الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

كيف نجح الجيش الليبي في السيطرة على أغلب مدن المنطقة الغربية ؟

كيف نجح الجيش الليبي في السيطرة على أغلب مدن المنطقة الغربية ؟
6 أكتوبر 2019 00:09

حسن الورفلي (بنغازي – القاهرة)

أطلق الجيش الليبي في 4 أبريل 2019 عملية «طوفان الكرامة» لتحرير طرابلس من الميليشيات في العاصمة التي تسيطر عليها حكومة «الوفاق».. 6 أشهر من معارك طرابلس عبر ثمانية محاور رئيسية شغلت المجتمع الدولي ووسائل الإعلام العربية والعالمية في انتظار تحديد من ينتصر.. ستة أشهر من الكر والفر في أرض المعارك، تبادلت فيها المواقع بحيث لم يعد كثيرون يعرفون من يسيطر على ماذا على الأرض وسط تباين البيانات من الجيش الليبي وحكومة «الوفاق».
في هذه اللحظة يرى مراقبون أن عمليات الجيش الليبي رسمت خريطة جديدة للصراع في ليبيا وفرضت أمراً واقعاً يغير آليات إدارة المجتمع الدولي للحالة الليبية.
وفي هذا الإطار يرى مراقبون أن مشهد المعارك في طرابلس يكشف بوضوح أن إمكانية الحوار السياسي أصبحت شبه معدومة وأن الدعوة لمؤتمرات دولية مثل مؤتمر برلين وغيرها من المؤتمرات نصيبها على الأرجح الفشل، في ظل تباينات المصالح بين القوى الدولية والإقليمية، وبالتوازي، فإن وضع معارك طرابلس ضمن «الحرب على الإرهاب» يعيد صياغة المشهد كاملاً.
والسؤال الشائك الذي سعت «الاتحاد» للإجابة عليه لرسم خريطة للوضع الراهن عسكرياً وسياسياً ودولياً، هو: ماذا حدث خلال ستة أشهر من المعارك في محاور القتال بطرابلس؟

خريطة طرابلس اليوم
تشبه خريطة معارك طرابلس «عش العنكبوت»، قد يبدو من الصعب فهمها ويجعل أخبار ليبيا شديدة التعقيد حالياً بالنسبة للقارئ العربي، ولكن أغلب محاور القتال تتركز في شرق طرابلس حيث تتقدم قوات الجيش الليبي من الشرق إلى طرابلس، إلى جانب محاور من الجنوب يتقدم منها الجيش إلى العاصمة من قاعدة الجفرة الجوية جنوب البلاد. وبمعرفة مرتكزات انطلاق قوات الجيش الليبي سيسهل فهم الخريطة، فقوات الجيش الليبي تتقدم من مدن ترهونة التي ينحدر منها اللواء التاسع أهم لواءات عملية تحرير طرابلس، فضلا عن انطلاق الإمدادات الرئيسية من قاعدة الجفرة الجوية في الجنوب الليبي، وباتت خطوط الإمداد للجيش الليبي أبعد بعد سقوط مدينة غريان في قبضة الميليشيات المسلحة بعد تعرض قوات الجيش الليبي لخيانة من عناصر جماعة «الإخوان» داخل المدينة.
ووفق مصادر عسكرية ليبية لـ«الاتحاد» فإن قوات الجيش تحقق تقدمات في جميع محاور القتال بطرابلس وخاصة في المحور الغربي وتحديداً في كوبري السواني والعزيزية، بالإضافة للمحور الأوسط في اليرموك وكذلك المحور الشرقي في عين زارة.
ويمكن تقسيم محاور القتال، هناك إلى ثمانية محاور رئيسية للقتال هي طريق المطار - الخلة - عين زارة - وادي الربيع - الزطارنة - العزيزية - الرملة - قصر بن غشير.
ونجد أن الجيش الليبي نجح في السيطرة على مطار طرابلس القديم في بداية معركة طوفان الكرامة لتحرير طرابلس وهو مطار (خرج من الخدمة في 2014 بعد حرقه من قبل الميليشيات المسلحة) ولكن أهميته الإستراتيجية ترجع إلى أنه على تلة مرتفعة مما يسمح للجيش الليبي بالسيطرة عليه وفي الوصول إلى قصر بن غشير (جنوب طرابلس).
ويقول المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم فنوش لـ«الاتحاد» إن العملية العسكرية وضعت النقاط فوق الحروب لمن يريد أن يرى حقيقة الصراع في سليبا بل وسمت الأشياء بأسمائها، فأصبح هناك جيش ليبي يسعى لتحرير العاصمة من الإرهابيين. وحول الإنجازات التي حققها الجيش الوطني الليبي خلال الستة أشهر الماضية، دعا فنوش إلى عدم النظر لعملية تحرير طرابلس كونها معركة عسكرية بحتة واختزال محاولة تقدير ما تم تحقيقه من خلال سيطرة الجيش على مدن ومناطق جديدة، أو من خلال التخلص من أعداد كبيرة تنتمي للميليشيات المسلحة والجماعات الإرهابية.

