عدد اليوم
مصطفى عبد العظيم (دبي)
أكد جيوم فوري الرئيس التنفيذي لشركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات، أن دولة الإمارات نجحت في صنع قصة نجاح مذهلة في قطاع الطيران في منطقة الشرق الأوسط والعالم في السنوات الأخيرة، جذبت إليها أنظار جميع العاملين في هذه الصناعة من جميع أنحاء العالم. وقال فوري لـ«الاتحاد» في أول حوار يجريه مع صحيفة عربية منذ توليه منصبه أبريل الماضي، إن طيران الإمارات والاتحاد للطيران يعتبران من ضمن الشركاء الرئيسيين لشركة إيرباص في الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن طيران الإمارات تمتلك أكبر أسطول في العالم من طائرات A380 العملاقة بـ113 طائرة وتخطط أن يصل إلى 123 طائرة خلال عام 2021.
وكشف عن العمل مع مبادلة للاستثمار لتوسيع نطاق الشراكة القائمة بينهما لتغطي أماكن أوسع من العالم، مؤكداً قوة العلاقة التي تربط دولة الإمارات وفرنسا ودول الاتحاد الأوروبي في جميع المجالات.
ورغم حديث جيوم فوري الرئيس التنفيذي لشركة إيرباص عن الأوضاع الاقتصادية العالمية وحالة عدم اليقين التي تسيطر على الاقتصاد العالمي في ظل التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين وتأثيرها على بقية العالم، وكذلك الأوضاع الإقليمية غير المواتية في مناطق مختلفة من العالم، إلا أنه أكد أن قطاع الطيران لا يزال قادراً على الحفاظ على النمو، وإن كان يسير بشكل أبطأ قليلاً مما كان عليه في عامي 2017 و2018، مؤكداً أهمية مراقبة الأعمال بشكل متواصل.
الطلب على السفر
وأوضح أن شهية السفر تبقى قوية جداً، مع وجود الكثير من العوامل الجيدة، ومنها تفوق الطلب على السفر في مختلف أنحاء العالم وإشغال جيد للمقاعد، لكن ما يزعج هو الضغوط التي تشهدها سلاسل التوريد نتيجة لعوامل مختلفة، مضيفاً أنه رغم ذلك فإنه لا يزال هناك مجال لكثير من النمو ربما ليس بالسرعة التي كان عليها في السنوات السابقة ولكن لا يزال هذا النمو، وهذا ما يهم.
تسليمات 2019
وقال فوري، إن إيرباص تعمل على تسليم عدد أكبر من الطائرات خلال عام 2019 مقارنة بعام 2018 من خلال الزيادة المتوقعة في تسليمات الطائرات عريضة البدن من طراز A350 وليس فقط من الطائرات ذات الممر الواحد.
وأضاف أن الشركة لديها علاقات قوية وطويلة الأمد مع طيران الإمارات تبدو واضحة في أسطولها الذي يضم أكبر عدد في العالم من طائرات A380 العملاقة، وإنه لمن المثير حقاً أن نرى هذه الطائرة في هذا الجزء الفريد من العالم.
ولفت إلى أن المستقبل يحمل الكثير من فرص التعاون الجديدة مع طيران الإمارات، حيث نعمل معاً بشكل متواصل لاستشراف هذه الفرص رغم التحديات التي تواجهها شركات الطيران في مختلف أنحاء العالم خاصة في هذه المنطقة خلال هذه المرحلة التي تتسم بعدم اليقين والتغيير في نماذج الأعمال.
شراكة قوية
وأكد الشراكة القوية التي تربط ايرباص مع دول المنطقة خاصة دولة الإمارات في قطاعي الطائرات التجارية والدفاع كذلك، وأن العلاقة بين الإمارات وفرنسا والدول الأخرى في أوروبا مهمة للغاية، لافتاً كذلك إلى العلاقة الوطيدة والقوية للشركة مع الاتحاد للطيران وهي شريك قوي، حيث يجري التعاون والتنسيق معهم في خطة إعادة الهيكلة التي تقوم بها الشركة.
