الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

كما لو أنّني ندبةٌ في خدّكِ الأيمن

كما لو أنّني ندبةٌ في خدّكِ الأيمن
27 يونيو 2019 00:01

امتلك الشِّعر العربيّ على مدى مئات السّنين تاريخًا صلدًا من التّقاليد، بفضل المكانة الرّفيعة التي احتلّها الشِّعر لدى القبائل العربيّة القديمة، فهو فن العربيّة الأوّل، حيث كانت كلّ قبيلة تستمدّ مكانتها من مكانة شعرائها الكبار، ثم جاء الإسلام فرسّخ من هذه القيود بربط قداسة النّصّ القرآنيّ بقداسة اللّغة العربيّة، وهو ما شكّل فيما بعد تقييدًا أكثر تزمتًا بربط الفنّ الشِّعريّ بما هو دينيّ، وفتح هذا التّقييد أبوابًا لا تنتهي من الصّراع بين المجدّدين وأنصار القديم، وكان علينا في العالم العربيّ أن نقرأ الشِّعر على مدى قرون طويلة ملتزمًا بهذه القيود، كما كان علينا كذلك أن نكون من الأجيال الجديدة التي كُتب لها أن تشهد، خلال المئة عام الأخيرة، تحطّم هذه القيود والقوانين اللّغويّة والأدبيّة والموسيقيّة التي خنقت الشِّعر العربيّ طويلًا.
كتب «ت. إس. إليوت» في العام 1919 مقالة شهيرة حول «الحسّ التاريخيّ» الذي لابدّ أن يمتلكه الشَّاعر حيال تاريخه اللُّغويّ والأدبيّ، المقالة التي كتبها إليوت لم تكن هي الأولى التي تشير إلى ضرورة أن يمتلك الشَّاعر جرأته في التّعامل مع ماضيه الثّقافيّ واللُّغويّ، فمن قبل أشار الكثيرون من شعراء العرب القدامى إلى ضرورة التّجديد في الفنّ الشِّعري، والبحث عن طرق جديدة لصياغة الشِّعر، بدءًا من شعراء ما قبل الإسلام، ومن أهمّهم امرؤ القيس وطَرْفة بن العبد وعنترة بن شدّاد، مرورًا بأبي نوّاس في العصر العباسيّ وحتى شعراء الأندلس، وصولًا إلى يومنا هذا. وليس غريبًا في هذا الإطار أن نتحدّث أيضًا عن معركة طه حسين الشهيرة حول الشِّعر العربيّ في كتابه الهام «في الشِّعر الجاهلي»، والذي ظهر في العام 1926 بالقاهرة، ليفتح نقاشًا وصراعًا لم ينتهيا حتى يومنا هذا بين الجديد والقديم. ونستطيع اليوم القول إنّ هذه المعركة الثَّقافية التي نشأت بعد ظهور كتاب طه حسين في مصر، واتسعت دائرتها لتشمل العالم العربي كلّه وتقسّمه إلى فريقين: مع وضد، هي التي شكّلت المنحى التّاريخي الأهم في قضيّة حرّية التّعبير في العالم العربيّ، والتّعامل مع التّراث الشِّعريّ، ومن ثمّ اللُّغويّ، من وجهة نظر متشكّكة ومتسائلة.
نقدّم اليوم في عتبات عددًا من النصوص الشعرية والسردية لكل من: إنعام كجه جي من العراق، هنادي زرقه من سوريا، رنوة العمصّي من البحرين، ومحمد فرج من مصر.
اللوحات المصاحبة للفنان المصري
سيف وانلي (1906 ـ 1979)

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©