إنها الحسناء تمضي اختيالاً بخلخال ماض وإسوار حاضر وقلادة مستقبل والرؤية تظلل مهجتها والحلم الأبيض جناح النورس يقرأ تفاصيل الشطآن وما نحتته الموجة على صدر الخلجان.
إنها السحابة على جبين الوعي ترتب فصول الذاكرة وتنقش على سبورة الحياة ما خضبته الكفوف وما سطرته الأنامل وما حفرته الإرادة على تراب الأرض.
اهتمام حكومة دبي بالمآثر التاريخية والمواقع الحديثة في الإمارة إنما هو وثبة الجياد في ترسيخ قامة وتكريس مقامة وحفظ ورفع النشيد عالياً لأجل أن تستمر الغيمة في تلوين قماشة الحياة بالجمال ورسم صورة الحاضر على أعقاب ماض مر من هنا تاركاً قصائده تسترسل في غزليات الحب والانتماء للأرض والوفاء لمن كرسوا الصورة الأمثل في حياكة فساتين الحلم الأعظم حلم الوطن الزاهي رافلاً بأجمل ما أنتجته القريحة الوطنية وأكمل ما نسجته موهبة الصحراء النبيلة من معالم ومآثر وأغنيات أبيات قصائدها من عرق العشاق، والقوافي من أنفاس من كرسوا حياتهم لأن تكون دبي الأيقونة، وتكون دبي السيمفونية، وتكون دبي القيثارة والملحنون هم أولئك الذين كانت أياديهم صحائف وكتباً، وكانت جباههم مصابيح تضيء غرف الإبداع.
اليوم وأنت تسير في شوارع دبي تشرع نوافذ الوعي وتفتح أبواب الذاكرة وما بين الماضي والمستقبل يطل خيط الحاضر يمسك بحبات العقل الفريد بعناية ودراية، والغاية هي أن تظل دبي محملة بالتزاماتها الأخلاقية والقيمية وما الذاكرة إلا محفظة التاريخ ومحتوى كنوزه وفوزه الدائم بشهادات التقييم المبهرة.
هكذا نرى مدينتنا وهكذا تغمرنا السعادة عندما نرى الماضي يشبك الأيادي بحاضر يتجلى بآمال المستقبل وتطلعاته وطموحاته، وما التاريخ إلا فكرة مزدوجة بين عصرين الماضي والمستقبل، وما بينهما حاضر يتجلى ببريق الوعي بأهمية أن يكون الزمن محيطاً ونحن بين موجاته سفن البحث عن لؤلؤة التقدم والتطور.
وما التاريخ إلا حبل مشدود بين ورقتين ورقة الماضي وورقة المستقبل وما بينهما سؤال الحاضر المبهر ونحن في الزمان رواية فصولها من ملاحم النجباء وهم يخطبون ود الصحراء، وعلى ترابها كتبوا أجمل الحكايات وأنبلها، واليوم تقف تلك الشاهقة تشد على الأيادي عندما الأبناء يرتلون تلاوة المكان بقلوب عاشقة مؤمنة بأن للمكان رونقه عندما يحفظ الود لماضيه وعندما يذهب بعيداً في ضمير المستقبل وعندما يكون الحاضر خطوة من أجل ألف خطوة.
نقولها بفخر واعتزاز الإمارات بكل نواصيها وحاراتها ومدنها وقراها، تبدو اليوم قارة ثقافية شاسعة واسعة مفعمة بتعدد الثقافات واللغات وحتى الابتسامات، الأمر الذي يجعلها أمام مسؤوليات جسام وأولها الحفاظ على موروثها للامساك بهوية المكان وهوى الزمان ونعيم العيش لا يكتمل إلا بوجود هذه الفسيفساء ثلاثية الأبعاد الزمنية، وهذه نعمة البلاد حيث حباها الله بقيادة تعمل على ترسيخ الجذور وتكريس الموال ليظل إماراتياً ملح ألحانه من موجة البحر ورائحة بوحه من عشبة في البر الإماراتي العزيز. فشكراً للأوفياء.