الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجالية المصرية: الإمارات وطن "اللامستحيل"

الجالية المصرية: الإمارات وطن "اللامستحيل"
23 مايو 2019 04:01

أحمد السعداوي (أبوظبي)

تجارب عديدة يرويها أبناء الجالية المصرية عن مفهوم التسامح الذي يعايشونه واقعاً يومياً في المجتمع الإماراتي، والذي يجعل من الإمارات بلداً استثنائياً بما يوفره من سيادة روح العدل والرحمة وقبول الآخر، التي لا تخطئها العين، بحسب عدد من مسؤولي وأبناء الجالية المصرية لدى حديثهم عن رؤيتهم لحالة التسامح الفريدة التي يعيشها الجميع داخل الإمارات، ما يتيح لكل جالية أن تمارس عاداتها وتقاليدها وأساليب حياتها اليومية، في إطار من الحب والتواصل مع الآخرين من أبناء الجنسيات الأخرى، الذين يعملون ويعيشون على أرض الإمارات «وطن اللامستحيل»

تآلف ومحبة
يقول إيهاب دياب، المتخصص في مجال الإلكترونيات وأنظمة البيوت الحديثة، إن المجتمع المصري يتسم بالتآلف والمحبة والتسامح، فنجد المصريين جنباً إلى جنب في السكن والعمل والمناسبات والأعياد، فمثلاً في رمضان يحرص الجميع ويبادرون بالتهنئة في الأعياد والمناسبات الإسلامية، ويذكر أنه من مواليد الإمارات وتربى فيها هو وعديد من أفراد عائلته، وخلال هذه السنوات الطويلة عاش صوراً كثيرة من التسامح داخل المجتمع الإماراتي، الذي يتسم بشيوع روح المحبة والتسامح بين جميع أفراده بشكل يكاد لا يتكرر بالقدر نفسه في أي دولة من دول العالم في العصر الحالي، وبالتالي لا يشعر أبناء الجالية المصرية بأي غربة أو اختلاف خلال إقامتهم على أرض الإمارات.
وأورد، أن الأعياد والمناسبات هي نفسها في البلدين، ففي شهر رمضان الكريم والعيدين تكون الزيارات بين الأقارب والأصدقاء، وتكثر الدعوات على موائد الإفطار والتجمع لصلاة التراويح، كما تشارك الجالية المصرية أهل الإمارات في مناسباتهم الاجتماعية والوطنية .

روح المرح
ديانا الشافعي، تقيم في الإمارات منذ 14 عاماً، وتعمل مديرة اتصالات مؤسسية بإحدى المؤسسات بالدولة، ذكرت أن المصريين معروفون بروحهم المرحة وقدرتهم على التواصل مع الآخرين بسهولة وأريحية، وهذا ما يجعل المصريين في الإمارات يشعرون وكأنهم في وطنهم، خاصة في ظل أجواء الترحيب والتسامح وحسن معاملة الغريب التي يتسم بها أهل الإمارات، فضلاً عن الابتسامة الدائمة التي تعلو الوجوه في المجتمع الإماراتي، ما يجعل أي شخص يستمتع بقضاء أوقاته، سواء في العمل أو مع العائلة والأصدقاء، طالما كان يعيش على هذه الأرض الطيبة، ومن ذلك أنها باستمرار تخرج مع أفراد عائلتها في عطلات نهاية الأسبوع للاستمتاع بهذه الأجواء الجميلة، فتخرج إلى منطقة الميناء بأبوظبي لتناول الأسماك الطازجة في المطاعم الموجودة هناك، وذلك بعد ممارسة الرياضة في الصباح.
وتتابع الشافعي: من الأشياء المميزة في المجتمع الإماراتي، الأنشطة التطوعية التي تتيح للجميع المشاركة فيها، وبالتالي يحدث تواصل فعال وإيجابي بين الإماراتيين وأبناء الجنسيات المختلفة المشاركين في مثل هذه الأنشطة، ما يفتح الباب للجميع لتبادل الثقافات والأفكار.

