الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

روسيا.. تكتيكات غامضة

21 يناير 2018 00:10
بالنسبة لقوة عظمى سابقة، تعاني من نقص في الأموال، وتسعى إلى استعادة نفوذها بتكلفة رخيصة، فإن المال والحملات الإعلامية هما فقط اللذان يمكن أن يقطعا شوطاً كبيراً نحو تحقيق المراد. وفي الولايات المتحدة، وبريطانيا، نجد أن كرات الطلاء، والمسدسات اللعبة«Airsoft Guns التي تطلق كريات بلاستيكية غير مؤذية، أو كرات طلاء، من النوع الذي يستخدم عادة في حفلات أعياد ميلاد الأطفال، تجتذب في بعض الأحيان عملاء أكثر تمتعاً بالعقلية العسكرية. وعلى حافة أوروبا الشرقية، نجد أن هذه الأسلحة التي تحاكي الأسلحة الحقيقية، قد اجتذبت أيضا بعض الاهتمام من جانب روسيا. فنحن نرى أن روسيا، قد اهتمت- بشكل خاص- بلاعبي بنادق»الإيرسوفت«وأعضاء فنون الدفاع عن النفس، في دول مثل لاتفيا واستونيا، وهما بلدان يضمان أقليات ناطقة باللغة الروسية. وقد انضم المدربون الروس الذين لهم روابط عسكرية – بل وحتى روابط بالقوات الخاصة - إلى بعض الأندية في تلك البلدان بصفة مدربين، وقاموا بتدريس ما وصفه أحد المراقبين بأنه»تكتيكات وحدات صغيرة«. يضاف لذلك أن»نوادي القتال«التي تدرس ما يعرف بـ» السيستيما«، وهو شكل من أشكال الفنون القتالية الروسية، التي تشمل أساليب الدفاع عن النفس، وتقنيات»خنق الخصوم«وغيرها من أشكال القتال يداً بيد، يجري الإعلان عنها علنا في تالين، عاصمة استونيا. وفي لاتفيا، أبدت السلطات تخوفاً شديداً من الارتباطات الاستخباراتية المحتملة، لبعض الأشخاص الروس الذين وصلوا إلى البلاد، للتحكيم في منافسات بنادق آيرسوفت، لدرجة أنها قامت بترحيلهم في شهر ديسمبر، ووصفت الحدث الذي كان مقرراً أن يشاركوا في تحكيمه بأنه»تدريبات تكتيكية عسكرية«. وهذه الظواهر لا تقتصر على دول بحر البلطيق. ففي شهر أكتوبر 2016، أقدم رجل مجري عمره 75 عاماً، ينتمي لإحدى جماعات النازيين الجدد، على إطلاق النار على ضابط شرطة مجري وقتله. ومن خلال التحقيقات التي أجريت معه، اتضح أن الجماعة النازية الصغيرة شبه العسكرية التي ينتمي إليها ترتبط بعلاقات مع دبلوماسيين، ورجال استخبارات روس. هذه كلها عبارة عن مجموعات صغيرة، موجودة في بلدان لم تشهد حروباً أو قلاقل، أما التقارير الأكثر خطورة في الحقيقة، فهي تلك التي وردت الأسبوع الماضي عن مدربين روس أسسوا، وحدة شبه عسكرية في البوسنة، من أجل دعم زعيم انفصالي صربي، وهو ما وصفته وزيرة طاقة بوسنية سابقة في تصريح أدلت به للجارديان بأنه محاولة من جانب روسيا»لاستخدام نفوذها في البلقان لإشعال الصراع مجدداً في البوسنة«. كان من الممكن، بالطبع اعتبار هذه الحالات معزولة، وغير مهمة، إذا لم يكن لروسيا، بالفعل، تاريخ في استخدام المجموعات شبه العسكرية، إلى جانب أساليب التضليل الإعلامي والتكتيكات الأخرى، لزعزعة استقرار جيرانها. فعلى سبيل المثال، نجد أن احتلال شبه جزيرة القرم، قد تم من خلال جنود روس يرتدون زياً عسكرياً من دون علامات مميزة، كما أن الرجال المحليين الذين أصبحوا»انفصاليين«فجأة في شرق أوكرانيا، كانوا قد خرجوا من أوساط شبه عسكرية، أكثر غموضاً. هذه الأمور ذات أهمية قصوى، في الحقيقة، لأن التكتيكات التي يقوم الروس بتجريبها، في دول مجاورة مثل أوكرانيا أو مولدوفا، غالبا ما تجرب في دول الغرب في نهاية المطاف. *كاتبة ومحللة سياسية أميركية ينشر بترتيب خاص مع خدمة»واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©