الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

«ليلُ الإماراتِ أفراحٌ وألحانُ» تصوير لجماليّة الفرح وعذوبته

«ليلُ الإماراتِ أفراحٌ وألحانُ» تصوير لجماليّة الفرح وعذوبته
19 مايو 2019 03:27

محمد عبدالسميع (الشارقة)

كثير من الشعراء يحرصون على توجيه الأبناء نحو الطريق الصحيح والمستقيم والقويم، فالأبناء أمانة في أعناقنا، وهم جلاء همومنا، وفلذات أكبادنا، بهم يحلو الوجود، ويزدان المكان، وتنمو وتزدهر الأوطان، ولا غرابة أن يوصي الآباء أبناءهم بكل ما فيه خير وصلاح.
والتربية الطيّبة للأبناء تعود بالفائدة والنفع للأسرة والوطن، ولا شك أنها تحتاج إلى الصبر والحلم والعزم والحنكة، وحسن التوجيه واختيار القدوة المؤثرة، وعندما يوصي الشاعر أبناءه فإن هذه الوصية تكون من أقاصي الأعماق، نابعة من قلب مُحب، حريص على صلاحهم ومستقبلهم. فيها خلاصة التجارب التي يمر بها الإنسان وثمرة العبر والدروس التي يجنيها من الحياة.
ومن وصايا الشِّعر في هذا الشأن قصيدة « ليلُ الإماراتِ أفراحٌ وألحانُ » لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، القائد المحنّك الذي تخرّجَ في مدرستي الشّيخ زايد والشّيخ راشد، رحمهما الله، اللذين لم يُعرَفْ عنهما إلّا زرع الخير في محيطهما، والذي أبدع هذه الرائعة الشعرية بمناسبة عقد قران ثلاثة من أبنائه.

الفرحة بعقد قران أبنائه
مثلما تضيء النجوم الزواهر الليل، وكما تتوزّع القناديل في سماء الإمارات، يطلق صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قصيدةً يتناثر من أبياتها الضوء الدائم، لتحمل فرحته وفرحة إخوانه القادة والدولة والشعب وكلّ المحبين بعقد قران أبنائه: سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، وسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، وسمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم رئيس مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة، وهي قصيدة أكّدت أهميّة المناسبة وحملت إنسانيّة صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد، حين استثمرها في وصايا ومحبة دائمة للإمارات ووفاءً عظيماً لمرسي دعائم الدولة الأب المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليكون الليل أفراحاً وألحاناً من القصيد العذب الموشّى بفرحةٍ بل أفراح تخرج من القلب إلى القلب.
يستهلّ صاحب السّمو القصيدة بالأفراح والألحان والأنوار، وهو استهلال مُحب يصف طيب القلوب، وعبق الفرحة، حين يجتمع الغناء بالفرح والنور، ليستمر سموّه في وصف الحلّة الخضراء للإمارات الفاتنة، وكلّ هذا النوّار الذي يتفتّح به البستان، أمّا الريح فهي «سجسج»، وأمّا البيداء فهي قافية، تزدان ربوعها بجميل الورد.. وفي الواقع فإنّ هذه الفرحة لدى صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد هي صور فنيّة ينثرها عبقاً على الجميع، بهذه الدفقات من الفرح الذي لا يحتمل التأجيل، ليعلن سموّه عقب ذلك عن سبب كلّ هذا الفرح، وهو عقد قران أبنائه النجوم، حيث جاء التشويق بالفرح والإفصاح عن المناسبة بعد ثلاثة أبيات، كعادة صاحب السّمو في بناء قصائده الموشّاة بجوّ الطقس الشعريّ لديه، إذ يحمل العرس بوصفه أباً لكلّ الأفراح، كامل المشهد: كلّ المكان يحمل جزءاً من هذا الشعور، الركن معطّر وتتخلله الأغاني، وكلّ روض يتوشّى بالروح والريحان، فهي أيّام أنس تجلّت فيها المحاسن، تماماً مثل البدر، حيث الأنجم الزهراء نيشان.
وحين يصوّر صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد الإمارات وأيّامها بأنّها تتيه على الغيد في حلٍّ وفي حللٍ، وحين ينحلّ من حلل الظلماء مرجان، فإنّ في ذلك تصويراً لجماليّة الفرح وعذوبته، ليعتزّ صاحب السّمو بأنجاله الصيد أبناء العلا الذين درجوا على الشهامة منذ بواكيرهم ومنذ بواكير الدولة، حيث نجد الربط الذكيّ بين الدولة وأبنائها الذين تشرّبوا حبها والشهامة فيها مذ وُجدت ومذ وجدوا، فهم الأبناء الذين تولاهم صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد بالرعاية والعناية، كما يصوّر ذلك في البيت البليغ، الذي يحمل معنى حرصه الشديد عليهم في كلّ الظروف، فالأب يفرح بأبنائه وهو يستذكر في أوج فرحتهم أيّام صباهم ومن قبل طفولتهم ومولدهم، يوم جاءه البشير بهم تباعاً، ويرمز تعبير «سواد الليل» عند صاحب السّمو إلى جديّة سموّه وعدم تهاونه في تنشئتهم هذه التنشئة العظيمة، تماماً مثلما «تربّي صقور الجوّ عقبانُ»، فهو تشبيه قويّ يدلّ على مقدار المتابعة والجهد وتجاوز كلّ الظروف في سبيل هذه العائلة الكريمة، كأب فارس شاعر وحاكم كريم يضع مستقبل أبنائه بين عينيه ويستشرف بهم الأيّام.

