خلال أيام نحن على أبواب معرض كتاب مهم فيه تجتمع رايات وتفتح صفحات وتقلب أغلفة وتلتقي وجوه وتتصافح أيادٍ وترفع أصوات ذات شجون ثقافية عميقة، في هذا المعرض سوف تسرج خيول الأفكار وتسرد رواية الأحلام الإنسانية قصة الضرورة الوجودية، وتمتطي العيون أسنمة نوق الخيالات واسعة الحدقات، والأرواح تفتح نوافذ فضاءاتها نحو سماوات زرقاء غارقة في الصفاء. وفي هذه الأيام ستحتفي عاصمتنا الجميلة بضيوفها وعشاق الكتاب برحابة وشغف العشاق لكل ما هو ورقي مدون عليه صورة وجدان البشرية التي بدأت منذ قرون مضت تنقش على الورق صورة عشقها وهواها ولهفتها، وولجت أعماق محيطات اللغة الأم من أجل ترتيب مشاعر البشر وتنظيم عناقيدها وتنضيد أثاثها وتصفيف أهدابها بأنامل الحلم ومن دون عبث أو رثاثة.
في التاسع والعشرين من أبريل أهل الكلمات السائلة عرفاناً للتاريخ سوف يلتقون ويصفقون للكلمة الصادقة، وتدمع عيونهم فرحاً لذلك اللقاء الحميمي مع الورق الدافئ، وسنحاور بشراً غابوا عنا لأشهر أو حتى سنوات وسنسعد بمعرفة قراء قاماتهم شامخة مع الكتاب وهم الذين تستقبلهم الصفحات ببراءة العناق، هم الذين تفرح لهم دهاليز معرض الكتاب وأمطاره ذات النقاط العشبية السمراء.
عودتنا العاصمة الجميلة بأن في كل عام يرتقي معرض الكتاب إلى مستويات تتجاوز ما مضى من معارض، وهذه سمة أصحاب الطموحات الكبرى، هذه شيمة أصحاب التطلعات واسعة الوثبات، هذه نخوة الأوفياء وهم يحطبون في غابة الثقافة، وهم يروون حكاية البدء في لقاء عشاق الكلمة.
عودتنا العاصمة النبيلة بأن يكون للكتاب منازل شغف ومناطق رهف وشواطئ على ضفافها ترتاح ركاب المسافرين في رحاب الكلمة، القاطنين عند رمش الهوى، الذاهبين في المعنى حتى نياط القلب حتى صهوات الخيل ومهجة الليل وجبين اللجين.
عودتنا العاصمة الرائعة دوماً بأن يكون للكتاب صهيله، وللكلمة رونقها، وللوجوه بريقها، وللعيون شعشعتها، وللزمن رائحة الطيب ولون الحليب ونشوة المطر على تراب الحلم البهي.
عودتنا أبوظبي بأن يصير معرض الكتاب منطقة مفتوحة على المدى وسماء تزدهر بالنجوم وأرضاً مزروعة بعشب الكلمات.
لذلك فنحن نقف عند محطة هذا الشهر والفرحة تغسل جفوننا، والسعادة تمشي الهوينا على صفحات أفئدتنا، والأيام خيول تثب نحو غايات مستقبلية تعدها بلادنا لتصبح مساحات خضراء يانعة العطاء في المجال الإبداعي وأبناء الإمارات اليوم يقودون المرحلة بكل جدارة وثقة نحو المزيد من الإنتاج الثقافي في مختلف فنون الإبداع، وهذا أمر طبيعي، فعندما تصبح بلادك مزدهرة بالتقدم في مختلف المجالات فلا بد وأن يكون للثقافة مكان في هذا الحفل البهيج.