فشل الميليشيات
سعت قوات «الوفاق» والميليشيات المتحالفة معها عدة مرات في استعادة المطار من قوات الجيش الليبي ولكنها فشلت عبر الأشهر الستة بسبب الكثافة النارية للجيش الليبي ونجاح قواته في صد هذه الهجمات. ويمثل احتفاظ الجيش الليبي بالمطار القديم نقطة تفوق استراتيجية في المعارك بجنوب طرابلس.
وفي محور العزيزية، نجد أن الجيش الليبي نجح أيضاً في استعادة السيطرة على معسكر اليرموك بعد محاولات مستميتة من الميليشيات وقوات «الوفاق». ويمثل معسكر اليرموك أحد أكثر نقاط القتال اشتعالاً وعنفاً، وانتقلت السيطرة على هذا المعسكر الاستراتيجي بين قوات الجيش الليبي وقوات الوفاق أكثر من مرة خلال الأشهر الـ6 الماضية. وترجع أهمية هذا المعسكر الذي يقع جنوب طرابلس إلى أنه يمثل أحد النقاط الرئيسية للتقدم نحو قلب طرابلس.
بالتوازي، فإن معركة معسكر اليرموك لها أهمية معنوية خاصة، حيث يمثل مركز مواجهة رئيسية بين قوات الجيش وما يسمى بميليشيات الصمود التي يتزعمها الإرهابي – المدرج على قوائم الإرهاب الدولية- صلاح بادي وميليشيا «الموت» الإرهابية التي قتل قائدها محمد الرايس خلال المواجهات.
أما محور عين زارة، فمازال يمثل منطقة اشتباكات بين الجيش والميليشيات وتدور في هذا المحور أشرس المعارك العسكرية ويتقاسم الطرفين السيطرة عليه. وصعوبة المعارك في هذه المنطقة ترجع بالأساس إلى أنها منطقة كثيفة السكان مما يصعب الحركة في محاورها ويسهل للميليشيات المناورة بها. وتقدمت قوات الجيش الليبي في محور عين زارة متقدمة من مدينة ترهونة بدعم من اللواء التاسع مشاة.
وأهمية محور عين زارة ترجع إلى أنه بمنطقة تعد الأقرب إلى قلب العاصمة طرابلس ويتم التحرك بها بالتوازي مع محاولات في محوري العزيزية ووادي الربيع. وفي حال سيطرة الجيش الليبي على محور عين زارة فإنه سيكون قد استكمل نصف دائرة قريبة من وسط طرابلس وقطع خط إمداد كامل عن الميليشيات المسلحة وقوات حكومة «الوفاق».
وسعيا لمنع الجيش الليبي في السيطرة على عين زارة قامت قوات «الوفاق» بقصف عنيف على مدينة ترهونة لمنع تقدم اللواء التاسع خلال شهر سبتمبر الماضي. ولقي قائد اللواء التاسع العميد عبد الوهاب المقري مصرعه في الهجمات المتوالية على ترهونة. وكان العميد عبدالوهاب المقري قد صرح لـ«الاتحاد» قبل مصرعه بأيام بأن «استهداف ميليشيات الوفاق لمدينة ترهونة لن يثني اللواء التاسع عن دعم معركة تحرير طرابلس». وشدد على أن قوات اللواء التاسع لن تتراجع «قيد أنملة» عن الأهداف التي تسيطر عليها في محور عين زارة.

