لو استوعب العالم ما فعلته الحربان الكونيتان بالحرث والنسل، لما فكر القوي بغزو الضعيف، ولما جاشت خواطر الكبير في الاعتداء على الصغير ولما حلم الجار الجهم بتنغيص الحياة على جاره. هذه هي سفاسف الأنا الضالعة في الكبر والتزمت، والجشع، والطمع، وحب التمظهر على حساب الآخر.
هذه هي فلسفة - المعرفة قوة - التي أطلقها الفيلسوف الإنجليزي فرنسيس بيكون حتى صارت المعرفة قنبلة ذرية تهتك، وترعب، وتفزع، وتنتهك قداسة البشرية.
اليوم نرى في العالم دولاً تنمي في الضمير الكوني أعشاباً شوكية هي بمثابة مفاهيم في الغزو والاعتداء على حقوق الآخر في رزقه، وفي مسكنه وفي مستقبله، كل ذلك يحدث أمام أعين قوانين حقوق الإنسان ولا من مجيب، وكل ما نسمعه من ردود أفعال لا يتجاوز حدود الكلمات.
الإمارات بدورها تقوم اليوم في درء الخطر، وردع الشر، وردم الهوة بين الشعوب إيماناً من قيادتنا بأنه ما من سبيل للوصول إلى مرافئ مستقبل مضيء، إلا بإضاءة الضمير العالمي بمصابيح السلام الحقيقي، وزرع ورود الأحلام الزاهية، وتمهيد الطريق لعلاقات متكافئة بين الدول وبناء جسور التواصل لمحو أمية المشي نحو السلام الدائم بين مختلف الدول. وتحقيق أمنيات أطفال باتوا في عراء المبادئ، يرتجفون تشرداً، وهياماً في غابات التوحش، وانهيار القيم، وضياع المشاعر الإنسانية الحقة.
الإمارات منذ فجر نشوئها عملت على سبك علاقاتها مع الآخر بسلسال الاحترام المتبادل بين الجميع ومن دون ادعاء، ولا كبر ولا افتراء على الحقائق التاريخية.
الإمارات وهي سليلة النجيب المغفور له الشيخ زايد، طيب الله ثراه وأسكنه فسيح جناته، لم تتخل عن ثوابتها ولم تنأَ عن قيمها، ولم تنحز إلا إلى الحق، لترسيخ مبادئ الباني المؤسس، بقدرات قيادة رشيدة تعي دورها العالمي وموقعها السياسي والاقتصادي المؤثر في تحريك عجلة الطموحات لدى شعوب العالم.
الإمارات اليوم هي البوصلة، وهي رمانة الميزان في عدلها ومساواتها، وقوتها المعنوية والمادية في تحريك المياه الآسنة، وفتح جداول النماء في علاقات سوية بين الدول، لذلك نرى كيف تلقى هذه الدولة الفتية الاحترام والتقدير من جميع دول العالم لأن علاقة الإمارات بنيت من دون مآرب، ولا مثالب، بل هي علاقات مضمونها حب السلام، وتشييد الوئام، وصناعة المستقبل بأيد من غير سوء. 
الإمارات في سعيها التواصل مع الآخر، تبدو في الوجود نقطة التقاء بين أغصان شجرة واحدة، وتبدو في وجدان الناس شريان محبة يضخ دماءه في الجهات الأربع، ليصبح الجسد العالمي صحيحاً معافى من درن الخلافات، ومن أنيميا العلاقات.
الإمارات هي النسق المتسق، وشوق القصيدة إلى وزن وقافية وحلم الطير في فضاء لا يعكره غبار، ولا يقلقه سعار. هذه هي الإمارات التي بات يعشقها اليوم القريب والغريب، ويبحث عن ملاذه على أرضها، ويجد أسئلته الوجودية بين أحضانها.