السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

رائد الفضاء.. كيف يصوم ويصلي خارج كوكب الأرض ؟

رائد الفضاء.. كيف يصوم ويصلي خارج كوكب الأرض ؟
25 أكتوبر 2019 02:25

سامي عبد الرؤوف (دبي)

مع انطلاق برنامج الإمارات الوطني للفضاء، بما يحمله من طموحات لا حدود لها وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، أصبح من الضروري أن تضطلع جهة مسؤولة وموثوقة بإجراء البحوث اللازمة. ومنذ الإعلان عن رحلة رائد الفضاء الإماراتي هزاع المنصوري إلى الفضاء، ونجاح الاستعدادات الفنية واللوجستية والعلمية لإتمامها، برزت بعض التساؤلات المهمة المتعلقة بحياة رواد الفضاء المسلمين على متن محطة الفضاء الدولية، وكيف يمكن لهؤلاء الرواد الإيفاء بالواجبات والفروض الدينية أثناء تواجدهم في فضاء الكون الخارجي بطريقة عملية ومبسطة. ورأت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي الإجابة عن هذه التساؤلات، والتبحر فيها للنظر في آثار الثورة العلمية في مجال غزو الفضاء، وتبيان ما يتعلق بها من أحكام شرعية تتفق مع الصحيح من الدين، وتناسب مقتضيات عصرنا الحالي، وذلك انطلاقاً من المسؤولية التي تضطلع بها الدائرة بوصفها منصة موثوقة وعصرية للمسلمين حول العالم. وأصدرت إدارة البحوث في الدائرة، بحثا جديداً بعنوان «تقدير مواقيت الصلاة والصيام لرواد محطة الفضاء الدولية»، حرصت من خلاله على الإجابة عن التساؤلات المتعلقة بالأحكام الشرعية لرواد محطة الفضاء الدولية، وتوفير التأصيل العلمي والفقهي الصحيح لها، ليكون هذا الإصدار مرجعاً تقدمه الدائرة للمسلمين والباحثين عن المعرفة من جميع أنحاء العالم.

عن الأسباب التي دفعت لإعداد هذا البحث وإصداره في هذا التوقيت، أشار الدكتور حمد بن الشيخ أحمد الشيباني، مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي، في تصريح لـ «الاتحاد»، إلى أن التساؤلات المتعلقة بالأحكام الشرعية في الفضاء طالما كانت تدور في عقول المسلمين منذ بدء محاولات الإنسان لاستكشاف الفضاء، فبادرت الدائرة للإجابة عن هذه التساؤلات وفق تأصيل فقهي وشرعي صحيح، لتأخذ بيد السبق في هذا المشروع.
ولمواكبة الأحكام الشرعية التقدم العلمي في مجال الثورة الصناعية الرابعة، أوضح الدكتور عمر الخطيب، المدير التنفيذي لقطاع الشؤون الإسلامية، أن الدائرة وضعت خطة منهجية لدراسة الأبحاث المستقبلية في شتى المجالات المتقدمة، وذلك بأخذ التصور العلمي الوافي من الجهات المختصة، ثم صياغتها ضمن أبحاث شرعية لتأصيل هذه النوازل وبيان الأحكام الشرعية المتعلقة بها.