الهدف الأسمى للجيش
محور وادي الربيع، وهو محور رابع جنوب شرق طرابلس، فإن الجيش الليبي يسيطر على أغلب مناطقه، ويسعى عبر هذا المحور في التقدم نحو وسط العاصمة التي تمثل الهدف الأسمى للقوات المسلحة الليبية وتتقدم في هذا المحور قوات اللواء التاسع مشاة في مواجهة مليشيات تتبع مصراتة وعدد من المرتزقة.
وفي محور الزطارنة، الذي يقع من الشرق لمحور وادي الربيع، نجح الجيش الليبي في السيطرة على المحور قبل أسابيع بعد قتال عنيف مع المجموعات المسلحة التابعة لـ «الوفاق». وكانت قوات الميليشيات تسعى للسيطرة على هذا المحور في محاولة لتهديد مدينة ترهونة مركز اللواء التاسع وبالتالي سحب قوات الجيش من محاور عين زارة ووادي الربيع إلى ترهونة عبر السيطرة على الزطارنة. ولكن قوات الجيش الليبي نجحت في السيطرة على هذا المحور القريب من مدينة تاجوراء التي تمثل الضاحية الشرقية لطرابلس والأقرب إلى وسط العاصمة.
وهذا المحور يمثل انطلاقة للجيش الليبي للتقدم من الشرق للشمال وقطع الطريق بين طرابلس والقرة بولي أي بالمعني العسكري قطع الإمدادات للميليشيات من مدينة مصراتة إلى طرابلس عبر السيطرة على الطريق الساحلي الشرقي لطرابلس.
وفي محور بلدة السبيعة (40 كلم عن وسط طرابلس)، الذي يسيطر الجيش الليبي. وهو المحور الذي تحاول الميليشيات السيطرة عليه بكافة الطرق لقطع الإمداد بين ترهونة ومحاور القتال جنوبي العاصمة طرابلس، وتعمل قوات الجيش الليبي على القيام باستدراج للميليشيات المسلحة واستنزاف قدراتها عبر سلاح الجو الليبي والقوات البرية الداعمة له.
وأثر سقوط مدينة غريان بشكل كبير على خط الإمدادات الرئيسية لقوات الجيش الليبي ونقل غرفة العمليات الرئيسية إلى مدينة أخرى، وتعد المدينة أحد أبرز المدن الإستراتيجية في المنطقة الغربية التي تتطلع القوات المسلحة الليبية استعادتها بالقوة بعد الخيانة التي تعرضت لها القوات داخل المدينة.

إرهابيون ومرتزقة
بحسب حديث سابق للواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الليبي لـ«الاتحاد» فإن الجيش الليبي يسعى حالياً لاستنزاف قدرات الميليشيات قبل دخول قلب طرابلس بشكل حاسم وسريع. ومن الواضح أن إطلاق الجيش الليبي للعملية العسكرية في طرابلس دفع حكومة الوفاق لاتخاذ قرارات خاطئة والتحالف مع ميليشيات مسلحة كانت تتهمها حكومة الوفاق بالسيطرة على مؤسسات الدولة الليبية وابتزاز أبناء الشعب الليبي ونهب ثرواته النفطية.
الغريب أن وزير داخلية حكومة الوفاق فتحي باشاغا قد دخل في معركة إعلامية مع الميليشيات المسلحة منذ مطلع العام الجاري، ووجه نداءات إلى رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج بضرورة وقف الأموال الضخمة التي يخصصها إلى قادة الميليشيات المسلحة وخاصة التي تبسط سيطرتها على عدد من الوزارات والمؤسسات في البلاد.
المقاطع المصورة التي يبثها الجيش الليبي والتي تنشر منصات إعلامية تابعة لحكومة الوفاق كشفت بما لا يدع مجالا للشك بوجود مرتزقة أجانب وعناصر غير ليبية تقاتل إلى جانب الوفاق، وهو ما فسرته قيادات عسكرية ليبية بمحاولة الوفاق صد هجوم الجيش الليبي بالتحالف مع أي طرف مسلح أو ميليشيات إجرامية أو إرهابية.
وأشار المحلل السياسي الليبي عبد الحكيم فنوش إلى أعداد المرتزقة الذين يستجلبهم أسامة الجويلي التابع لحكومة الوفاق، بالإضافة للإرهابيين الذي يتدفقون من تركيا ومدينة إدلب السورية وهو ما يبين أن العملية العسكرية التي يقودها الجيش الليبي ضد إرهابيين.
وأوضح أن العملية العسكرية في طرابلس فضحت حكومة الوفاق وبينت إجرام وخيانة الميليشيات الداعمة لها، واصفا إياهم بـ«أدوات» في مشروع خارجي يستبيح ليبيا من خلالهم.
ووفقا لإحصائيات غير رسمية، تمكن الجيش الليبي من تصفية ما يقرب من 400 مسلح يقاتلون إلى جانب حكومة الوفاق منذ الرابع من أبريل الماضي، وغالبية القتلى من مدينة مصراتة التي يسيطر عليها تيار الإخوان وقيادات في الجماعة الليبية المقاتلة (فرع تنظيم القاعدة في ليبيا)، بالإضافة لتمكن القوات المسلحة من القبض على عدد من المسلحين والمرتزقة يقدروا بالعشرات بينهم قادة ميليشيات مسلحة أبرزهم قائد ميليشيات الفرقان علي بن غشير وهو أحد أبرز المقاتلين المنحدرين عن مدينة مصراتة غرب البلاد.

