الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

سلطانوف: جئنا من «قلب المعاناة» ولن نغادر بسهولة!

سلطانوف: جئنا من «قلب المعاناة» ولن نغادر بسهولة!
20 يناير 2019 00:10

معتز الشامي (دبي)

قد يكون هو أصغر رئيس اتحاد كرة في آسيا، عندما يحتفل العام الحالي ببلوغه الـ38، ولكنه بالتأكيد كان كذلك عندما فاز برئاسة الاتحاد القيرغيزي قبل 6 سنوات مضت، وكان وقتها في سن 32 عاماً، ومعه أعضاء مجلس إدارة جميعهم في منتصف العشرينات، ليقودهم لاعب كرة القدم الذي ابتعد عن اللعبة بداعي الإصابة ثم عاد في قراره ليلتحق بمنتخب الكرة الخماسية ويحقق إنجازات لبلده، قبل أن يقرر في 2013 الترشح لانتخابات اتحاد الكرة ويغير كل شيء هناك، ليكتب قصة جديدة من قصص النجاح في الكرة الآسيوية التي تستحق أن تروى.التقت «الاتحاد» بصانع الأسطورة القيرغيزية، سيميتي سلطانوف، للحديث عن تفاصيل إنجاز لم يسبق أن تحقق لبلده، بالوصول لكأس آسيا، لتكون نسخة الإمارات 2019 نقطة تحول في مسار اللعبة بدولة ، تقع في وسط آسيا، وتعيش على الرعي والزراعة ولا يعرف شعبها البالغ 5.8 مليون نسمة، الكثير عن كرة القدم، في حوار هدفه التعرف على منتخب مجهول يلتقيه «الأبيض» غداً في دور الـ16 للبطولة.
ووصف سلطانوف حال اللعبة في قيرغيزستان بـ «التراجيدي»، نظراً لأنها تعاني قلة الاهتمام وغياب البنية التحتية اللازمة، وقلة الأندية الممارسة للعبة بالمفهوم المعروف في بقية دول القارة، وذلك لأنها ليست لعبة شعبية هناك.
وقال: «جئنا من قلب المعاناة، وصعدنا للمرة الأولى في تاريخنا إلى كأس آسيا، بعد عمل استمر 6 سنوات من التخطيط والتقييم والتنقيح والمتابعة للخطة التي بدأنا بها فور فوزنا بانتخابات مجلس الإدارة، فقد عانينا كثيراً للوصول إلى هنا، لذلك لن نغادر بسهولة، بل سنترك بصمتنا بكل قوة».
وعن مسيرته مع إنجاز الكرة القيرغيزية، قال: «ترشحت وأنا في عمر 32 عاماً، وكنت أصغر رئيس اتحاد كرة في آسيا وبالتأكيد ما زلت كذلك، لكن كان لدي حلم من 3 خطوات، استغرقت الخطوة الأولى 6 سنوات لأراه واقعاً معاشاً، وهو التأهل لكأس آسيا، وترشحت لرئاسة الاتحاد لأنني لم أكن سعيداً بحال اللعبة، هناك قصص جميلة في اللعبة، مثل آيسلندا وإنجازها في الوصول للمونديال، لكن نحن أيضاً يجب أن نقاتل من أجل حلم كرة القدم في بلدنا، كنت لاعب كرة قدم وبسبب الإصابة اعتزلت، لكن زملائي تواصلوا معي للتحول إلى الكرة الخماسية، وقد فعلت، حققنا إنجازات للمنتخب بالفعل، لذلك نحن جئنا من قلب المعاناة، نعاني ظروفاً صعبة من حيث قلة الدعم وغياب البنى التحتية الكافية، وعدم وفرة المال للإنفاق على خطط الإعداد». وأضاف: «كان الإهمال والعشوائية يضرب كل شيء، لدرجة وصلنا معها إلى السفر للعب في بطولات خارجية، ولا يتم تسليم اللاعبين قمصان المباريات أو التدريبات، فلا أحد يهتم بكرة القدم من الاتحاد السابق، لذلك قررت الترشح ومطاردة حلم أعيشه، بأن أصنع كرة قدم في قيرغيزستان التي تعتبر لعبة غير شعبية الآن، ولكن منذ وصولنا إلى الإمارات، والكل في بلادنا يتحدث عن كرة