الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

السعادة عَرَض جانبي

السعادة عَرَض جانبي
31 أكتوبر 2019 00:03

كان الطبيب النفسي في موقف عصيب لا يحسد عليه.. تم القبض عليه وترحيله لمعسكرات الاعتقال النازية، وراح يراقب أصدقاءه ومعارفه وهم يتساقطون من حوله واحداً تلو الآخر من فرط الشقاء والضغط النفسي.. دون أن يمتلك وسيلة علاجية معروفة يستطيع بها مساعدة من يعيشون في مثل هذه الظروف شديدة القسوة. إلى أن بزغت في ذهنه طريقة علاجية جديدة، شرح فكرتها في واحد من أروع كتب علم النفس الذي تحمل نسخته العربية عنوان «الإنسان يبحث عن المعنى».
يشرح الدكتور فيكتور فرانكل في هذا الكتاب الساحر أساسيات فكرته، التي تتلخص في أن الإنسان كي يعيش بكفاءة ويواصل السعي، فإنه يحتاج إلى الشعور بمعنى في حياته..أن يؤمن بقيمة ما.. يحب شخصاً ما.. يتعلق بهدف ما.. يحتاج أن يتمسك بأي شيء يعطيه ذلك الإحساس بالواجب، والرغبة في التضحية والتفاني وتحمل الصعاب في سبيل هذا الشيء الذي يعطيه الشغف والحماس عند الاستيقاظ كل صباح.
مثال ذلك، مستقبل أبنائك الذين تحبهم، قيمة أخلاقية أو روحية تؤمن بها.. التفاني في عمل تعتقد أنه سيغير حياة من حولك إلى الأفضل.. كل هذه أمور قد تكون شاقة في بعض الأحيان، لكنك تفعلها رغم كل شيء، لأنك تحبها وتؤمن بأهميتها، وتشعر بقيمتك الذاتية وأنت تسعى لتحقيقها.
الرضا عن الحياة إحدى الركائز الأساسية التي ترسخ هذا المعنى.. هل أنت مدرك لدورك في هذه الحياة، وراضٍ عن تأديتك لها على قدر استطاعتك على الوجه الأكمل؟ هل تتمحور حياتك حول نفسك، أم أنها تشمل أناساً أكثر أو قيمة معنوية أكبر؟
هذا ما يجعل حياة بعض البشر أعظم أثراً من غيرهم!
لو عاش الإنسان بهذه العقلية المفعمة بالمعنى سيكون أكثر رضاً عن حياته وأكثر تحملاً لصعوباتها.. بينما لا تستطيع المشاعر الإيجابية وحدها أن تكون أساساً نبني عليه حياتنا كلها، لأنها حالة مؤقتة.. لذلك يعتبر فرانكل أن السعادة (بمفهومها الشعوري) لا ينبغي أن تكون هدفا نهائياً في حد ذاتها، بل إنها مجرد أعراض جانبية تحدث عند تحقيق شيء ذي معنى في الحياة..
وهي فكرة جديرة بالتأمل كما ترى!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©