الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مغامرات الرحالة ألكسندر هومبولت في الطبيعة

مغامرات الرحالة ألكسندر هومبولت في الطبيعة
19 مايو 2019 04:14

أبوظبي (الاتحاد)

أصدر مشروع «كلمة» للترجمة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي كتاباً جديداً بعنوان: «اختراع الطبيعة: مغامرات ألكسندر فون هومبولت» تأليف: أندريا وولف، ونقلته إلى «العربية» عبلة عودة.
كان ألكسندر فون همبولت العالم الأبرز في وقته، وقال الكثير من معاصريه إنه كان الشخص الأشهر في ذلك الوقت بعد نابليون، ولا تزال هناك حتى الآن في جميع أنحاء الأميركتين والعالم الناطق بالإنجليزية مدن وأنهار سميت باسمه جنباً إلى جنب مع سلاسل الجبال والخلجان والشلالات، ومئات الأنواع من النباتات والحيوانات، بل وحتى على سطح القمر هناك منطقة تسمى مار همبولتيانوم.
أما اليوم، فيبدو للمتتبع وكأن اسم هومبولت قد طواه النسيان خارج بلاده الأصلية ألمانيا ووطنه الثاني، أميركا الجنوبية، وهذا تحديداً هو السبب الذي دفع المؤلفة أندريا وولف إلى وضع هذا الكتاب الذي أرادت من خلاله إعادة تسليط الضوء على هذا العالم والرحالة الفذّ، والتذكير بمنجزاته التي تبدو لنا الآن بدهية ولا تستحق الانتباه، غير أنّ أعماله ومكتشفاته في مجال الطبيعة والكون، كانت دون شك حجر الأساس الذي قام عليه علم البيئة الحديث.
ولد هذا العبقري الفذّ في عام 1769 في بروسيا لأب مسؤول في المحكمة البروسية وأم قوية الشخصية جعلت من تعليم أبنائها العلوم الحديثة في ذلك الوقت هدفاً لا محيد عنه، فجلبت لهما عدداً من أساتذة عصر التنوير المعروفين للإشراف على تعليم ألكسندر وأخيه فيلهلم. كان ألكسندر في شبابه المبكر شديد الطموح، سليط اللسان تحركه رغبة قوية في اكتشاف العالم لم يستطع تحقيقها إلا بعد وفاة والدته.
تأسست حياة ألكسندر العلمية والمهنية على الرحلة الأهم التي قام بها إلى أميركا الجنوبية التي بدأها عام 1799 رفقة صديقه عالم النبات الفرنسي إيمي بونبلان، وهي الرحلة التي تشكل العمود الفقري لكتاب أندريا وولف «اختراع الطبيعة» لا سيما رحلته لتسلق جبل «شيمبورازو» الموجود في الإكوادور. استلهم هومبولت نظريته في تكامل النظام البيئي العالمي ووحدته من المشاهد التي رآها عند وصوله إلى قمة شيمبورازو، فقد رأى بوضوح تأثير المناخ والارتفاع عن سطح الأرض على توزيع النبات والحيوان في منطقة الإنديز بأكملها.
وصل هومبولت وفريقه في هذه الرحلة إلى مناطق لم تكن معروفة للأوربيين من قبل، فجاب مناطق شاسعة في فنزويلا والإكوادور وكوبا وغيرها. تتبع هومبولت أيضاً مسار نهر أورينوكو العظيم، وكان أول من سجل التقاءه بنهر الأمازون عبر أحد روافده. كما عبر الغابات الاستوائية بمعدات بدائية وأجهزة بسيطة كانت تُعدّ الأحدث حينها، وواجه أخطاراً حقيقية بسبب الطقس والحشرات والحيوانات المفترسة طوال فترة السنوات الخمس التي قضاها في أميركا الجنوبية قبل أن يعود إلى أوروبا محملاً بآلاف الملاحظات والجداول والعينات التي جمعها، فكانت جميعها نواة لكتب عدة وضعها فيما بعد.
تأثر بهومبولت عشرات الكتاب والفنانين والعلماء الذين عاصروه وخلفوه كذلك، فساروا على خطاه ليكملوا ما بدأه في مختلف العلوم. كان من هؤلاء تشارلز داروين الذي اعتمد على كتاب «السرد الذاتي» وكتب أخرى لهومبولت في رحلته الأولى على ظهر السفينة «بيغل». وقد جمع داروين في هذه الرحلة من الملاحظات التي كانت نواة لكتابه الثوري «أصل الأنواع». تأثر بكتابات هومبولت كذلك عدد من الناشطين الأوائل في مجال حماية البيئة والمحافظة عليها مثل جورج بيركنز مارش وجون موير الذي نادى بإقامة المحميات في أميركا الشمالية للمحافظة على الطبيعة البكر بعيداً عن عبث البشر.
ألّف ألكسندر هومبولت عشرات الكتب، وكتب عدداً كبيراً من المقالات التي ألهمت الكثيرين فيما بعد، مثل كتاب «السرد الذاتي» وكتاب «آراء في الطبيعة» و«مقالات سياسية حول مملكة إسبانيا الجديدة». غير أنّ كتابه الموسوعي «كوزموس» يبقى دون شك علامة فارقة في مسيرته بسبب تنوع الموضوعات التي تناولها في خمسة مجلدات أنهى آخرها قبل أيام من وفاته، وهو في التسعين من عمره عام 1859.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©