الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الحرفيّات.. إرث الأصالة ونسيج الموروث

الحرفيّات.. إرث الأصالة ونسيج الموروث
11 أكتوبر 2019 03:06

أزهار البياتي (الشارقة)

تحتفي قاعة مجلس إرثي بمشهد معبّر لمجموعة من النساء «المبرقعات» يجلسن منهمكات بالعمل، تشي تعابير كلّ واحدة منهنّ بحكاية تروي سنوات وعقود مرَّت وقضت، تاركة على ملامحهن آثار الطيبة والأصالة وخبرات الحياة، يتبادلن الحديث معك بكلمات مغزولة من حرير، تزيِّن وجوههن براقع الحشمة والوقار، وتبتدع أياديهن المخضبّة بالحناء، موروثات شعبية وحرف نسوية محليّة الطابع والنمط، منسوجة بذاكرة الشغف وخصوصية الهوية والانتماء.
من خلال برنامج ريادي للتنمية الاجتماعية في الشارقة، والتابع لمجلس إرثي للحرف المعاصرة، تتوالى مثل هذه القصص والحكايات عن حرفيّين وحرفيّات تميزوا في مختلف الصناعات الإبداعية والمشغولات الفنية المستنبطة من عمق التراث المحلي.

بدوة إرثي
شريفة الظهوري مديرة مركز بدوة التابع لمجلس إرثي، قالت عن طبيعة هذا البرنامج: ضمن يوميات مركز بدوة ومقره المتميّز بمدينة دبا الحصن بالشارقة، يجتمع على مدار الأسبوع مزيج نسوي من مختلف الأجيال والأعمار، يعملن بروح الفريق بكل همة ونشاط، ويتبادلن فيما بينهن مجموعة من التجارب والخبرات، وحيث تنقل منتسباتنا من الحرفيّات القديمات من كبار السن مفاتيح وأسرار أهم مهارات الحرف اليدوية المحليّة وتضفنها إلى خبرة الجيل الجديد من الإماراتيات الواعدات، من اللواتي يمتلكن الموهبة والقدرة على التطوير والابتكار، ويسهمن بدورهن في ترقية هذه المشغولات الحرفية والصناعات اليدوية واستثمارها وفق صياغات حديثة وجديدة، بحيث تحفظ عناصر التراث المحلّي وترتقي به وتطوره وفق متطلبات العصر.

من ذاكرة الطفولة
في واجهة المكان تتربع السبعينية فاطمة أحمد محمود «أم أحمد» منكبة على إيقاع ما يعرف محلياً بـ«الكاجوجة»، وهو عبارة عن حامل معدني تعلوه مخدّة أسطوانية الشكل تجدل عليها خيوط ملونة، وتتدلى من جوانبها البكرات، مبتدعة بأصابعها نماذج غاية في السحر والجمال، وهي تعبّر بفخر عن شغفها بخدمة التلْي، وتعلقها بهذه الحرفة المميّزة منذ سنوات الطفولة والصبا، حيث تعلمت فنونها وتشربت مهاراتها من أمها، والتي أخذتها بدورها من جدتها.

تبادل الخبرات
وتوافقها الرأي زميلتها في إرثي زينب حسين: مع بداية كل يوم نقضيه ضمن برنامج بدوة التابع لإرثي نعلم ونتعلَّم شيئاً جديداً وممتعاً، ودورنا كحرفيات لا يقتصر مطلقاً على نقل عناصر من التراث القديم والحرف اليدوية بأسلوبها التقليدي المعتاد فقط، بل نحن أيضاً وبفضل اختلاطنا بالحرفيات الأصغر سناً، أصبحنا جميعاً أكثر انفتاح على الأفكار العصرية، وصرنا نضيف على عملنا خطوطاً وتصاميم وألواناً ومواد وخامات حولت العديد من الحرف والصناعات التراثية القديمة إلى منتجات أكثر جمال وحيوية وحياة، ولعلَّ هذا هو الهدف المنشود من اختلاط الأجيال، وتبادل الخبرات والتجارب التي تسهم ليس فقط في صيانة معطيات البيئة المحلّية، بل تتعداها إلى إبداع تراث مستقبلي جديد، سيكون ذخراً إضافياً للأحفاد.
وتصف الحرفية فاطمة أحمد النقبي «أم علي» قيمة صيانة مفردات الموروثات الشعبية وعناصر التراث الإنساني لمختلف مصنفات البيئة المحلية ونقلها إلى ثقافة جيل الزمن الحاضر: «وراء كل حرفة ومهنة قديمة تكمن حكاية وقصة إماراتية الطابع والهوى، وجميعها تدلل على أصالة شعبنا وخصوصية ثقافته وموروثه الإنساني والمجتمعي، وإن المحافظة على هذا التراث والتاريخ الحضاري مسؤولية وطنية يتعاون فيها الجميع، ونحن كحرفيات مواطنات ورثن أصول الحرف الإماراتية القديمة، تمكنا وعبر برنامج بدوة الرائد من أن نسهم في انتقال أجزاء من مهارات هذه الكنوز الإبداعية إلى ذاكرة الشباب».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©