الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

نادي المعجبين الدولي ببوتين

12 مايو 2018 23:04
رسمياً، أدى فلاديمير بوتين اليمين الدستورية لولاية رابعة كرئيس لروسيا. وجاءت واحدة من أكثر اللحظات إثارة في حفل التنصيب بعد أدائه لليمين؛ فقد قام بمصافحة ثلاثة أشخاص فقط: رئيس الوزراء «ديمتري ميدفيديف»، والبطريرك «كيريل» (بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية)، و«جيرهارد شرودر» (المستشار السابق لألمانيا). هذا ليس مفاجئاً كما قد يبدو للوهلة الأولى. فطالما كان شرودر مؤيداً للعلاقات بين موسكو وبرلين، كما خدم في مجالس إدارة الشركات الروسية، وكان له دور فعال في دفع الصفقات التجارية بين البلدين. ولا عجب في أن وزير الخارجية الأوكراني وصف شرودر ذات مرة بأنه «أهم عنصر ضغط لبوتين في جميع أنحاء العالم». ويتمثل الدور البارز لشرودر خلال الاحتفال المذكور في كونه يذكرنا بأن بوتين لديه الكثير من المعجبين في الخارج، وأن عدد هؤلاء المعجبين آخذ في الزيادة. وخلال الانتخابات العامة التي أجريت مؤخراً في إيطاليا، سعى كل من الحزبين الفائزين –حركة النجوم الخمس والرابطة الشمالية اليمينية المتطرفة– إلى خطب ود الكرملين. وغني عن القول إن هذا هو نفسه بوتين الذي قام بالاستيلاء على القرم، والذي يواصل الحرب في شرق أوكرانيا، والذي يقال إنه استغل قوة الإنترنت لنشر الفوضى داخل الديمقراطيات الغربية. بيد أن أياً من هذا لا يبدو أنه يزعج ناديه الدولي من المعجبين، بل إن سلوكه على ذلك النحو يزيد من إعجابهم به. ويعتمد الهوس ببوتين على العديد من الاتجاهات في السياسة الحديثة؛ فلم يكن القرن الـ21، بأزماته الاقتصادية وتزايد عدم المساواة في الدخل خلاله، وبالحروب الثقافية المستمرة طوال سنواته المنقضية، كريماً مع الديمقراطية الليبرالية. لقد كشف عن قدرة سلطوية مستترة حتى في بعض من المجتمعات الأكثر انفتاحاً في العالم. إن بوتين، الذي ظل في السلطة لمدة 18 عاماً، هو الرجل القوي بامتياز، وهذا -فيما يبدو- له تأثير على نطاق واسع. لقد تنفس الأوروبيون الصعداء عندما فاز الوسطي «ايمانويل ماكرون» في الانتخابات الفرنسية العام الماضي، بيد أن معظم التحليلات تجاهلت حقيقة أن منافسيه الثلاثة –زعيمة الجبهة الوطنية اليمينية المتطرفة «مارين لوبان»، والمحافظ المسحي «فرانسوا فيون»، والتروتسكي السابق «جان لوك ميلينشون»– كانوا من الموالين لبوتين بلا تردد. وفي الجولة الأولى من التصويت، فاز ثلاثتهم مجتمعين بأكثر من ضعف الأصوات التي فاز بها ماكرون. وفي ألمانيا، يضم معظم المعجبين ببوتين حزب «البديل من أجل ألمانيا» المناهض للهجرة. وباعتباره زعيماً لقوة منقحة، يجسد بوتين سياسة قومية خاصة. فضابط المخابرات السابق نصَّب نفسه مدافعاً عن المسيحية التقليدية، وهو متشدد فيما يتعلق بحقوق المثليين، ووطني مشاكس. إن احتقاره للاتحاد الأوروبي وسياسات الهجرة المتحررة، كل ذلك يثير حماس أشخاص مثل لوبان، ورئيس وزراء المجر «فيكتور أوربان»، ورئيس جمهورية التشيك «ميلوس زيمان». وبالطبع، احتفل الرئيس دونالد ترامب -الرجل الذي يحمل لبوتين افتتاناً يصعب تفسيره– بالرئيس الروسي كـ «زعيم قوي». ويتبعه في ذلك بإخلاص أعضاء الحزب الجمهوري. فقد أظهر استطلاع للرأي العام الماضي أن 49% من مؤيدي ترامب يعتقدون بأن روسيا إما صديق أو حليف للولايات المتحدة، رغم بعض الدلائل على أن الكرملين تدخل في الانتخابات الأميركية. هؤلاء المعجبون الأميركيون ببوتين يتغاضون بشكل ملائم عن حقيقة أن قدراً كبيراً من شعبيته العالمية مستمدة من وضعه باعتباره النجم القطبي المعادي للأمركة، الأمر الذي يساعد على تفسير السبب في أن معجبيه يتخطون الانقسامات اليمينية اليسارية التقليدية. إن خطاب الرئيس الروسي ضد «الناتو» وضد التورط الأميركي المزعوم في «الثورات الملونة» في الاتحاد السوفييتي السابق، يجد الكثير من التعاطف بين هؤلاء الذين يغضبون من الهيمنة الأميركية. وهناك سر آخر صغير، فالقليل من المحافظين الأميركيين أو الشعبويين الأوروبيين يظهرون حماسة مماثلة للقادة الاستبداديين في آسيا وأفريقيا. وبالتأكيد، فليس من قبيل المصادفة أن بوتين هو الزعيم المفضل بالنسبة للمتفوقين البيض، مثل «ريتشارد سبنسر» الذي يشير إلى روسيا باعتبارها «القوة البيضاء الوحيدة في العالم». وقد شكل الأعضاء الأميركيون والأوروبيون علاقات وثيقة مع نظرائهم الروس، بمباركة بوتين. *محرر قسم الرأي بصحيفة «واشنطن بوست» ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©