هناك أمور في الحياة تكمن فيها، ومن خلالها، جمالية ومتعة ودهشة، قد لا ندركها حينها، وقد ننقبض بسببها، لكن لو تأملناها بحيادية فسنجد فيها سعادة إن تحققت أو كان لنا متعة انتظار حدوث شيء ما إذا ما صادفناها، لا ندري ما هو، إلا أن فيها ما يجلب للنفس شيئاً من السعادة والرضا وسكينة الروح، أشياء تدخر جمالها لنا، ونحن ربما لا ندري:
- الانتظار: ماذا يمكن أن يكمن في الانتظار؟ إنها متعة تمنية النفس بما يأتي أو لا يأتي، لذة لحظة الانتظار، تعيش بكل جوانحك لحظات الانتظار في انتظار أن يتحقق الوعد، ويأتي ما يأتي، وهنا بهجة المتعة وزخرفها.
- السفر: في السفر تكمن سعادة قبله وأثناءه وبعده، تظل تنتظر مفاجأة أن يحدث شيء ما جالباً لك الفرح والدهشة والمعرفة، تعيش كل لحظاته في حركة، لا ثمّ سكون في السفر، لأن الروح والجسد متحدان نحو فضاءات من الحياة ملونة موعودان بها.
- المطر: يفرحنا مثلما يفرح كل الطيور والشجر، لماذا تباغتنا السعادة حين ينفّ المطر؟ فجأة يأخذنا لأمكنة الذاكرة، وما كُنّا نحب، ومن كُنّا نحب، في لحظة المطر يبتل كل شيء حتى أرواحنا بالخير.
- العطاء: في العطاء للمستحق لا يكمن إلا ذلك الجميل الذي يزين الجبين، ويجعل القلب يرقص فرحاً، وتأمل في داخلك أن كل دروبك سالكة نحو السماء، وأن غمامة من بركة حلّت فوقك تظلل خطاك.
- الورود: لمَ نضحك دوماً للورود، وكأن صباحنا فجأة تغير، لماذا تسرّب للنفس تلك الراحة التي تبثها ألوانها؟ لِمَ هي تطفئ الغضب، وتجعلنا نعود أطفالاً للوراء؟ هل للوداعة التي تكمن فيها أم هي روح السكينة التي تنثرها في وجوه من حولها، فلا تشعر بأي عدوانية ممكنة من جانبها؟ الورود أجنحة غير طائرة لثقل عطرها.
- ظل الشجر: لِمَ يدعونا بمجانية مطلقة، وكأنه باب من الجنان، يغمر روحنا ظل الشجر، مثلما حضن أم، هل كانت الشجرة في الأزل أماً؟ لذا نستشعر بالنوم، وبغفوة العين تحتها، هل هناك حكايات غامضة تسردها لأحلامنا لتوقظ فينا شيئاً جميلاً لم نكن نعرفه؟ ظل الشجر هو غيمة قريبة من الأرض.
- الأصدقاء: الجميل في الأصدقاء أنك إن التقيت بهم لا تعود كما كنت سالفاً، ثمة طاقة دفينة فيك تحركت من مكانها، لا يقدر إلا الصديق على زحزحتها، ليزيح عن صدرك ثقلاً كبيراً كالرحى وأشد، الصديق لو قدرت أمك أن تجعله أكبر إخوانك لما توانت، ولو استطاعت أن تدخر له شيئاً من حليب الحولين الكاملين لفعلت، الصديق هو الوحيد الذي يحب أمك مثل أمه، ولا يفرّق.