الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمير بريطاني أسلم بعد 40 عاماً من التأمل والتفكير

أمير بريطاني أسلم بعد 40 عاماً من التأمل والتفكير
31 يوليو 2013 22:09
أحمد مراد (القاهرة) - اللورد هيدلي، عالم بارع، ومفكر متجرد، قاده تجرده لنقد دينه الذي ولد عليه وعاش في كنفه، واتجه نحو نور القرآن وهديه، وقد كان أميراً بريطانياً بارزاً، وسياسياً وكاتباً مرموقاً. ولد هيدلي في لندن عام 1855م، وكان يتحدر من أسرة ملكية وهي سلالة ملوك شمال ويلز، ودرس الهندسة في جامعة كامبريدج البريطانية، وبعد أن أنهى دراسته أصبح أميراً في عام 1877م، وخدم في الجيش البريطاني وترقى إلى رتبة مقدم، وعلى الرغم مما عرف عنه من الجدية والصرامة، كونه مهندساً عسكرياً، كان يتمتع بذوق أدبي واسع، وهو ما أهله لشغل وظيفة رئيس تحرير جريدة «سولزبوري». ترجمة معاني القرآن وكانت تراوده شكوك كثيرة منذ باكورة شبابه حول ديانته، وعندما التحق بالجيش البريطاني أهدى إليه صديق له نسخة مترجمة لمعاني القرآن الكريم، فأحس بأنه وجد مبتغاه، ففكرة الألوهية، كما يصورها القرآن الكريم تتوافق مع فطرته السليمة، وبحكم سعة اطلاعه كان يدرك أن الحضارة الإسلامية هي التي أخرجت أوروبا من عصور الظلام ومهدت لها سبل الحضارة، فزاد ذلك من اقتناعه بالإسلام، ولكنه كتم إسلامه عشرين عاماً لأسباب عائلية. وفي السادس عشر من نوفمبر عام 1913م أعلن هيدلي إسلامه على الملأ في حفل للجمعية الإسلامية في لندن، وسمى نفسه «رحمة الله فاروق»، واتهمه البعض بمحاولة تحقيق مكسب رخيص بزعامة المسلمين، مما دفعه للرد على منتقديه بمقالة عنوانها «لماذا أسلمت؟» .. قال فيها: نحن البريطانيين تعودنا أن نفخر بحبنا الإنصاف والعدل، ولكن أي ظلم أعظم من أن نحكم، كما يفعل أكثرنا بفساد الإسلام قبل أن نلم بشيء من عقائده، بل قبل أن نفهم معنى كلمة إسلام. اعتناق الإسلام ويتحدث هيدلي عن أسباب إسلامه فيقول: ربما يظن البعض أنني تأثرت بالمسلمين الذين عشت معهم، إلا أن ذلك ليس السبب الحقيقي لاعتناقي الإسلام، إذ إن إسلامي ليس إلا ثمرة تفكير وتأمل استمر سنوات عديدة، وقد آمنت بالإسلام بعد مناقشات فعلية مع المثقفين المسلمين في موضوع الدين، ولست بحاجة إلى القول بأنني سعيد غاية السعادة إذ أجد أن جميع نظرياتي واستنتاجاتي تتفق تماماً مع ما جاء به الإسلام، ينص القرآن الكريم على أن الاتجاه إلى اعتناق دين جديد لا بد أن يكون نابعاً من الاختيار الحر والحكم الذاتي الطبيعي، لقول الله تعالى (لا إكراه في الدين)، وهذا ما أشار إليه السيد المسيح حين قال لأنصاره، كما ورد في إنجيل مرقص (ولكل إنسان الحق في عدم استقبالكم والامتناع عن سماعكم عندما ترحلون إلى هناك). والحق أن ما تتميز به العقيدة الإسلامية من إحسان وتسامح وسعة أفق، يجعلها أقرب إلى تعاليم عيسى من المعتقدات ضيقة الأفق التي تنادي بها الكنائس النصرانية المختلفة. الحقيقة ويقول هيدلي معبراً عن ساعة اعتناقه الإسلام: لا ريب أن أسعد أيام حياتي هو اليوم الذي جاهرت فيه على رؤوس الأشهاد بأنني اتخذت الإسلام ديناً .. فإذا كنت قد ولدت غير مسلم، فهذا لا يحتم عليّ أن أبقى كذلك طوال حياتي. وتابع هيدلي قائلاً: فكرت وابتهلت أربعين عاماً لكي أصل إلى الحقيقة، ولا بد أن أعترف بأن زيارتي للشرق المسلم ملأتني احتراما للدين المحمدي السلس، الذي يجعل المرء يعبد الله طوال مدة الحياة لا في أيام الأحد فقط. وإني أشكر الله أن هداني للإسلام الذي أصبح حقيقة راسخة في فؤادي، وجعلني ألتقي بسعادة وطمأنينة لم ألتق بهما من قبل. لقد كنت في سرداب مظلم، ثم أخرجني الإسلام إلى فسيح من الأرض، تضيئه شمس النهار، فأخذت أستنشق هواء البحر النقي الخالص. ويتحدث هيدلي عن شخصية محمد بن عبد الله باعتبارها المثل الأعلى، فيقول: إن للنبي العربي أخلاقا قوية متينة، وشخصية وزنت ومحصت واختبرت في كل خطوة من خطى حياتها، ولا نقص فيها على الإطلاق. وبما أننا في حاجة إلى نموذج كامل يفي باحتياجاتنا في الحياة، فشخصية محمد النبي المقدس تسد تلك الحاجة، فهي مرآة تعكس علينا التعقُّل الراقي، والسخاء والكرم والشجاعة. «إيقاظ العرب للإسلام» وبعد إشهار إسلامه أصدر هيدلي مجلة للدفاع عن الإسلام ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم حملت اسم «Islamic Renew». كما أصدر عدة كتب في هذا المجال أبرزها كتاب «إيقاظ العرب للإسلام»، وكتاب «رجل غربي يصحو فيعتنق الإسلام». كما ترأس الجمعية الإسلامية البريطانية. وتوفي هيدلي في الثانـي والعشـريـن من يونيو عـام 1935 م، وقبل رحيلـه كـان قـد حـج بيت الله الحرام، ومر في طريقه بالإسكندرية، فأقام له أهالي الإسكندرية حفلا كبيرا برعاية الأمير عمر طوسون، وبرئاسة الشيخ عبد الغني محمود شيخ علماء الإسكندرية آنذاك.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©