ترميم الكتب العربية النادرة في الأسكوريال الإسبانية، مشروع حضاري كبير، ويعبر عن وعي صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهو الوعي الذي وضع الإمارات على منصة عالمية رائقة، ورائعة، وبرونق الدول ذات القيم العالية، ويعيدها هذا المشروع إلى الدور الذي قامت به الدولة الإسلامية في العهدين الأموي، والعباسي، يوم كانت المكتبة العربية تزخر بأمهات الكتب في مختلف المجالات، العلمية، والأدبية، والتاريخية.
وما يبذله سموه اليوم في المجال الثقافي، بدءاً من جهوده في ترقية المسرح، ومروراً بالاهتمام بطباعة الكتب الأدبية، ثم الجوائز القيمة التي يمنحها للمتميزين من أبناء الأمة، كما أن جهود سموه لا تتوقف عند حد، فبينما توجد معضلة تعترض المبدعين نجده يهب للتضامن، وتقديم المساعدة، ورفع المستوى الإبداعي، وهذا ليس بغريب على سلطان الثقافة، وحارس الكلمة، الحية والنابضة، إيماناً من سموه بأن الكلمة هي لسان حال أي حضارة تذهب بالإنسان إلى مراقي التقدم، والتطور، والأخذ بناصية الأحلام لكي تتبوأ مكانها الصحيح في المقل.
مشروع ترميم الكتب، هو المشروع الحضاري الأول والذي من خلاله يستطيع طلاب العلم أن ينهلوا، ويرتقوا، ويرتووا، ويتمكنوا من الأخذ بالعلوم من بطون الكتب ذات الأهمية، وقد قدم العرب في العهد الأندلسي، للأبجدية كل ما يؤكد أن هذه الأمة، أمة النون والقلم، وأمة الخير والنعم، فلماذا لا يتمسك أبناؤها المخلصون بجذور التاريخ، والتاريخ هو ملحمة الحكاية العربية منذ نشوء الدولة الإسلامية في عهد الخلافة وحتى الدولتين العباسية، وقبلها الأموية، وهذا عهد ووعد على العقل العربي بألا يدع نبوع التاريخ تذهب جفاءً، وألا يترك للجداول أن تسكب ماءها خارج الحقل.
نقول بقول مؤمن بأهمية الكتاب، شكراً لسلطان الثقافة، وشكراً لكل محب، عاشق للكلمة.
واليوم الإمارات وقد خطت خطوات وثابة، هيابة، وبنجابة النبلاء من قادتها، وأبنائها، واستطاعت أن تسمع من به صمم، وأن تصل، وتتواصل، وتوصل بوحها للبعيد، قبل القريب، وهذه سمة الأوفياء، وهذه صفة كل من ينتمي إلى هذه الأرض المعطاء، هذه الأرض التي غطت سماوات العالم بشرشف البذل والعطاء، وبسخاء، ومن دون منة؛ لأن قادتنا يؤمنون بأننا جزء من هذا العالم، وعطاؤنا هو من أجل حياة أزهى، وأبهى، وأكثر انشراحاً.