السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سلمى الحفيتي: الكتابة ليست ترفاً

سلمى الحفيتي: الكتابة ليست ترفاً
19 أغسطس 2019 02:07

فاطمة عطفة (أبوظبي)

بدأت الكاتبة الإماراتية الشابة سلمى الحفيتي علاقتها بالكلمة منذ أيام المنتديات الأدبية، تقول: حين كنت أكتب وأجد أن ما أكتبه يلقى استحساناً ويُتداول بين صديقاتي، مما زاد حماسي ورغبتي في الكتابة، لكنني أقر أني كنت أكتب بذاتية مطلقة لاستفراغ ما يثقل القلب، أي أنني كنت أكتب لنفسي لا أكثر، وهذا ديدن الكتاب في بداياتهم.. ثم ما نلبث أن نعي أن في الحياة آلاماً أشد من آلامنا، فنترجل من أبراجنا العاجية إلى الأزقة.. ونفتش في الوجوه عن ضالتنا، ونتلبس قضايا المجتمع حين ندرك أن الكتابة مسؤولية وعناء وليست ترفاً وأضواء، كما اعتقدنا في البداية.
وعن معنى الكتابة وهدفها، تقول: أكتب لأنني أنثى، والأنثى بذاتها مفرطة الحساسية ومثقلة بالمشاعر، رغم أن الكبرياء والمشاعر كقطبين متنافرين، ولا بد أن يميل الميزان إلى إحدى الجهتين.. فإن مال للكبرياء كتبت عن السعادة، وإن مال للمشاعر كتبت عن لوعة الفراق.
ولمن تكتبين؟ تجيب سلمى بصوتها الهادئ: الكتابة صوت كل من لا صوت له، أضيف الكلمات التي تموت على الشفاه قبل أن تقال.. والغصة التي تلتهم القلب ببطء، بل إنني قد أُسمِع قارئي صوت صرخة السمكة، قبل أن تموت في الثواني التي تُرفَع فيها الشباك وتختنق تدريجياً. الكتابة، كما أراها وأمارسها، تبدأ من ألم القلب وتنتهي عند صرخة مكتومة تتحول إلى قصيدة رائعة أو سطر خال.
أما عن تأثرها بمن سبقها من الكتاب، وعن اهتمامها بالاتجاهات الأدبية والمدارس الفنية والنقدية، فهي تشير إلى اهتمامها بالثمار أكثر من الغارس، فتقول: أتأثر بالكلمات لا بالكتاب.. فوهج الكلمة قد يترك ندوباً على القلب لا تزول، الكلمة سلاح قاتل للأفكار، وحدها الكلمة قادرة على أن تحمل المرء على أن يخوض حرباً أو يعيش حباً، وحدها الكلمة قادرة على أن تقتل الروح في الجسد الحي.. أو تحيي القلب في الروح الميتة، لهذا، أنا أكثر وفاء وحباً للكلمة لا للكاتب، تأملي شغفي في تتبع الكلمة سترين أنها هي التي تحييني، لا الكاتب.
وتواصل سلمى حديثها الجميل: أما النقد فهو أشبه بطرق الحديد، فإن لم يكن ساخناً كفاية لما تشكل بفعل الطرق، وهكذا الكاتب، إن بلغ من تعالي القلم درجة لا يستجيب لطرق النقد ولا يتغير، فربما يفقد الفرص في التشكل الأجمل! أنا أحترم النقد وأسعى إليه، وأستجيب لوجهات النظر المختلفة، ولكنني أحافظ في الوقت ذاته على مبادئي الجوهرية في الكتابة، وأؤمن أن قلمي لا يزال يحبو أمام أقلام الكبار.
وماذا عن القراءات، هل تفضلين القراءة في الكتاب الورقي أم الإلكتروني؟ ولمن تقرأين؟ تقول سلمى: أقرأ في كل شيء يلهب روحي، أهتم بالفلسفة وعادات الشعوب الغريبة، وأميل للكتابات الرومانسية، لا أفضل الورق على القراءة الإلكترونية.. كلاهما سيان طالما أنني أستطيع تلوين المقاطع التي تجذبني ويمكنني العودة إليها بسهولة، أهتم بالكتب التي تميل للداخل الإنساني، لأن لكل إنسان علاقتين: الأولى مع بيئته وظروفه الخارجية.. والأخرى مع ذاته ونفسه الخفية، ونجاح المرء ظاهرياً لا يعني أنه ناجح في حواره الداخلي.
وحول مرجعية الإنترنت ومدى دقته للكاتب في تحصيل المعلومة، تشير الحفيتي: لا أعول على معلومات الإنترنت، لأنني ومن خلال بحثي عن معلومات عن الديانة الإزيدية، حين كنت أكتب رواية «الأسيف»، ومن خلال حواراتي مع الإزيديين وقراءة كتب المستشرقين، اكتشفت أن أغلب المعلومات المتوافرة عنهم في الإنترنت كانت مغلوطة، والكاتب الذي يحترم عقلية قارئه لا يجازف بأخذ كلمة لا يثق في مصدرها.
وحول الحركة والمشهد الثقافي بشكل عام، تقول سلمى: الثقافة المحلية من وجهة نظري اتخذت المسار الصحيح قبل أعوام عديدة، وأنا أؤمن أن الساحة الأدبية أصبحت تميز بين الغث والسمين، وأن النتاجات الأدبية ستغربل كلما ازداد وعي القراء، لأن قراء اليوم أصبحوا نخبويين، ويتطلعون إلى نص إبداعي يحرك مكامن الشعور، ويخاطب العقول قبل القلوب، نحن الكاتبات نجد كل الدعم اللازم لصقل مواهبنا، أقول هذا من خلال تجربتي في إدارة مقهى الفجيرة الثقافي، واستضافة الكثير من الأدباء والأقلام الواعدة.
وعن جديدها، تقول: أنا بصدد نشر كتابي الثالث، وهو رواية انكببت على كتابتها مدة سنتين، ولها أبعاد نفسية، تناقش هذه الرواية الصراع الداخلي بين المرء وروحه، وتلقي الضوء على حقبة تاريخية مهمة من تاريخ الإمارات حين تفشى مرض الطاعون، ومستقبلاً أفكر في الاتجاه لكتابة سيناريو أفلام قصيرة، والخروج من إطار الرواية، وتجربة كتابة أجناس أدبية أخرى كالقصص القصيرة.

عن الكاتبة
سلمى الحفيتي، مدير الشؤون الثقافية والتدريب، ومدير مقهى الفجيرة الثقافي التابع لجمعية الفجيرة الاجتماعية الثقافية، صدر لها كتاب «فرعوني الأشهى»: (الحرية النفسية في فلك متسلط)، ورواية «الأسيف»: (الإزيدية في جبل سنجار)، وهي تحمل ماجستير إدارة مشاريع

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©