في صباح يوم الاتحاد وصلتني رسالة نصية من «غالية» تقول: «حصنتك باسم الله يا وطن، صباحكم خير وبركة ونور وحفظ من الرحمن وتلاوة القرآن»، فرحت بالرسالة كما فرحت بقدومها فقد ولدتها أمها بعد طول انتظار لذلك فازت بذلك الاسم، وكذلك هو حبنا للوطن. كانت أجمل رسالة تصلني في صباح يومٍ أشرقت فيه شموس قلوبنا وطموحاتنا، اليوم التاريخي الذي صنع فيه الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، من الأمل واقعاً ومن المستحيل حقيقة. 
دائماً أسأل نفسي كيف كنا وماذا أصبحنا، لقد كان الاتحاد بقوته، وعناصر هذه القوة، موجوداً في كل ما هو متشابه بين أفراد مجتمع الإمارات، فهذه القوة نجدها في الموروث الثقافي، وفي السلوكيات العامة من الأفعال الإنسانية والتصرفات التي تقرب وجهات النظر وتدعو للسلام والتسامح والتعايش. هناك أعراف قبلية عززت الشهامة والكرم والفزعة والتكاتف والتعاون والعطاء، من يرى قادتنا اليوم يعي عمق تلك الجذور الممتدة في أعماق الحضارة العربية العريقة الأصيلة. هناك صورة تاريخية تعبر عن دولتنا الغالية وهي التي يرفع فيها المؤسس الباني المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، علم دولة الإمارات العربية المتحدة لأول مرة وحوله أشخاص من بقاع العالم المختلفة، وكأن الصورة تنبئنا بأن الإمارات ستصبح عاصمة للعالم بجواز سفرها الأول عالمياً، وباختيار أكثر من مئتي جنسية العيش فيها وحبها وحفظ أمنها وأمانها لما لا قوه من حفاوة وترحيب وإنسانية تجعلهم يربون عيالهم، وتتعاقب أجيالهم فيها حتى أصبحوا جزءاً من المكون المجتمعي لأرض التسامح والتعايش والسلام.
في عيد الاتحاد نفتخر بمكتسبات الدولة وما حققته وتحققه لمواطنيها والمقيمين على أرضها وللإنسانية من صور تعكس المحبة، وتنشر السلم وتنبذ العنف وتدعو إلى الوئام والتجانس. كنت في مملكة البحرين وما إن سمع صاحب أحد المطاعم لهجتي حتى أقسم أني لا أدفع ثمن ما على الطاولة من مأكل، وفي مكانٍ آخر تكرر ذلك، فقررت أن أتحدث العربية الفصحى، فإذا بي أقابل مجموعة من بنات الإمارات ألقين علي التحية فرددتها بالفصحى حتى ضحكت إحداهن وقالت: «دكتورة، ما عرفنالك ساعات تقولين رمسوا رمستنا والحين جلبتي على العربية الفصحي، شو السالفة؟» فإذا بصاحب المحل يفرق الحلوى التي كانت بلون علم الإمارات علينا.. فقلت لها: «انكشفنا»! في تلك اللحظة أيقنت أن ما زرعه الشيخ زايد، ونهجه المستدام في عهد المغفور له الشيخ خليفة بـن زايد آل نهيان، رحمه الله، وما يقوم به صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، دليل قاطع على قدوة القائد وثوابت وقيم لا نحيد عنها.
للعارفين أقول: اللهم احفظ الإمارات وقادتها، واجعل شعبها على خطاهم في استدامة الثقافة والموروث الذي يعبر عن الإنسانية في أجمل صورها. والشكر موصول لمن صمم العلم وكتب كلمات النشيد الوطني، ففي تلك الكلمات والألوان دلالات ذات قوة تعزز شموخ العلم، كما تعزز كلمات النشيد الوطني هوية متكاملة تتقاسمها الأجيال المتعاقبة. وعيشي بلادي.. غالية دائماً.