الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرعاية المبكرة.. مفرزة مواهب أصحاب الهمم

الرعاية المبكرة.. مفرزة مواهب أصحاب الهمم
14 يونيو 2019 02:26

أحمد السعداوي (أبوظبي)

تلعب الرعاية المبكرة دوراً محورياً في الكشف عن قدرات ومواهب أصحاب الهمم، وبالتالي تطويرها والارتقاء بها، بما يعود على أصحاب الهمم بعديد من الإيجابيات السلوكية واكتساب مهارات حياتية تجعلهم أكثر اعتماداً على الذات وقدرة على تحقيق نجاحات مختلفة، يستفيد منها المجتمع بذات القدر الذي يستفيدون هم منها بوصفهم فئة محورية في المجتمع، يمكن الإفادة منها على أفضل وجه إذا تم إخضاعهم لبرامج علاجية وتأهيلية مبكرة، بحسب ما قال متخصصون، مؤكدين أن الإمكانات الكبيرة والدعم الذي توفره دولة الإمارات لأصحاب الهمم عبر كثير من الأساليب والوسائل، يسهم بشكل فعال في إنجاح برامج التأهيل والعلاج، وبالتالي الوصول بقدرات أصحاب الهمم إلى آفاق عالية تضمن لهم أولى خطواتهم على طريق النجاح، من خلال إفراز هذه المواهب في مرحلة مبكرة من حياتهم.

جانب علاجي
أكدت آيات سعيد، معلمة تربية خاصة، بأحد مراكز تأهيل وعلاج أصحاب الهمم في أبوظبي، والمشرفة على الطالب أحمد المرزوقي، ذي العشر سنوات، أنه يتمتع بقدرات كلامية بسيطة ولا يستطيع توضيح ما يحتاجه وما لديه من متطلبات، ولكنه يتمتع ويتفوق في نسخ بعض الأعمال الفنية المعبرة ولديه إبداع فيها ويعتبر عمل المجسمات بمثابة لغة تعبيرية عن الكثير من نواحي شخصيته، وبالتالي يقضي ساعات كثيرة في ممارسة هذه الهواية يومياً، محاولة تجويد موهبته والارتقاء بها تحت إشراف الأهل واختصاصيو التأهيل. وأشارت إلى إنه يمكن الإفادة من شغف الطالب بهذه الهواية أو غيرها من نواحي الإبداع، لتفسير ما يفكر به الأطفال أصحاب الهمم والعمل على رفع مهاراته الشخصية، بما يجعله بارعاً ومتميزاً في هذا اللون من الفن التشكيلي مستقبلاً، وفي الوقت ذاته يوضح أن للرسم جانباً علاجياً مهماً، حيث إنه قد يخدم في تعديل السلوك في المستقبل في ضوء التحليل النفسي للرسومات التي يحولها الطالب إلى لوحات فنية بديعة عبر تنسيق الألوان ما يؤكد أن الأعمال التي ينسخه أحمد في حد ذاتها لغة نستطيع من خلالها فهم ما يدور بداخله والتعبير عن ذاته.
ولفتت إلى أن الأطفال أصحاب الهمم يتمتعون بدقة عالية في رصد كافة التفاصيل الصغيرة، ما يلقي بمسؤولية متزايدة على اختصاصيو التأهيل وأولياء الأمور ممن لديهم أطفال من أصحاب الهمم أن يحبون أطفالهم، كما هم ويفتخرون بهم ويفتخرون بكل إنجاز صغير يفعلونه ويساعدهم إلى أن يوصلوا ويتفوقوا في مجالات مختلفة منها الرسم، الأنشطة الرياضية، العلوم المختلفة وغيرها من أنواع الأنشطة التي يمارسها أصحاب الهمم ويمكن تطوير قدراتهم المتعلقة بها من خلال الرعاية المبكرة لتلك المواهب والتي يتشارك في مسؤولياتها كل من البيت والمراكز المتخصصة في علاج وتأهيل أصحاب الهمم.

الإبداع والابتكار
نفي محمد نزيه، اختصاصي تأهيل، ما يعتقده الكثير من الناس أن أصحاب الهمم لديهم قدرات متدنية في كل المجالات الجسمية والحسية، وبالتالي ليس لديهم القدرة على الإبداع والابتكار. لأن الواقع ينافي ذلك ونرى الكثيرون منهم حققوا بطولات ملموسة وأصبحوا شخصيات شهيرة يشار إليها بالبنان على الرغم من المشكلات الصحية التي يعانون منها. ولذلك على الجميع إدراك أن الأطفال من أصحاب الهمم لديهم قدرات وإمكانيات وعندهم نقاط قوه يمكن تطويرها والارتقاء بها ليصبحوا أكثر نجاحاً في المجتمع واعتماداً على الذات، وهذا يتم من خلالها القيام معهم بالعديد من الأنشطة وتعليمهم المهارات التي تتناسب مع ميولهم وإمكاناتهم النفسية والبدنية والفكرية. وقال: من أمثلة هذا التميز، حالة الطالب أحمد ماجد المنهالي، الذي يبلغ من العمر عشر سنوات لديه موهبة الرسم والتلوين فقمنا داخل مركز العلاج والتأهيل باكتشاف نقاط القوة عنده حتى يتسنى لنا العمل على تنمية تلك الموهبة وتطويرها بشكل صحيح ملائم، فانخفاض القدرات الذهنية عند هؤلاء الأطفال وتدني قدرتهم في أحد المجالات لا يمنع وجود موهبة عندهم في مجال معين، ولكن اكتشاف هذه الموهبة يتطلب جهد طويل مضاعف من القائمين على رعاية أصحاب الهمم وتوفير الخدمات والإمكانات والوسائل والرعاية الكاملة والتي تقوم به دولة الإمارات على الوجه الأمثل بتميز وتقدم ورقي، فهي تكرس كل اهتمامها لرعاية أصحاب الهمم، وتقدم لهم أرقى الخدمات ذات المواصفات العالمية التي تأخذ بيد أصحاب الهمم إلى دروب النجاح والتفوق.

