الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

قصر الحصن.. شاهد على تاريخ وطن

قصر الحصن.. شاهد على تاريخ وطن
18 ديسمبر 2019 00:02

هزاع أبوالريش (أبوظبي)

اليوم يقف قصر الحصن شاهداً على الزمن، بحلته ورفعته، ومكانته العريقة في نفوس الذين هاموا، وشاموا، وسبحوا في بحور الماضي المجيد، كرجل أشيب يشاهد المنظر الحضاري المتطور، والمنسجم مع تاريخ الدولة التي واكبت مصاف الدول الكبرى، حيث إن المبنى يعتبر أيقونة مهرجان الحصن الذي يستمر حتى 19 ديسمبر الجاري، ويعزف سمفونية المكان، مكوناً لوحة فنية تحمل عمقاً في المعنى والمضمون، كما أنه معلم تاريخي ثقافي بارز في قلب العاصمة أبوظبي.
وكان التداخل الإبداعي الممتزج ما بين الماضي والحاضر، نافذة تاريخية قيمة جعلت من الحصن شرياناً نابضاً بجمالية الحياة وتطورها وتقدمها، حيث تحيط به نهضة عمرانية شاملة من كل الجهات، وتتحلق البنايات من حوله كقوالب ناعمة الملمس، ما يجعل زائر المهرجان يعيش منغمساً بعفوية المنظر، وشفافية البيئة الإماراتية المستلهمة من الموروث المحلي الأصيل.

صرح تاريخي
ويقدم قصر الحصن طابعاً لافتاً لزوار المهرجان من خلال إطلالته البهية، كما أنه يمثل شاهداً حيّاً على نشأة مدينة أبوظبي ومسيرة نمّوها وازدهارها المستمرة، إذ يقّدم الأدّلة والمعلومات التاريخية المتناقلة شفهياً، عبر الأجيال، سرداً مميزاً حول تطور القصر وتحوله من مجرد برٍج للمراقبة إلى مقرٍ للأسرة الحاكمة في أربعينيات القرن الماضي، وبالاستناد إلى معايير التقييم التراثي المعترف بها دولياً، مما جعله يصبح من أهم المباني التاريخية في الدولة، والمنطقة، لما يتمتع به من أهمية تاريخية وسياسية وجمالية ومعمارية، ومجتمعية كبيرة.
ويعد الصرح الشامخ، قصر الحصن، رمزاً من رموز الدولة، وعلماً يرفرفُ في فضاء التاريخ، مما جعل الإمارات تحتفي به سنوياً بفخر واعتزاز، وينال ذلك إعجاب الحضور، ويجذب أنظار الزوار، لما يحمل من هيبة ومكانة.

فكرة عامة
يتكون قصر الحصن من مجموعة من المساحات البيئية المسوّرة والمصممة بدقة، التي تم بناؤها من مواد استخرجت من الموقع نفسه، وهو يضم فناءين مركزيين، ويشكل المبنى المنزل التاريخي للأسرة الحاكمة، والذي أرسى ملامح الحياة اليومية للمجتمع، ووفر لسكان أبوظبي ملاذاً آمناً يلجؤون إليه عند اشتداد المحن.
ويشتمل القصر على عدة مبانٍ تاريخية، وهي: برج المراقبة التاريخي (القرن الثامن عشر)، والذي يعد من أعرق الأجزاء التاريخية في القصر والذي شهد على ولادة العاصمة البهية، والحصن الداخلي الأثري (القرن التاسع عشر)، والحصن الداخلي المعاصر (ثمانينيات القرن الماضي).

فناء الحصن الداخلي
حين يدخل الزائر إلى ساحة الحصن الشاسعة، يعتزل الطابع العصري الذي تعيشه العاصمة، وينسجم مع الماضي العريق بتفاصيله الدقيقة، مستعيداً الصولات والجولات التي عاشها الأجداد، ومن أسسوا هذه الأرض الطيّبة.
في فناء الحصن الداخلي، يتم إرشاد الزوار فور وصولهم من قبل «جناح الاستقبال»، والذي يقع على يسار مدخل الحصن، حيث يتعرف من خلال الجناح على الإرث الثقافي والتاريخي لهذا الحصن، والتطّور الذي مر به عبر السنين، كما يمكن للزائر التجوّل في ساحات الحصن، والدخول إلى غرفه المفتوحة، والتي تعد عبارة عن كتب مليئة بالقصص والذكريات التي تضفي إلى الزائر المعلومات التاريخية، والحقبة الزمنية التي مر بها القصر، بالإضافة إلى أن الزائر يمكنه الاطلاع من نوافذ الطابق الأول على مراحل تطور قصر الحصن وهي تعرض أمامه، جزءاً مهماً من تاريخه الملهم.