منهجية البحث
وحول المنهجية التي تم اتباعها في إعداد هذا البحث، أجاب علي حسن المرزوقي، مدير إدارة البحوث في الدائرة: «البداية كانت مع تحديد الحقائق الأساسية للظروف التي يعيشها رائد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية والتي تدور حول كوكب الأرض بارتفاعات تصل إلى نحو 400 كلم عن سطح الأرض، وبسرعات عالية تصل إلى 28 ألف كلم في الساعة». وكشف المرزوقي، أن «هذه الظروف تعني أن مفهوم اليوم العادي لدى روّاد الفضاء يختلف عما اعتدنا عليه على كوكب الأرض، حيث يشاهد رائد الفضاء 16 شروقاً و16 غروباً للشمس في يومنا الاعتيادي المقدر بأربع وعشرين ساعة».
وقال المرزوقي: «حتّمت هذه الحقائق علينا الإجابة عن مجموعة من الأسئلة، كأداء الصلوات الخمس لرواد الفضاء خلال مهامهم في فضاء الكون الخارجي، وهو ما يمكن أن يصل إلى 80 صلاة في يومنا الاعتيادي، وأيضاً التساؤل حول تقدير أوقات الصيام، وتحديد اتجاه القبلة للصلاة، وغيرها من الأسئلة الأساسية التي يحتاج المسلم لمعرفتها لأداء الواجبات والفروض المرتبطة بالعبادة».
وأكد أن الوضوح في العبادات يعدّ من أهم سمات الشريعة الإسلامية الغراء، وأن إعداد هذا البحث يحمل أهمية كبرى كونه يوفر إجابات وافية على كيفية الإيفاء بركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما الصلاة والصيام في الفضاء.
ولفت إلى أنه تم الوصول إلى الحكم الشرعي بهذا الخصوص وفق أصول علمية معتبرة، تم خلالها استعراض الدراسات السابقة في هذا المجال، ووضع منهجية لإجراء البحث، بعد أن يتم دراسة النازلة وتصورها التي تحتاج إلى حكم شرعي والتي تتمثل في هذه الحالة بالواقع الذي يعيشه رائد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية، ومن ثم الإجابة عن المسائل المتعلقة بهذا الواقع، وتقديم النتائج والتوصيات بأسلوب سهل ومبسط يناسب المسلمين في كل مكان.

أحكام جديدة
وأفادت الدراسة الصادرة عن الدائرة، بأن مواقيت العبادات الأنسب لرواد محطة الفضاء الدولية هي مواقيت مكة المكرمة باعتبارها مهبط الوحي، وخاصة أن رواد المحطة لا مكان لهم على الأرض ولا زمان لهم مماثلا لأيامنا على سطحها.
واستندت الدراسة فيما توصلت إليه بهذا الخصوص، على اعتبار أن الرحلات الفضائية غالباً ما تعتمد تواقيت مختلفة كالتوقيت الدولي أو تواقيت البلاد التي أقلعت منها، فمن الموصى به أن يعرف رائد الفضاء أوقات الصلاة والصيام حسب تقويم مكة المكرمة مع مراعاة فروق التوقيت.
وفيما يتعلق بتحديد القبلة، أوصى البحث، بأن يتحرى رائد الفضاء وقت مرور المحطة أمام الكعبة أو بلاد الجزيرة العربية، وإن خشي خروج الوقت يمكنه استقبال جهة الأرض عموماً، وإن لم يتيسر له شيء من ذلك يمكن لرائد الفضاء أن يصلي حيث تيسر له.
وتعرّض البحث أيضاً لمسألة الوضوء، حيث يجوز لرائد الفضاء أخذ شيء من الصعيد الطيب كحفنة من تراب أو حجر لأداء التيمم لكل فرض، أو في حال تعذر ذلك، فيمكنه التيمم بأي شيء من جنس الأرض أو بالمستطاع كجسم المركبة الفضائية.
وبسبب انعدام الجاذبية وتأثيراته على رائد الفضاء فقد تطرّق البحث لهذه النقطة، حيث لا يمكن تحقق بعض أركان الصلاة كالقيام والسجود نظراً لانعدام الجاذبية، وعليه يمكن أن يثبت رائد الفضاء رجليه إن استطاع، وإلا فليجلس ويربط حزامه ويصلي إيماءً.
وأفاد البحث أنه يمكن دائماً لرائد الفضاء الأخذ برخص السفر كقصر وجمع الصلوات، والإفطار في شهر رمضان على أن يقضي ما فاته من الصيام عند عودته.

أدلة شرعية وعلمية
أشار حمد محمد صالح، معدّ البحث وكبير الباحثين في إدارة البحوث بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، إلى أنه تم استعراض كافة الدراسات السابقة المتعلقة بهذا الموضوع والآراء الشرعية المتعلقة به، كما تطرّق إلى تكييف المسائل المتعلقة بموضوع الاختلافات الزمنية والجغرافية التي تؤدي إلى فقد العلامات، مع ما ورد في الكتب الشرعية المعتبرة، وما قدمه الفقهاء المسلمون من حلول، وبذلك جاءت الإجابات والتوصيات التي قدمها البحث مدعومة بأدلة شرعية وعلمية، تتناسب مع احتياجات رائد الفضاء. وأكد صالح أن هذا البحث يعتبر من بواكير الأبحاث المتعلقة بالفضاء، مشيراً إلى ضرورة توفير تفاصيل إضافية من رواد الفضاء المسلمين حتى يعمد العلماء لإصدار أحكام مفصلة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©