تركيب الروبوت
كشفت والدة الطالب سالم البلوشي، الذي يتمتع بمهارة عالية في برمجة الروبوت، من جانبها أنها لاحظت على سالم منذ طفولته المبكرة الاهتمام بالمكعبات، وترتيبها بشكل قد يكون مفهوم ومنطقي أحياناً، وأوقات أخرى يتم بشكل عشوائي. لافتة إلى أنها حاولت إدراج ألعاب مختلفة ضمن اهتماماته، ولكنه كان يميل للأمور الدقيقة والمنظمة أكثر من الألعاب الأخرى مثل السيارات والشخصيات الكرتونية التي يميل إليها من هم في فئته العمرية.
ومنذ عامين تقريباً وخلال دراسته لمادة التكنولوجيا، بدأ يتعلم تركيب الروبوت بشكل مبسط، ولكنه أظهر حباً بالغاً لهذا المجال، حيث لاحظ المعلم أنه يتمتع بمهارة عالية في مجال برمجة الروبوت، إلى جانب السرعة في إنجاز المهام الخاصة به. فتم إلحاقه ببرنامج تدريبي خاص بعالم الروبوت بمعدل مرتين أسبوعياً، وهو يدرس حالياً في الصف السادس بإحدى مدارس أبوظبي.
وأضافت: في العطلات الصيفية نقوم بإلحاقه بأحد المراكز التدريبية ليتلقى فيها مزيد من التدريبات على برمجة الروبوت، من أجل تهيئته ليكون أحد الأشخاص المبدعين في هذا المجال، ليعمل على تقوية إمكانياته الذاتية في عالم الروبوت، بما يتناسب مع مرحلته العمرية تحت إشراف متخصصين على أعلى مستوى.

الإرادة والطموح
أكدت حلا أحمد، معلمة تربية خاصة، وإحدى المشرفات على الطالب خالد العامري، أن دولة الإمارات نجحت بفضل الإرادة والطموح في إخراج أصحاب الهمم من دائرة الاعتماد إلي التمكين والمشاركة جنباً إلي جنب مع أقرانهم في المجتمع كما أنها تسير وفقاً لرؤية ومبادرات قيادتها الحكيمة في الاهتمام بأصحاب الهمم وتوفير كل المقومات لنجاحهم، وهي في طريقها إلى أن تكون الدولة الأولى علي مستوى العالم في مجالات دمج أصحاب الهمم في المجتمع.
وبينت أحمد أن مواهب الأطفال التي تظهر في المراحل الأولى من عمليات التأهيل والعلاج، وهو ما تبين من حالة العامري، ما يتطلب عناية خاصة من أجل الوصول بها إلى الأهداف المقصودة، والتي تبلغ ذروتها في بناء شخصيات قادرة على تحقيق إنجازات في مجالات متنوعة، بحسب القدرات المتفاوتة لأصحاب الهمم، ولذلك فإن الاهتمام المبكر بمواهب أصحاب الهمم يلعب دوراً كبيراً في تكوين شخصيتهم بشكل إيجابي بما يؤهلهم لاحقاً لأن يكونوا متميزين في هذا المجال أو ذاك، خاصة وأن هذه المهارات الشخصية تساعد على إطلاق الشعور التعبيري والانفعالي لدى الطفل في مراحل مهمة من العلاج والتأهيل.

صلاح سمري: إعداد برامج تثقيفية وتوعوية للأسر
أشار صلاح سمري، مدير مركز الاتحاد لأصحاب الهمم في أبوظبي، إنه بدأ في الآونة الأخيرة الاهتمام بمواهب أصحاب الهمم والتعرف إلى مواطن القوة والإبداع لديهم، بعد أن كان التركيز فقط على القصور والعجز، حيث نجد بعض أصحاب الهمم لديهم مواهب في مجالات مختلفة سواء كانت فنية في النحت أو الرسم أو الشعر أو الغناء أو الرياضة أو الموسيقى أو الكتابة.
وأكد سمري أن الرعاية المبكرة تلعب دوراً مهماً في الكشف عن مواهب أصحاب الهمم، وذلك بتوفير مناخ بيئي مناسب وإثارة دوافع أصحاب الهمم من خلال ممارسة اللعب الحر وتوفير أدوات ومكان مناسبين في بيئة مفتوحة ومرنة وآمنة، من خلال العمل على إجراء تقييمات نفسية وملاحظة مباشرة وغير مباشرة لأصحاب الهمم في المركز وإتاحة الفرصة لهم للتعبير عن أنفسهم وممارسة الأنشطة كافة من خلال الرسم والنحت والتركيب وممارسة الألعاب الرياضية والغناء والتمثيل والموسيقى.
وبين أنه ينبغي على المؤسسات المجتمعية استثمار الطاقات الكامنة لأصحاب الهمم من خلال تفعيل دورها من خلال إعداد برامج تثقيفية وتوعوية للأسر، والإيمان بمواهبهم، والعمل على تنميتها منذ الطفولة المبكرة، وإتاحة الفرص لهم إعلامياً، وتنظيم المسابقات المختلفة لهم، حيث سنجد الكثير من هؤلاء الموهوبين الذين سوف يقوموا بمساهمات كبيرة في المجتمع، ليكونوا أفراداً منتجين وفاعلين ومشاركين في التنمية المستدامة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©