القاهرة (الاتحاد)
«ثوار ثوار ولآخر مدى ثوار، مطرح ما نمشي يفتّح النوّار، ننهض في كل صباح بحلم جديد، ثوار نعيدك يا انتصار ونزيد، وطول ما إيد شعب العرب في الإيد، الثورة قايمة والكفاح دوّار» مقدمة واحدة من روائع الأغنيات الوطنية التي شدت بها أم كلثوم عام 1961، وكتب كلماتها صلاح جاهين ولحنها رياض السنباطي من مقام حجاز كار.
ويرى متخصصون أن «ثوار» إجمالاً من أفضل ما أنشد في قالب الأنشودة، كلمةً ولحناً وأداءً، وأن صلاح جاهين لو لم يكتب غير هذه الأبيات في حياته لكانت كفيلة بخط اسمه بحروف مضيئة في تاريخ الأنشودة الوطنية، وأنها عرضت صورة شاعرية بالغة التعبير تميزت عن معظم ما كتب، وأشهره ما كان بصوت أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ومنها: «والله زمان يا سلاحي» و«صورة».
وقال الناقد والباحث الموسيقي الدكتور أسامة عفيفي: إن «ثوار» تمزج الحاضر بالماضي والمستقبل، وتجعل من الأزمنة الثلاثة نسيجاً واحداً ينسجه الشعب في أجيال متعاقبة، حيث تنتقل الكلمات من حديث الزهو بالحاضر في أول الأبيات، إلى الفخر بالماضي، إلى الوصية لأبناء المستقبل: هبوا واصنعوا الأمجاد، وابنوا فوق بنا الأجداد، وأنه برغم أن هذه المعاني موجودة بكثرة في كتابات صلاح جاهين وكتابات شعراء آخرين، لكن لنتأمل خطاب الشاعر للأجيال الجديدة في الأبيات: تعالوا يا أجيال يا رمز الأمل، من بعد جيلنا واحملوا ما حمل، وافتكروا فينا واذكرونا بخير، مع كل غنوة من أغاني العمل، وهنا بيت القصيد في خطاب عابر للزمن يخبرنا كيف كانت عين الشاعر على المستقبل أكثر من الحاضر، وأشار إلى أن اللحن يبدأ بمقدمة موسيقية مبتكرة الإيقاع واللحن من مقام الحجاز كار، كأنها تصور حركة فصائل الفرسان، يليها هتاف الكورس المميز «ثوار» من المقام نفسه تصحبه موسيقى إيقاعية مميزة للوتريات، وأن استخدام الغناء الجماعي جاء معبراً عن الجو العام للنص في المذهب المكرر، ثم يتم تخصيصه وتغيير الإيقاع مع النداء والدعوة للعمل. وأكد عفيفي أن «ثوار» تمتاز بلحن سلس لكنه مطرب للغاية، ويمكن للجمهور ترديده، كما تأتي الصيحة الشهيرة «ثوار»، العائدة على الشعب، معبرة بصدق عن المجموع وليس عن نداء فردي، وأن هناك شحنة عاطفية هائلة في اللحن من استعمال المقام الموسيقي الشرقي، إلى صياغة اللحن بطريقة تعانق مضمون الكلمات وتنفذ إلى وجدان المستمع.
عدد اليوم
