الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

إطلاق جائزة الإمارات العالمية للدراسات الإفتائية والاجتهاد الحضاري

نهيان بن مبارك وعبدالله بن بيه وعمر الدرعي خلال المؤتمر (من المصدر)
9 نوفمبر 2023 00:45

إبراهيم سليم (أبوظبي) 
اختتم مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي مؤتمره العالمي الثاني: «نحو الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية - المنهجية الحضارية، والتطبيقات الواقعية، وأخلاقيات الاستدامة» الذي عقد أمس في العاصمة أبوظبي، على مدار يومين، وبرعاية كريمة من سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية، بمشاركة وحضور أكثر من (160) خبيراً ومختصاً في العلوم الشرعية والعلوم الطبيعية من مفتين وقانونيين وأطباء ومهندسين وأكاديميين ومفكرين وعلماء فلك ورواد فضاء، يمثلون (50) دولة.
وذلك انطلاقاً من الرؤية الحضارية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وتثميناً لدورها الريادي، واحتفاء بعام الاستدامة، وتزامناً مع استضافة الدولة لمؤتمر الأطراف بشأن تغير المناخ: «28 COP»..
وعبّر مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي والمشاركون، في ختام المؤتمر والممثلون لأكثر من (70) جهة ومؤسسة إفتائية عالمية، عن خالص الشكر وجميل الثناء وصادق الدعاء إلى مقام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، وأصحاب السمو أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد حكام الإمارات، وسمو أولياء العهود، ونواب الحكام، على الرعاية والدعم الدائمين للمبادرات العلمية والإفتائية الرائدة التي تظهر سماحة الدين الحنيف وتنشر قيم التسامح والاعتدال.
كما دعا المؤتمر إلى زيادة الوعي، وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا البيئة، والصحة، والطاقة المتجددة، والفضاء، ومواكبة مستجداتها، واستثمار الفتوى الشرعية في التوعية بهذه المسؤولية، واستحضار التشريعات والقرارات المنظمة لها، استناداً على المبادئ التي حث عليها ديننا الحنيف في تعاليمه وتوجيهاته العامة، للمحافظة على مكونات البيئة وسلامة الإنسان، واستدامة الأمن الغذائي دون إخلال بالتوازن البيئي.
وسلط المؤتمر الضوء على الإرث الوطني الديني في دولة الإمارات العربية المتحدة، من خلال المعرض الذي أُقيم على هامش المؤتمر: «الإرث الإماراتي: رواية حضارية في القيم الدينية والإنسانية»، والذي يؤكد مكانة الهوية الدينية الوطنية وجذورها التاريخية المتأصلة، المبنية على قيم الاعتدال والتسامح والانفتاح الحضاري، وربط الأجيال بها لتعزيز استدامتها.
وأوصى المؤتمر بإنشاء منصة عالمية افتراضية بإشراف مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وبمشاركة العلماء والخبراء المتخصصين من مختلف دور الإفتاء والمؤسسات الوطنية، لإجراء الأبحاث المحكمة والدراسات المعمقة والتجارب الميدانية واللقاءات المعرفية حول القضايا العلمية المستجدة، فضلاً عن التعريف بـ «وثيقة أبوظبي للمستجدات العلمية» والتي أطلقها المؤتمر للتعامل مع المستجدات العلمية، وتعميمها وترجمتها إلى اللغات العالمية، وتدريسها في الحقول التعليمية والمعرفية، واعتبارها أحد المصادر الحضارية في الجهات والمؤسسات الإفتائية.
كما أوصى المؤتمر بإعداد مبادرات نوعية تهدف إلى رفع نسبة الوعي لدى أفراد المجتمع بمختلف شرائحه، بأهمية الفتاوى ومكانتها وخطورتها، خصوصاً فيما يتعلق بفتاوى القضايا العلمية المستجدة، والتحذير من فتاوى الأفراد غير المؤسسية، والفتاوى المستوردة عبر مختلف المنصات الإعلامية والرقمية، لوقاية المجتمعات وسلامتها، إضافة إلى عناية المؤسسات التعليمية والأكاديمية والجامعات بتصميم مساقات أكاديمية تؤسس لنظرية الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية وتطبيقاته الواقعية بمختلف جوانبه النظرية والتطبيقية، بالتنسيق مع المؤسسات وجهات الإفتاء الشرعي.