وقال: «منطقة الشرق الأوسط مهمة جداً بالنسبة لإيرباص وهذا ما دفعني للتواجد في معرض دبي للطيران لبضعة أيام لنعكس التزامنا بهذا السوق وبشركائنا الرئيسيين والعملاء وتعزيز علاقتنا مع شركائنا في المعرض، ومنها مبادلة، والتي تعد شريكاً مهماً لنا ونعمل معهم على تعزيز أعمالنا وتوسيعها في مختلف أنحاء العالم وهذا ما نفعله في المعرض».
إنجازات كبيرة
وفيما يتعلق بتطور صناعة الطيران في دولة الإمارات، قال: عندما تصل إلى مطار دبي المطار الضخم وترى هذا العدد الهائل من طائرات ايه 380 في أحد أكبر مراكز الطيران في العالم والشرق الأوسط تخدم الشرق والغرب، تدرك أنه مكان رائع لصناعة الطيران ولهذا نجد الحضور القوي من جميع شركات الطيران في معرض دبي للطيران. وهو من الفعاليات التي يجب التواجد فيها، والذي حقق إنجازات كبيرة خلال رحلة قصيرة تمتد لثلاثة عقود، منوهاً بالنمو المتسارع والطموح المتواصل لدبي ودولة الإمارات في هذه الصناعة.
وفي تعليقه على ما صرح به السير تيم كلارك رئيس طيران الإمارات مؤخراً بشأن التزام الشركات المصنعة بوعودها وانتقاده لمصنعي المحركات، أكد رئيس ايرباص أن السير تيم كلارك هو أحد أهم شركات الطيران في العالم وعندما يعبر عن وجهة نظره فيما يتعلق بالاستحقاق والتكنولوجيا في صناعة الطيران فعلى اللاعبين الرئيسيين في الصناعة أن يستمعوا ويقدروا وجهة النظر، مشيراً إلى أن ايرباص تعمل بشكل قوي مع طيران الإمارات للتأكيد على تمتعها بالحلول المناسبة لطيران الإمارات.
وقال إن تيم كلارك يعد أحد قادة هذه الصناعة وعندما يعبر عن وجهة نظره فعلى الجميع أن يستمع له.
وفيما يتعلق بتعامل إيرباص مع التأخير الذي يتسبب فيه مصنعو المحركات وتأثير ذلك على التسليمات، قال إن جل اهتمام إدارة إيرباص انصب خلال النصف الأول من العام الحالي على إيجاد الحلول المناسبة لهذا الأمر لتسريع وضع الطائرات على خطوط الإنتاج في مصنع الشركة في هامبورج، والذي واجه بعض التأخير في التسليم بسبب المحركات الخاصة بطراز A321.
وحول ما إذا كانت إيرباص توصلت لاتفاق مع شركة طيران الإمارات والعربية للطيران بشأن توقيع صفقة شراء طائرات من إيرباص خلال معرض دبي للطيران قال فوري لا نستطيع الإعلان عن شيء قبل التأكد منه لكنه أكد أن «الشركة ستعلن خلال الأيام المتبقية من المعرض عن صفقات».
انبعاثات الكربون
وأشار فوري كذلك إلى مبادرة ايرباص لخفض انبعاثات الكربون، لافتاً إلى أن طائرات المستقبل، خاصة خلال العقدين المقبلين ستكون مختلفة بسبب أنها ستكون مستدامة وأقل انبعاثاً للكربون، ولن نقوم باستخدام الوقود بنفس الطريقة التي يستخدم بها الآن.