تضييق الخناق
وفي هذا السياق، يقول السياسي والحقوقي الليبي محمد صالح اللافي إن الجيش الليبي نجح في تضييق الخناق وقطع الإمدادات عن الميليشيات في طرابلس والمناطق الغربية في وقت قياسي جعل هذه الميليشيات تتخبط أمام سرعة انتقال المعارك من الشرق إلى الجنوب إلى الغرب الليبي، موضحاً أن وصول قوات الجيش الليبي إلى تخوم طرابلس، وإطباق الخناق وقطع الإمداد على هذه الميليشيات في العاصمة والمناطق الغربية والتي تسيطر عليها الميليشيات الإرهابية في وقت قياسي جعل هذه الميليشيات تتخبط أمام سرعة الانتقال من الشرق الليبي إلى الجنوب ثم للغرب.
ولم تنفي الميليشيات المسلحة الداعمة لحكومة الوفاق الأنباء الواردة من طرابلس حول سقوط عدد من قادة الميليشيات قتلى برصاص الجيش الليبي ولعل أبرزهم الإرهابي محمد الهاشمي المعروف بـ«أرفيدة» القائد الميداني في ميليشيات مصراتة، والذي تم القضاء عليه في محور السبيعة جنوبي العاصمة طرابلس، بالإضافة إلى مقتل هشام امسيمير، أكبر داعمي الميليشيات بالسلاح في العاصمة الليبية طرابلس، الذي كان له دور كبير في دعم الصراعات والهجوم على مدينة بني وليد.
شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي كشفت منذ أيام عن أسماء بعض قادة الميليشيات التي قتلت في المواجهات خلال سبتمبر الماضي ومنهم المدعو علي شناك، قائد محور الخلاطات، ومحمد الشيشة، قائد مليشيا شريخان، ومحمد الرايس، قائد مليشيا الموت، وسليم قشوط، المتحدث باسم مليشيا جنزور.
ويقول أحمد عطا الباحث بمنتدى الشرق الأوسط في لندن، إن العملية العسكرية في طرابلس تهدف لاستعادة المدينة من قبضة الميليشيات المسلحة.
وأوضح أن القوات المسلحة الليبية تمكنت من دخول طريق صلاح الدين الاستراتيجي، الذي يضم المنشآت والكليات العسكرية وأجهزة الشرطة في نفس الوقت تمكنت الوحدات العسكرية من استعادة السيطرة على البوابة 27 في طرابلس بعد سيطرة سابقة لميليشيات الوفاق.
وتطرق عطا إلى الدعم الذي تحصلت عليه ميليشيات الوفاق عسكريا رغم الحظر المفروض على مرور ودخول الأسلحة إلى الأراضي الليبية، مشيرا إلى مواجهة الجيش الوطني لأكبر عملية امداد بحري لنقل شحنات السلاح من شرق أوروبا، بمعرفة شركات نقل بحري إيرانية تحت تأمين كامل من المخابرات العسكرية الإيرانية.