كما دعا المؤتمر إلى تعزيز مأسسة الإفتاء الشرعي وحوكمته، والاستفادة من التجارب والخبرات الناجحة، وتعميق أواصر التعاون بينها، وتصميم المناهج، لتدريب الكوادر الإفتائية وتمكينها، وخلق بيوت الخبرة، وسن مزيد من القوانين والتشريعات المعززة لأخلاقيات الاستدامة في التعاطي مع القضايا المعاصرة والذكاء الاصطناعي، لضبط الفتوى العامة وفتاوى المستجدات العلمية.
وأعلن المؤتمر إطلاق «جائزة الإمارات العالمية للدراسات الإفتائية والاجتهاد الحضاري» التي تُمنح للمؤسسات الإفتائية والأبحاث المتميزة في مجال الإفتاء الشرعي، انطلاقاً من الرؤية الاستراتيجية لدولة الإمارات وخططها في تصميم مستقبلها وتعزيز مكانة البحث العلمي، بالإضافة إلى دعم الباحثين في شتى المجالات، وتوفير السبل والأدوات المعرفية كافة، للارتقاء بمنظومة البحث العلمي التي تسهم في خدمة الإنسان ورفاهيته، وتحقيق التنمية الوطنية الشاملة، وتحافظ على الهوية الثقافية والإرث الحضاري.
وتهدف الجائزة إلى تشجيع المؤسسات الإفتائية الرسمية للتنافس الإيجابي في مجال البحوث والدراسات الإفتائية، وتمكين البحث العلمي والدراسات الجادة في تطوير المنظومة الإفتائية، وتفعيل الاجتهاد الحضاري في القضايا الفقهية المستجدة، وتعزيز مساهمته في مجالات التنمية، فضلاً عن تعزيز القيم الإنسانية، وترسيخ مبادئ الاعتدال والتسامح في صناعة الفتوى الشرعية.

وتضمن المؤتمر (6) جلسات: استهلت بجلسة افتتاحية، حظيت بكلمة رئيسية لمعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وكلمة تأطيرية من رئيس المؤتمر معالي العلامة عبد الله بن بيه، رئيس مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، وتلتها خمس جلسات علمية، تناولت خمسة محاور، وهي الإفتاء في المستجدات العلمية: «نحو منهجية منضبطة ومستدامة تتفاعل مع الحاجات الإنسانية»، والفتاوى الشرعية في مجال الفضاء والمناخ واستيعابها للمستجدات العلمية، والفتاوى الشرعية في مجال القضايا الطبية واستيعابها للمستجدات العلمية، والفتاوى الشرعية في قضايا طب الأسرة واستيعابها للمستجدات العلمية، فضلاً عن الفتاوى الشرعية في مجال الذكاء الاصطناعي واستيعاب مستجداتها الشرعية.
وتفصيلاً للبيان الذي تلاه الدكتور عمر حبتور الدرعي، مدير عام مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، خلص المؤتمر إلى جملة من النتائج والتوصيات، حيث تم التأكيد على مكانة الفتوى وأهميتها في استقرار المجتمعات العالمية، وما لها من دور بارز في تحقيق التنمية والازدهار الحضاري، موضحين بطلان المفاهيم المغلوطة التي تزعم التعارض الموهوم بين الدين والعلم، والتصادم المختلق بين العلوم الشرعية والعلوم الطبيعية والكونية، مبينين أن تعاليم الدين الحنيف ومبادئه منسجمة مع الحياة وتطوراتها العلمية؛ ولذلك فإن الفتوى في روايتها السليمة ووفق الضوابط العلمية والشرعية تتناغم مع كل ما يسهم في خدمة البشرية، وتحسين جودة الحياة، وترسيخ مبادئ العيش المشترك. 
واعتبر المشاركون في المؤتمر أن «نظرية الاستيعاب الشرعي» ومناهجها الحضارية بشقيها النظري والتطبيقي، تشكل منهجية علمية محكمة، توسع النظر في أوعية الاستنباط، ومولدات الأحكام، وترتقي لصناعة الحلول المستقبلية للتحديات، وذلك وفق تناسق معرفي منضبطٍ تتفاعل فيه عناصرها الرئيسة الثلاثة: «الفتوى الشرعية، والمستجد العلمي، وأخلاقيات الاستدامة».