«بريكست»
وفيما يتعلق بتأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست» على إيرباص، قال فوري: «ما زالنا في المنتصف، فهناك الكثير من عدم اليقين بشأن ما سيحدث بالنسبة لشركة إيرباص، هناك خطوط زمنية مختلفة، وأفق زمني متباين، ومخاطر قصيرة الأجل قوية في حال عدم وجود أي صفقة وهو ما قد نعتبره ضاراً للغاية على سلاسل التوريد وعلى الخدمات اللوجستية».
وأضاف: «لا نسلم طائرتنا وهي غير مكتملة ولا يمكن القول للعملاء «نأسف» لعدم توفر بعض الأجزاء، فالطائرة عند تسليمها يجب أن تكون مكتملة بنسبة 100%، كما لا يمكننا تحمل تعطل سلسلة التوريد على طائرات تضم أكثر من 300 ألف قطعة».
وأضاف: «لقد دافعنا كثيراً عن العمل سوياً بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، ونعتقد أن هناك مخاطر لذلك نحن لا نفضل احتمالات أي صفقة خروج لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق، فنحن في إيرباص نحتاج إلى نظام بيئي تنافسي للغاية ونعمل بشكل جيد معاً ولذا نريد حقًا بذل أقصى ما في وسعنا لشرح خطر عدم وجود صفقة والتأكد من عدم الخروج من دون اتفاق، فنحن شركة تستثمر على المدى الطويل ونحتاج إلى رؤية واضحة وهو الأمر الذي لا يتوافر في الوقت الحالي». وتوظف وحدة إيرباص في بريطانيا 14 ألف شخص وتعزز 110 آلاف وظيفة في مجال توريدات الصناعات المغذية للوحدة وتتمتع بـ«قدرة تنافسية كبيرة للغاية».
التحول الرقمي يتسارع
فيما يتعلق بالتحول الرقمي في إيرباص، قال فوري: إن الطائرات التي لدينا اليوم، هي من المنتجات الضخمة الأكثر تعقيداً، وهذا نتيجة الثورة الصناعية لسبعة عقود مضت، ونحن نعمل على تحسين وتطوير هذه الطائرات على الوجهة الأمثل «لكننا الآن وصلنا إلى نقطة تحول أخرى في الصناعة، ونقف على أعتاب تحول ضخم، تغيرات في أنظمة الإنتاج، وهذا ما حدث في بعض الصناعات الأخرى بالفعل في المنتجات الصغيرة والبسيطة، مثل الإلكترونيات والسيارات، وهذه التحولات وصلت إلى صناعة الطائرات».
وأوضح، أن إيرباص بدأت بالفعل باستخدام الروبوتات في هناجر الطائرات في هامبورج، وقال: «منذ 10 سنوات مضت، ونحن كنا على يقين أن هذه الثورة سوف تغير صناعة الطائرات، لكننا قللنا من التأثير العميق الذي يمكن أن تحدثه، لكن اليوم باتت متداخلة في كل شيء نعمله، والطريقة التي نقوم بها لفعله».
وأضاف، أن «الرقمنة» تلامس كل شيء، من أسلوب التصميم، وطريقة الإنتاج والدعم، والتواصل داخل الشركة، والتركيز على العملاء، والتعامل معهم، مشيراً إلى أن إيرباص أطلقت مبادرة سكاي وايز، وهي منصة رقمية تجمع البيانات من مصادر عديدة، بما فيها شركات الطيران ذاتها، وهناك 100 شركة طيران وقعت ربط آلاف الطائرات، قد يصل عددها في المستقبل إلى 10 آلاف طائرة، لافتاً إلى أنه من خلال البيانات الضخمة، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في دعم عمليات الصيانة، وتحسين مستويات السلامة والاستخدام الأمثل للطائرات.
وأضاف أن إيرباص تعمل على بناء الاستمرارية الرقمية، في مختلف جوانب قطاع النقل الجوي، ما يعني تغيير الطرق التي تعمل وتتعاون من خلالها مع العملاء، واستكشاف الدور الذي يمكن أن تلعبه التقنيات الرقمية في تحسين الأداء وتعزيز الابتكار.