ليبيا حقل تجارب للأسلحة التركية
لا يفوت النظام التركي أي صراع عسكري في المنطقة من دون الزج بأسلحته الفتاكة والحديثة لاختبارها في المعارك العسكرية، وبعد إعلان الجيش الليبي عن إطلاق عملية تحرير طرابلس لم تخف الميليشيات المسلحة وعناصر جماعة الإخوان الليبية حصولهم على عدد من الطائرات التركية المسيرة، وذلك لعرقلة عملية الجيش الليبي وجمع المعلومات حول تمركزات القوات لاستهدافها في محاور طرابلس. وأحدثت الطائرات التركية المسيرة حالة من الإرباك في صفوف قوات الجيش الليبي بعد الدفع بها إلى محاور القتال في طرابلس، إلا أن غرفة العمليات الرئيسية عملت على تنفيذ غارات مكثفة ومفاجئة استهدفت الشق العسكري لمطار معيتيقة وطرابلس، ما أدى لتدمير جزء كبير من غرف العمليات التي تنطلق منها الطائرات التركية المسيرة لمحاور القتال في العاصمة.
وأشار المحلل السياسي محمد جبريل اللافي إلى نجاح الجيش الليبي من جعل حلفاء هذه الميليشيات كتركيا تظهر الدعم الذي كانت تقوم به في السابق لعصابات مجالس شورى درنة وبنغازي الإرهابية والذي كان بالخفاء وبات ظاهرا للعيان وتحديدا من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وتشهد سماء ليبيا إحدى أكبر معارك طيران مسير تخوضها أنقرة بهدف عرقلة تقدم قوات الجيش الليبي، وحلقت طائرات «درون» و«بيرقدار TB2» في سماء طرابلس، وحاولت في عدة مرات استهداف قاعدة الجفرة الجوية جنوب البلاد لقطع خطوط الإمدادات عن قوات الجيش الوطني الليبي إلا أن الدفاعات الجوية للقوات المسلحة الليبية أفشل هذا التحرك الذي تم خلال الشهر الماضي.
الدفاعات الأرضية للجيش الليبي كشفت هوية الطيارين الذين يقودون طائرات تتبع حكومة الوفاق التي تستهدف المدنيين في طرابلس وتشن غارات على تمركزات الجيش الليبي، وكان لإسقاط طائرة الطيار الأميركي جيمس سبونوجل (31 عاما) صدى كبير في الأراضي الليبية وحالة من الترقب من دول الجوار، وذلك بعد إسقاط طائرة ميراج إف 1 تتبع ميليشيات طرابلس، قبل إلقاء القبض على سبونوجل في 7 مايو الماضي.

إرهابيون بخاتم تركي
تتهم القيادة العامة للقوات المسلحة الليبية النظام التركي بتدريب أكثر من 9500 إرهابي في ليبيا منذ 2011 وإرسالهم إلى سوريا، لافتة إلى الجرائم التي يرتكبها نظام أردوغان بنقل متطرفين وإرهابيين من إدلب إلى مصراتة وطرابلس عبر رحلات جوية لشركة طيران يمتلكها القيادي في الجماعة الليبية المقاتلة عبدالحكيم بلحاج.
وكشف الجيش الوطني الليبي عن عدد الطائرات التركية المسيرة التي تم إسقاطها منذ الرابع من أبريل الماضي والتي تقدر بـ 25 طائرة تركية، وتدمير القوة الضاربة لهذه الطائرات المتمثلة في غرفة عمليات الطائرات المسيرة في معيتيقة ومصراتة.
وشدد المحلل السياسي الليبي عبدالحكيم فنوش على أن العملية العسكرية لتحرير طرابلس وضعت النقاط على الحروف لمن يريد أن يرى حقيقة الصراع وسمت الأشياء بمسمياتها، مضيفا: «على الليبين أن يدركوا بأن بلدهم محتل وعليهم أن يعيشوا حالة تحرر».
بدوره يقول الحقوقي الليبي محمد اللافي أن ميليشيات السراج رغم تحالفها مع تنظيمات داعش والقاعدة إلا أنها فشلت أن تكون ندا لقوات الجيش الليبي، مؤكداً أن القضاء على هذه المليشيات الإرهابية والإجرامية مسألة وقت فقط.
وأوضح اللافي في تصريحات خاصة إلى أن المعركة التي يقودها الجيش الليبي في طرابلس باتت مرئية لكل وطني شريف وجب عليه الانضمام في صف الوطن وحماية سيادته من تدخلات الحكم العثماني البغيض، ما جعل مدن ومناطق كانت مؤيدة للنظام الليبي السابق تأخذ جانب الحياد مما يحصل في ليبيا بأن تدفع بأبنائها للالتحام والانصياع لتعليمات القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، على حد قوله.