صاغهم بيمينه
ويزداد التشبيه جماليّةً وتتأجج الصورة لمعاناً حين يقول صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد إنّه «صاغهم بيمينه»، من منظور البيت: «وصغتكمْ بيميني صوغ ذي أدَبٍ/‏‏‏‏ فصرتُم اليوم للعلياء فرسان»، على دلالة اليمين واعتزاز سموّه بها، وهو تأكيد على تعهّد سموّه هذا الغراس الذي يعدّه بلا شك ليوم مثل هذا يصبحون فيه فرساناً للعلياء، أما وصاياه القيّمة لهم، فهي وصايا تحمل قيمةً فنيّةً جماليّةً، كما في تذكير سموّه أبناءه بأنّه علّمهم أن يكونوا في العلا شهباً مذخورة لكلّ من تسوّل له نفسه أن يعبث بأمن بلادهم أو ينالها بظلم: «علّمتكم أن تكونوا في العلا شهباً/‏‏‏ تنقضّ إن عرّضت للظيم أوطانُ».. فهو يبنيهم ويؤهّلهم للمجد ويدخرهم له في ميدان الأجداد، أما منهجه في تعليمهم فهو أن يلقّنهم حبّ الوطن، وهو تعبير صادق نشأ مع نشأتهم بفضل عناية سموّه بهم، وهو الذي علّمهم أيضاً أن يحبّوا الشعب، باعتبار حبّ الشعب برهاناً كبيراً في كلّ هذا التلاحم الوطنيّ الكبير.

زايد عنوان المجد
لم ينسَ صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد أن يؤكّد أنّ الشيخ زايد -رحمه الله- كان تاريخاً يدرّسه لأبنائه، فهو عنوان المجد وهو باني نهضة الدولة ومؤسس فكرها الوحدوي، وهو الذي يظلّ دائماً محلّ افتخار.. فهؤلاء الفرسان قد حققوا غاية أبيهم وأمنيته وحلمه المنشود بأن يراهم فخراً وتيجاناً له، وقد حملوا معاني الرجولة وهم يتأسسون على حب الوطن، فآنَ أن يفرح بهم صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد فيزوّجهم ليتم الدين والشّان، وهنا تظهر الثقافة الدينية وثوابت ديننا السمح الحنيف لدى صاحب السّمو الشيخ محمد بن راشد في احترام الرجل للمرأة، فالهدى برٌّ وإحسانُ، كما أنّ والدهم أوصاهم وغرس في نفوسهم أن يلزموا نهج آبائهم الغرّ الميامين الذين سلفوا، كيف لا، وجدّهم راشد كان المجد يلازمه؟!.. لتجيء عقب ذلك وصيّة سموّه لأبنائه بأن يعاملوا الناس بالإحسان والمعروف، وهي شخصيّته الإنسانيّة العظيمة التي اعتدناها والتي يعرفها القاصي والداني عن هذا الرجل العظيم، لتكون المباركة من القلب والنصيحة من القلب أيضاً، يزجيها أبٌ قائد حكيم وفارس شاعر نبيل يفرح بأبنائه كأصدق ما يكون الفرح، ويوصي كأصدق ما تكون النصيحة بأن يكونوا يداً واحدة وقلباً واحداً ليمتدّ هذا الحب وهذا السلطان الإنسانيّ أبد الدهر.

 

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©