احترافية التصميم
صُمم فناء الحصن الداخلي لإضفاء طابع من الهدوء والروحانية، حيث تحاوط جدران الفناء أبراج المراقبة الأثرية والممرات المباشرة بين الأجنحة ضمن مساحة تعمها السكينة، حيث يشعر الزائر بجمالية الانتعاش، والهدوء التام، وهو يمر على دكة مرتفعة ترتقي برحلته، على فناء مرصع بجمالية القيمة الرمزية الكبيرة،
حيث يبدو البياض في ساحة القصر ممزوجاً بالاخضرار، تاركاً طابعاً بديعاً من نقاء الصحراء وصفاء البيئة، حيث تسوّر زوايا الساحة سلسلة من النخيل وارفة الظلال، كلوحة فنية تلهم الزائر بفطرة المكان، وسيرة الزمان الطيّب.

لوحة فنية
المنظر الخارجي الذي يعطيه قصر الحصن، عبارة عن لوحة فنية مستلهمة من بيئة إماراتية تسكن في وجدان الناس، يعطي طابعاً متنوعاً من الحياة المحلية بصورة فوتوغرافية ذات جمالية عالية الجودة، فحين يرى الزائر الفنون التراثية من عيالة وحربية عند ساحات القصر، والنياق التي تحمل النساء وهن يرتحلن بحشمة الأولين، الحالمين بأناقة المكان، يعود بذاكرته إلى عبق هذا الزمن الجميل.
وفي مشهد فلكلوري رائع، حافل بالمعاني السامية، والأماني الرامية التي ترنو إلى فضاء الهوية، وسماء الوطن، يندهش الزوار وترسم على وجوههم ابتسامة الفرح، وإشراقة السعادة، حيث يعكس قصر الحصن محطات بارزة تشهد على استمرار الإرث الثقافي العريق في أبوظبي، بدءاً من الحقب التقليدية ووصولاً إلى مراحل الحداثة.

الماضي والحاضر
يعد قصر الحصن فاصلاً ملهماً ما بين الماضي والحاضر، فالزائر من خلال تواجده في قلب الحصن، لا تغيب عن عينه جمالية العاصمة، ومدى تطورها، حيث يبدو العمران أبراجاً شامخة، بارزة تكوّن خلفية جميلة للقصر التاريخي المجيد، مما يجعل الزائر يعيش الزمن بتفاصيله التي تبهر العين وتبعث الدهشة في النفوس، في لحظة إعجاب مليئة بالتأمل والغوص في أتون الحقيقة الخالدة، ومدى البعد الحضاري الذي ترنو إليه دولة الإمارات، ضمن رسائل وطنية ملهمة ومسؤوليات كبيرة، تضفي المزيد من العطاء والفكر الذي يعبر بالأجيال نحو المستقبل.

«المجلس الوطني» في حُلة جديدة
يسجل صرح المجلس الاستشاري الوطني، حضوراً لافتاً من قبل الزوار خلال مهرجان قصر الحصن، الذي يعود تاريخه إلى عام 1968، حيث تم تشييده بأمر من المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ليكون مجلساً يتيح لحاكم أبوظبي الالتقاء بكبار الزوار والضيوف وغيرهم، ضمن بنية حديثة مزودة بوسائل الراحة والرفاهية العصرية، ويقع في قلب المنزل التاريخي للأسرة الحاكمة «قصر الحصن».
يحظى التصميم الجديد للمبنى بعد ترميمه، بأسلوب يحترم هويته الأصيلة، لتعريف الزائر على الإرث الباقي للمجلس وتطوره المستمر، إلى جانب دوره البارز في الميادين الثقافية والسياسية والاجتماعية وأهميته كأحد عناصر التاريخ الإماراتي الذي حظي بالاهتمام والإعجاب، وهذا المبنى يتيح للزائر الوصول إلى معرض الوسائط التاريخية، وزيارة غرفة الاجتماعات ذات الأهمية التاريخية بالدولة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©