 وأكد المشاركون ضرورة الاعتناء ببناء المفاهيم الكلية عبر «نظرية الاستيعاب الشرعي»، وضرورة إشراك الخبراء في تحرير المصطلحات ذات الصلة بالمستجدات العلمية، وأهمية تحقيق التكامل، وتعزيز أوجه التلاقي بين المؤسسات الإفتائية الشرعية وبين المؤسسات العلمية بمختلف مجالاتها وتخصصاتها، في مختلف مجالات الحياة: «الطب، والفضاء، والمناخ، والذكاء الاصطناعي..»، وصولاً إلى مقاربات شرعية، وأخلاقية، وقانونية، وحلول واقعية تتواءم مع الحاجات الإنسانية وترشدها، من أجل مجتمعات أكثر أماناً واستقراراً. 
وحث المشاركون، الهيئات الإفتائية والعلمية على الاستفادة من المنهجية العلمية للاستيعاب الشرعي، وتحقيق المناط في فتاوى المستجدات العلمية، كما دعوا العلماء إلى الاجتهاد كما اجتهد مَن قبلهم، فوسّعوا المفاهيم وحققوا المناط وخرَّجوا الفروع على الأصول وربطوا بين الأحكام ومقاصدها والفروع وقواعدها، وطوّروا لكلّ حال أحكامها. 
وأكد المشاركون أهمية «الفتاوى الجماعية المؤسسية»، وضرورة دعم المؤسسات الإفتائية بخلق مساحات اجتهادية جماعية تحت مظلة الدولة الوطنية، ونبهوا على خطورة الفتاوى الفردية في المستجدات العلمية، مشددين على تفعيل أدوار المؤسسات الإفتائية الوطنية، وحوكمة منتجاتها المعتدلة، وتهيئة البيئة العملية وإنشاء مختبرات تخصصية للارتقاء بمنظومتها عبر التطوير المستدام، والتأهيل النوعي، والانفتاح الواسع على العلوم والثقافات المتنوعة.
كما اعتبر المشاركون أن «المحدد الأخلاقي» أحد أهم مرتكزات صناعة فتاوى القضايا المستجدة، ويُعد الضامن الآمن لأخلاقيات الاستدامة، وخاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتطبيقات الرقمية وما تثيره من تحديات، مما يستلزم العمل على تطوير معايير تضبط أخلاقيات التعامل مع التطورات المتسارعة، إذ إن منظومة القيم هي الخيار الأمثل والحل الأنسب للتوازن بين التقدم العلمي والقيم الكونية، سعياً إلى تنمية الضمير الأخلاقي لدى المجتمع وأجياله الناشئة. 
وأكد المؤتمر أن النظر في القضايا العلمية المعاصرة له خصوصية، حيث يجب أن يراعي التشريعات والقوانين السارية في الدول الوطنية، مما يدعو إلى تعميق أواصر التنسيق والتواصل بين المؤسسات الإفتائية والجهات القضائية، للإدلاء بأدوارها الرئيسة لملء الفراغ في المستجدات العلمية وقضاياها.
وعي
دعا المؤتمر إلى زيادة الوعي، وتنمية الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا البيئة، والصحة، والطاقة المتجددة، والفضاء، ومواكبة مستجداتها، واستثمار الفتوى الشرعية في التوعية بهذه المسؤولية، واستحضار التشريعات والقرارات المنظمة لها، استناداً على المبادئ التي حث عليها ديننا الحنيف في تعاليمه وتوجيهاته العامة، للمحافظة على مكونات البيئة وسلامة الإنسان، واستدامة الأمن الغذائي دون إخلال بالتوازن البيئي.
معرفة
ثمن المؤتمر خطوة مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، المتمثلة في الإضافة النوعية الداعمة لحقول المعرفة، والمعززة للمنظومة الإفتائية من خلال مشاريع ومبادرات الدراسات والأبحاث العلمية، ونوه بإطلاق المجلس: «جائزة الإمارات العالمية للدراسات الإفتائية والاجتهاد الحضاري»، دعماً للمؤسسات الإفتائية الرسمية، وتمكيناً للمواهب الإفتائية التخصصية، وتقديراً للجهود والعطاءات العلمية، سعياً لحوكمة المعارف الإفتائية وتجويد مخرجاتها ونتائجها. وأوصى المؤتمر بعناية المؤسسات التعليمية والأكاديمية والجامعات بتصميم مساقات أكاديمية تؤسس لنظرية الاستيعاب الشرعي للمستجدات العلمية وتطبيقاته الواقعية بمختلف جوانبه النظرية والتطبيقية بالتنسيق مع المؤسسات وجهات الإفتاء الشرعي، والدعوة إلى تعزيز مأسسة الإفتاء الشرعي وحوكمته، والاستفادة من التجارب والخبرات الناجحة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©