجتمعات الأوروبية وأهميتها في نشر الوسطية والاعتدال والحوار بين الأديان.
حصلت على الماجستير في الفقه وأصوله من جامعة الرياض للبنات بالمملكة العربية السعودية (جامعة الأميرة نورا بنت عبدالرحمن حالياً) عام 2008، وتحمل من الجامعة ذاتها شهادة البكالوريوس في التربية والآداب، تخصص الدراسات الإسلامية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرفة عام 2002. وفي الجامعة ذاتها درست عام 1998 اللغة العربية بمعهد تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وتخرجت فيه بتقدير ممتاز، وبعد أن أتمت المرحلة الثانوية في روسيا الاتحادية عام 1996 درست خلال العام نفسه بالمعهد الشرعي للدعوة والإرشاد في العاصمة السورية دمشق.
وتجيد «ليا محموتوفا» اللغة الروسية والعربية والتركية والإنجليزية والتترية والإستونية، وهي مديرة ومؤسسة مدرسة الألف للثقافة واللغة العربية منذ 2017، ومديرة ومؤسسة مدرسة النور للثقافة واللغة التتارية منذ 2015، ويتمحور عملها في تعليم وإرشاد النساء والفتيات، وإلقاء المحاضرات في الجامعات وعمل الندوات واللقاءات بين طوائف المجتمع المختلفة في إستونيا وجمهوريات البلطيق بهدف التعريف بالإسلام، وتخصص جزءاً من وقتها لتصحيح النصوص المترجمة والتأليف من الناحية الشرعية، فلديها كتب قامت بترجمتها من اللغة العربية إلى اللغة الروسية مثل (أثر الذنوب والمعاصي على الفرد والمجتمع )، وألفت كتاب (مفهوم الحوار في القرآن)، و(الضيف الذي ينتظره كل مسلم)، كما حررت وراجعت كتاباً يحمل عنوان (الأركان الخمس) وحررت كتاب (ماذا عليك أن تعرف عن الإسلام) الصادر باللغة الإستونية. وتسعى «ليا» إلى إيجاد وتقوية العلاقات مع مؤسسات اجتماعية مختلفة داخل إستونيا وأيضاً خارجها، وتقوم بالإشراف على دورية «السلام» وهي الجريدة الإسلامية البلطيقية الشهرية التي تصدر عن المركز الثقافي الإسلامي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©