القدم، لقد ركزنا في عملنا على ضرورة منح الثقة للاعبين، وأن نوفر كل شيء، لدينا موهوبون كثر ولكنهم هربوا بسبب المعاناة والإهمال وعدم وفرة الملاعب والبيئة الصالحة للعب كرة القدم هناك، فكان لدينا لاعب موهوب هو رخميتوف، لكنه الآن تم تجنيسه ويلعب لمنتخب روسيا ونادي سيسكا موسكو، ولدينا العشرات مثله، لكنهم لا يؤمنون بإصلاح حال الكرة داخل الدولة، لذلك هربوا للخارج بحثاً عن اللعب لروسيا أو دوريات صغيرة في أوروبا، وبعضهم حصل على جنسيات أخرى». وتابع: «وضعت استراتيجية مع زملائي في المجلس قبل 6 سنوات مضت، ببناء منتخب يستطيع بلوغ كأس آسيا، كان صعباً أن نلجأ لمدربين أجانب لأنهم سيحتاجون للمال والراتب الكبير، وهذا ليس متوفراً لدينا، فقررنا الاعتماد على مدربين روس، يعملون في الدوري القيرغيزي ويعرفون كل شيء عن معاناتنا، وبدأنا الخطة مع مدرب روسي قبل 6 سنوات، لكن أخفقنا في الوصول لنهائيات أستراليا 2015، لذلك قررنا إعادة التفكير في تفاصيل تلك الخطة، حيث زدنا الاهتمام بالقاعدة والتركيز على اللاعبين الشباب في سن من 16 إلى 19 عاماً، ثم قمنا بتكليف كريستنين في أواخر 2014 لقيادة المنتخب والبدء من الصفر مع لاعبين شباب، وانضم اليهم أصحاب المواهب، وقمنا نحن بالبحث عن مواهبنا من أبناء قيرغيزستان خارج البلاد، لأننا لا نملك عدداً كبيراً من اللاعبين في الداخل، وبالتالي جمعنا 7 محترفين، وفي الطريق أكثر من 8 آخرين، بخلاف من سيتم تجنيسهم، هم رحبوا بالعودة واللعب باسم الوطن، خصوصاً بعدما وجدوا أن هناك نظاماً جديداً واهتماماً آخر واتحاداً بات يتعامل باحترافية ويطبقها بالفعل، صحيح أنهم لا يلعبون لأندية كبرى، بل يلعبون لدوريات درجة ثانية أو ثالثة أو حتى رابعة في أوروبا، ولكننا نستفيد من ذلك الآن، وعاوننا في ذلك مدربون روس، لأننا من الثقافة نفسها تقريباً، حيث كنا ضمن دول الاتحاد السوفييتي وتتشابه ظروفنا تماماً كما نتحدث اللغة نفسها، وقام كريستنين بجهود كبيرة، حيث كان لاعباً سابقاً في قيرغيزستان ومن مدينة صغيرة في الجنوب، وهو يعرف تفاصيل المشكلات التي تعانيها اللعبة».
وعن واقع الأندية في قيرغيزستان، قال سلطانوف: «وصلنا إلى عدد 8 أندية العام الماضي، نحن نعاني مالياً داخل قيرغيزستان بسبب الأزمة العالمية، فنحن دولة ليست غنية بالتأكيد، ولا يوجد دعم مالي يكفي للأندية ولكرة القدم أو للاتحاد، فنحن نحاول البحث عن موارد، والآن بات دخل الاتحاد تقريباً مليوناً و500 ألف دولار سنوياً، هي عبارة عن إعانات قادمة من الاتحادين الدولي والآسيوي، وهذا رقم لا يكفي أبداً للإنفاق على اللعبة وتطوير المنتخبات وإقامة المعسكرات، لذلك أستغل علاقاتي بأصدقاء لديهم استثمارات وأموال، بالإضافة إلى بعض أشقائي، لتقديم مساندة للاتحاد عبر اتفاقيات رعاية يقومون بمقتضاها بتحمل نفقات بعض معسكرات المنتخب، وتوفير أدوات التدريب وغير ذلك لأننا نصارع بالتأكيد للإعداد لأي مشاركة».