ساعة الصفر
رغم اقتراب قوات الجيش الليبي من قلب العاصمة طرابلس إلا أن القيادة العامة تؤجل ساعة الصفر خوفاً على حياة المدنيين، وهو السبب الحقيقي لعدم حسم قوات الجيش للمعركة بشكل سريع وحاسم، وهو الوتر الذي تعزف عليه المليشيات المسلحة المسيطرة على العاصمة وتستخدم المدنيين كدروع بشرية لعرقلة عملية الجيش الليبي، والترويج لأكاذيب استهداف الجيش الليبي للسكان المدنيين في ضواحي طرابلس وهو ما تنفيه القيادة العامة.
وتستخدم قوات الجيش الليبي استراتيجية الاستدراج والاستنزاف التي تعتمد على سحب المسلحين والمرتزقة والإرهابيين إلى خارج الأحياء السكنية وتوجيه ضربات قوية تدمر قدراتهم العسكرية وتستنزف القوة البشرية التي تمتلكها تلك الميليشيات.

الخيار السهل الممتنع
يمكن توصيف الحالة السياسية الليبية بأنها الأسهل بسبب رغبة كافة الأطراف في التوصل لحل سياسي لكن تتباين الرؤى بين الأطراف المتصارعة، فالقيادة العامة للقوات المسلحة الليبية تربط الحل السياسي بتفعيل الاتفاقات الموقعة وخاصة الصخيرات الذي يقضي بحل الميليشيات المسلحة وتسليم أسلحتها، وهو عكس رؤية حكومة الوفاق التي تريد حلا سياسيا لا يستبعد الميليشيات التي ترتكز عليها تلك الحكومة من أي عملية سياسية. ورغم احتضان فرنسا وإيطاليا لمؤتمري باريس وباليرمو لحل الأزمة السياسية في ليبيا وتحشيد ألمانيا لاحتضان مؤتمر جديد في برلين إلا أن هذه الدول تتغافل عن السبب الرئيسي المعرقل للحل السياسي وهي الميليشيات المسلحة، فضلا عن عدم وجود ضمانات حقيقة تلزم الميليشيات بتنفيذ البنود الواردة في الاتفاقات الموقعة.

الدور المجتمعي
يخطئ من يتصور أن نجاحات الجيش الوطني الليبي في المنطقة الغربية والدخول إلى طرابلس تم عبر القوة العسكرية الضاربة للقوات، لأن الحقيقة هي وجود حاضنة شعبية كبيرة للقوات المسلحة الليبية بين أعيان المنطقة الغربية والتي وفرت الدعم اللازم للجيش سواء بالعتاد أو الأفراد. وتعد قبائل المنطقة الغربية وتحديداً قبائل ترهونة أبرز القبائل التي ترتكز عليها قيادة الجيش الليبي في معركة تحرير طرابلس ولا يعرف الكثيرون أن عدداً كبيراً من قادة الجيش الليبي ومستشاري المشير حفتر ومساعديه تعود أصولهم إلى قبائل ترهونة التي يقدر عدد أبنائها بعشرات الآلاف.
وينتشر عدد كبير من أبناء قبائل ترهونة في ضواحي طرابلس وهو ما وفر الحاضنة الشعبية للقوات المسلحة الليبية في عدد كبير من المحاور التي يسيطر عليها وخاصة في وادي الربيع وخلة الفرجان، وهو ما يشير إلى الدور الهام الذي تلعبه القبائل الليبية في معركة تحرير العاصمة.

الخلاصة
معركة تحرير طرابلس نجحت على عدة مستويات عسكريا بتمكن الجيش الليبي من استهداف واستنزاف جزء كبير من قدرات الميليشيات المسلحة ولم تعد الأخيرة بنفس القوة التي كانت عليها في السابق، وسياسيا بضغط المجتمع الدولي على حكومة السراج بضرورة فك الارتباط بالميليشيات المسلحة والإرهابية، بالإضافة إلى الدور المجتمعي الذي نجح في تحقيق الترابط بين قبائل الجنوب والشرق والغرب الليبي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©