الأزياء التقليدية
بالنسبة للأزياء المصرية التقليدية، يؤكد حامد سعد اعتزازهم بها وحرصهم على ارتدائها والتزين بها في مختلف الفعاليات والمناسبات التي يتجمع فيها المصريون داخل الدولة، حيث يتم ارتداء الأزياء الفرعونية المميزة، وكذا نماذج من الملابس المعبرة عن بعض محافظات مصر في الوجهين البحري والقبلي، وكذلك نقيم فعاليات للتبرع لبعض المستشفيات والجهات الخيرية في مصر، حيث نرى تنافس أبناء الجالية المصرية للتعاون والتكاتف من أجل إنجاح تلك الجهود الطيبة، التي لا يقصر الإخوة في الإمارات أبداً في دعمها ورعايتها في كثير من الأحوال. حيث تزداد هذه الفعاليات والأنشطة خلال شهر رمضان المبارك، وتقام بطولات رياضية سنوية وينظمها النادي المصري بالإمارات بالتوافق مع التوجه العام لدولة الإمارات، ويشارك فيها جنسيات متنوعة ويكون ريعها للمستشفيات والجهات الخيرية في مصر، ومثل هذه الأنشطة أبرز تأكيد على التآلف والتآخي بين أهل الإمارات، وغيرهم من شعوب الأرض تأكيداً لمفهوم التسامح.

الفول ملك المائدة
الفول من أشهر الأكلات المصرية، ولا تخلو مائدة الفقير والغني منها خلال شهر رمضان باعتبارها الطعام الأساسي في وجبة السحور، إضافة إلى أصناف الزبادي، وغيرها من الأطعمة التي تكون مكملة لطبق الفول الذي يلتف حوله أفراد الأسرة ليستمتعوا بمذاقه الشهي، خاصة أنه يتم طهيه وتقديمه بأشكال متنوعة، منها ما يكون مضافاً إليه الزيت والليمون فقط، ومنها بإضافة البصل والطماطم، وغيرها من الطرق التي تجيد المرأة المصرية استعمالها في إعداد طبق الفول، الذي يسميه البعض «مسمار البطن» كونه يبقى فترة طويلة حتى يتم هضمه، وبالتالي يقلل من الشعور بالجوع خلال ساعات الصيام، فضلاً عن فوائده الصحية العديدة كونه غنياً بالبروتينات، والفيتامينات، والأملاح المعدنية مثل الحديد والفسفور. وبالتالي يقاوم التّوتر والإجهاد الذي يصيب الجسم، كما أنه مفيد لصحة القلب.

مشاركات مجتمعية
حامد سعد، لاعب كرة قدم سابق في نادي بني ياس الرياضي، وله عديد من المشاركات المجتمعية في الإمارات منذ سنوات عديدة، ذكر أن هناك عادات وتقاليد عديدة يتميز بها المجتمع المصري، وخلال وجودنا على أرض الإمارات نمارسها بشكل طبيعي، نظراً لأجواء التسامح والمودة السائدة في الإمارات، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع الآخرين، وتقديم كل الحب والاحترام والتقدير لهم على اختلاف ثقافاتهم وأفكارهم، ومن أبرز تلك العادات تبادل الزيارات، وخروج العائلات إلى الأماكن العامة والحدائق العامة، مثل مناسبات شم النسيم، والاحتفال بعيدي الفطر والأضحى، وغيرها من المناسبات التي يحتفل بها المصريون.

حسني مجاهد 23 عاماً في حب الإمارات
بين الرسم والموسيقا وتعليم الأجيال الجديدة مبادئ الفنون، كرس الدكتور حسني مجاهد، أغلب فترات حياته طالباً للعلم توجها بحصوله على شهادة الدكتوراه في الرسوم المتحركة، كما قام برسم 40 شخصية كرتونية تاريخية، وتسجيل 28 منها لتأمين حق ملكيتها، كما رسم 10 شخصيات من المجتمع الإماراتي، منها «أبو راشد» وهي شخصية تعيش في الفريج، وتمتلك من الحكمة الكثير، بحيث ترى الحاضر بعيون الماضي، من تقاليد وعادات وقيم، وهناك شخصية «حمدان» الطفل الذي يبحث في دولة الإمارات عن مجد الأجداد وسيرة أسد البحار «ابن ماجد»، وكذلك شخصية «عارف» الذي يعشق الكمبيوتر ويسافر في عوالمه لكي يحصل على المعرفة.
والآن يعمل مجاهد بتدريس الفن في إحدى مدارس أبوظبي، إضافة إلى قيامه يومياً بالعزف على آلة البيانو في ساحة المركز التجاري العالمي بأبوظبي، ليسعى من خلال الفن إلى توصيل رسائل التسامح والسلام التي يشعر بها كل فرد على أرض الإمارات، وهو ما يجعله يمارس هذا العمل المحبب إلى نفسه يومياً من دون مقابل، حيث يرى أن أكبر مقابل يلقاه الفنان هو التقدير والحب والتفاعل من الجمهور، وهو ما يعيشه يومياً مع الناس من خلال تفاعلهم مع يقدمه لهم من ألوان الموسيقا والمعزوفات.
ويذكر مجاهد أن موهبته الفنية جاءت من خلال الوالدين، فالوالدة كانت مدرسة موسيقا، والوالد عمل بالكتابة والشعر والتمثيل، فكانت هذه البيئة خير محفز للعمل بالفن وإيمان برسالته في ترسيخ مفاهيم التسامح وقبول الآخر، وهو ما عايشه بنفسه منذ مجيئه إلى الإمارات قبل 23 عاماً، ورأى فيها شجرة التسامح والحب وأصبحت وارفة الظلال تجمع تحتها أبناء الجنسيات المختلفة. لافتاً إلى أن الموسيقا تحظى بمكانة كبيرة لديه، ما يدفعه للعزف في المركز التجاري، من ساعة إلى 3 ساعات يومياً. إيماناً منه بأن الفن له دور كبير في ترسيخ مفاهيم العفو والتراحم والتسامح بين البشر.