وأضاف: «حققنا إنجازاً تاريخياً غير مسبوق، هذه المرة الأولى التي نتأهل لكأس آسيا، كان إنجازاً ضخماً، تحدث الجميع بشأنه في قيرغيزستان، وحالياً حققنا إنجازاً آخر بالوصول لدور الـ16، فمن كان يصدق أن ذلك يحدث، والآن لا يوجد جبل أعلى من طموحنا، تاريخياً نحن نعيش على الرعي والتنقل، ومن عاداتنا القتال حتى النهاية دون استسلام، وهكذا سنفعل أمام منتخب الإمارات للوصول لمرحلة أبعد، لأن كل خطوة نخطوها في البطولة تعني تغيير واقع اللعبة للأفضل وهذا هدفنا».
وفيما يتعلق بمكافآت الفوز في كأس آسيا ولائحة المنتخب المالية وما يحصل عليه اللاعبون الآن في تلك المشاركة، أو بعد التأهل للبطولة منذ البداية لزيادة الحماس والأداء، قال: «لا نحمس اللاعبين بالمال، لكن بالقتال من أجل كرامتهم وشعار قيرغيزستان، لذلك لا توجد لدينا مكافآت للاعبين، فهذا ليس معروفاً لدينا، فضلاً عن أن واقعنا الصعب يشير إلى أن الأموال التي بحوزة الاتحاد تكفي للإنفاق على أدوات التدريب والرواتب والمعسكرات، فكيف نعطي مكافآت للفوز أو التعادل، لمباراة يرتدي فيها اللاعبون علم قيرغيزستان، لذلك نحن ليس لدينا شيء يسمي لائحة الفوز في المباريات الدولية، لم ندفع للاعبين حتى بعد التأهل للبطولة، ولا بعد بلوغ دور الـ16، لم يتسلم أي لاعب في الفريق ولا دولار واحد، هم يقاتلون هنا من أجل كرامتهم في الكرة الآسيوية، ويصنعون التاريخ بأنفسهم، ولم يطلب أي لاعب مكافأة، هم سعداء بالتأكيد، وأتمنى أن تلتفت الحكومة لهؤلاء اللاعبين وأن يكون لهم مكافآت مالية وتكريم لاحقاً بعد العودة».
أما عن اللاعبين، وما إذا كان الاتحاد لجأ للتجنيس، قال: «معظمهم من أبناء قيرغيزستان، لكن بعضهم انتقل وهو في سن صغيرة لدول أخرى وحصل على جنسيتها، وسعينا للبحث عنهم وقمنا بضم وتجنيس 3 لاعبين قبل البطولة، بينما ينتظر حوالي 6 لاعبين آخرين موافقة «الفيفا» ليشاركوننا مستقبلاً، ويضم منتخبنا 7 لاعبين محترفين في ألمانيا وبولندا وتركيا وروسيا، بالإضافة إلى بنما، كما اعتمد في استمرار إشعال الحماس في قلوب جميع اللاعبين على الحارس كاشوبا، قائد المنتخب، حيث كنا زملاء سابقين في الملعب».
وأضاف سلطانوف: «بعد الخسارة الأولى في البطولة، جلست مع اللاعبين وطالبتهم بالتحرر من الضغوط، والاستمتاع ببطولة يكتبون فيها تاريخ بلدهم للمرة الأولى، طالبتهم بأن يقاتلوا أيضاً لأسمائهم، حتى يقدموا أنفسهم لآسيا لعل الأندية الغنية في القارة تتعاقد مع بعضهم بعقود ضخمة، أبلغتهم أن هذه البطولة فرصتهم لتسويق أنفسهم بالقتال في الملعب بحثاً عن فرصة أفضل، وهو حلم يمكن أن يتحقق، لأن كرة القدم ليست شعبية في قيرغيزستان، بل الكل يلعب لعبة للبدو تسمى كوكبرو».
وعن مباراة الغد أمام منتخبنا، قال: «ليس لدينا ما نخسره، سنلعب بلا ضغوط، هذه هي كرة القدم، ولا أحد يعرف ما الذي لم يكن أن يحدث خلال 90 دقيقة، كفة التاريخ وفارق الإمكانات يصبان في مصلحة منتخب الإمارات، ولكننا لن نكون لقمة سائغة، فنحن جائعون لتحقيق المزيد من الإنجازات، لأننا حققنا الإنجاز الأهم بالوصول إلى هنا، ولن نغادر بسهولة، لقد قدمنا مباريات جيدة بالفعل، وخسرنا بأخطاء فردية نتيجة لقلة الخبرة».

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©