شريف البديوي: التسامح قيمة حاضرة وملموسة
قال شريف محمد البديوي، سفير جمهورية مصر العربية، إن الجالية المصرية بدولة الإمارات تتمتع بسُمعة طيبة، ترتبط بكونها من أُوّل الجاليات التي تواجدت في دولة الإمارات، وساهمت في النهضة التنموية الشاملة التي شهدتها الدولة خلال العقود الأخيرة، وبحكم وجودهم في مهن ذات طبيعة حيوية خاصة في قطاعات التعليم والهندسة والطب والمحاسبة، هذا بالإضافة إلى العمالة بمختلف تخصصاتها. يقيمون في تناغم وانسجام تام مع أشقائهم من مواطني الدولة وأبناء الجاليات الأجنبية الأخرى.

شريف البديوي
وأكد أن التسامح سيظل قيمة حاضرة وملموسة في مصر على مدار تاريخها الطويل الممتد عبر سبعة قرون من التفاعل الثري والبناء مع مختلف حضارات العالم القديم والحديث، بما تحمله تلك التجارب من دروس وعبر، أضحى معها التسامح قيمة متلازمة ومترسخة في الشخصية المصرية.
وقال: نحن إذ نتحدث عن رسوخ تلك القيمة الإنسانية النبيلة في عمق الثقافة المصرية بشكل عام، وفي أوساط الجالية المصرية المقيمة في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة بوجه خاص، فإننا يُسعدنا متابعة بل ومعايشة مختلف أجواء التسامح التي تملأ الإمارات اليوم، مع تعدد المبادرات الثرية التي تطلقها الدولة بهدف إعلاء قيمة التسامح، على رأسها إعلان عام 2019 «عاماً للتسامح»، واستضافة القمة التاريخية بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان الشهر الماضي، والتي كان لها أبلغ الأثر في تعزيز مكانة دولة الإمارات كمنبر عالمي للتسامح، تماماً كما أظهرت المكانة الرائدة لمؤسسة الأزهر الشريف المصرية وإمامها الأكبر الشيخ الدكتور/‏ أحمد الطيب في وجدان دولة الإمارات حكومة وشعباً.
ولفت السفير المصري إلى أن الشعبين الشقيقين يتشاركان في العديد من السمات إن لم يكن أغلبها، لكن ما يتراءى لي بشكل محدد هو إدراكنا المشترك لقيمة التسامح واحترام الآخر، بالإضافة إلى إيماننا العميق بأهمية نشر السلام ونبذ العنف بكافة أنماطه، فضلاً عن الوسطية في كافة الأمور الدينية والحياتية. وأضاف: لا يكاد يشعر أبناء الجالية المصرية المقيمة في الدولة بأي اختلاف في أداء عاداتهم الاجتماعية المختلفة، مثل الزواج وخلافه، حيث لا يجابه أبناء الجالية صعوبات من أي نوع في إقامة احتفالاتهم وممارسة طقوسهم الاجتماعية المختلفة، شأنهم في ذلك شأن كافة الجاليات الأخرى المقيمة في الدولة. ومرجع ذلك إلى سيادة روح التعددية والتسامح وقبول الآخر في الإمارات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©