الثلاثاء 21 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

الإمارات.. دبلوماسية مبتكرة لعالم أكثر رخاءً

الإمارات.. دبلوماسية مبتكرة لعالم أكثر رخاءً
2 ديسمبر 2023 02:48

أحمد مراد (القاهرة)

تولي الإمارات اهتماماً كبيراً بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، عبر طرح وتقديم العديد من المبادرات والمساعدات التنموية لدعم مختلف دول العالم، وبالأخص الدول الفقيرة والنامية.
وتبذل الإمارات مساعي حثيثة لتعزيز العمل الجماعي الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة، وتعزيز دورها في البحث عن حلول مبتكرة يستفيد منها الجميع على الساحتين الإقليمية والدولية، لا سيما في مجالات الطاقة والتغير المناخي وغيرها.
وتأتي أهداف التنمية المستدامة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال عام 2015 على رأس أولويات رؤية الإمارات المستقبلية، بل جعلتها محوراً أساسياً ورئيسياً في أجندتها لعام 2030، وأعلنت التزامها بعدم ترك أحد خلف الركب، وهو ما يظهر بوضوح في المبادرات التنموية التي تطرحها لمساعدة مختلف دول العالم على تحقيق مستقبل أفضل وأكثر استدامة.

وطن الاستدامة
ويحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، على مواصلة التنسيق والتشاور مع غالبية قادة دول العالم، بما يدعم جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز الشراكات التنموية الإقليمية والدولية، وفي هذا الإطار أعلن سموه، مطلع العام الجاري، «2023.. عام الاستدامة» بهدف نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية، سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو العالمي لبناء مستقبل أكثر رخاءً وازدهاراً لشعوب منطقة الشرق الأوسط والعالم أجمع.
وجاء إعلان صاحب السمو رئيس الدولة مبادرة «2023.. عام الاستدامة» في ختام فعاليات أسبوع أبوظبي للاستدامة بمشاركة عدد كبير من قادة دول العالم ومسؤولي المنظمات الدولية المعنية بقضية الاستدامة، وهو ما يرسخ الدور المحوري لدولة الإمارات في مجالات نشر الوعي الدولي بقضية الاستدامة، وتعزيز العمل الدولي في مجال الطاقة النظيفة، وبناء شراكات إقليمية ودولية فاعلة ومؤثرة تعمل على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وذلك على غرار الشراكة الاستراتيجية التي تجمع بين الإمارات والولايات المتحدة الأميركية لاستثمار نحو 100 مليار دولار في تنفيذ مشروعات للطاقة النظيفة في دولة الإمارات والولايات المتحدة والعديد من دول العالم.
وتكتسب مبادرة عام الاستدامة أهمية خاصة بسبب تزامنها مع استضافة دولة الإمارات مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP28»، وهو أكبر حدث دولي في مجال العمل المناخي، وتحرص الإمارات على جعله حدثاً فارقاً في مسيرة العالم نحو التصدي لخطر التغير المناخي.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، أكد خلال استقباله فريق عمل مؤتمر «COP28» في أغسطس الماضي، أن الاستدامة جزء أصيل من نهج الدولة وجهودها لدعم العمل المناخي وتعزيز التكاتف والتعاون الدولي سعياً إلى إيجاد حلول عملية لتحديات تغير المناخ، موضحاً أن الحفاظ على كوكبنا وحماية الحياة فيه من أجل أجيال الحاضر والمستقبل هي مسؤولية عالمية تقودها دولة الإمارات من خلال المؤتمر.

مواقف عالمية مؤثرة
حرصت دولة الإمارات على توظيف مشاركاتها الحيوية في القمم الإقليمية والعالمية لدفع دول العالم إلى مضاعفة الجهود وتعزيز الشراكات الرامية إلى تحقيق التنمية المستدامة، وهو ما يجعل الإمارات داعم رئيس للعمل الجماعي الدولي من أجل بناء مستقبل أفضل للبشرية، وقد تجسد ذلك بوضوح في مشاركة الدولة في أعمال القمة الـ17 لرؤساء دول مجموعة العشرين (G20) التي عُقدت بإندونيسيا في 15 نوفمبر 2022، وأيضاً مشاركتها في أعمال القمة الـ18 لمجموعة العشرين التي عُقدت بالهند في 8 سبتمبر 2023، وخلالهما دعت الإمارات إلى تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة، وتحقيق التنمية المستدامة والتقدم والازدهار للجميع.
وكان صاحب السمو رئيس الدولة أكد خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة إيمان الدولة الإماراتية بأن النهج المتوازن هو الأنجح لتحقيق الاستدامة، مشدداً على التزام الإمارات بدورها المسؤول في أسواق الطاقة وأجندتها الرائدة في قطاع الطاقة النظيفة، مع التأكيد على استمرار الإمارات بوصفها مركزاً اقتصادياً عالمياً في بذل أقصى الجهود لضمان استدامة سلاسل الغذاء والدواء، وتسخير إمكاناتها وموانئها وطیرانها لدعم مبادرات وأهداف الأمن الغذائي.
وفي السياق ذاته، جاءت مشاركة الإمارات في منتدى الاقتصادات الرئيسة الخاص بالطاقة وتغير المناخ الذي عُقد عن بُعد في 17 يونيو الماضي بمشاركة قادة ورؤساء حكومات في 17 دولة كبرى تشكل 80% من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وخلالها وضعت الإمارات التنمية المستدامة على رأس أولويات العمل الدولي، إضافة إلى التصدي لقضية التغير المناخي من خلال التعاون والعمل المشترك، لتجنب تداعياتها السلبية وتكلفتها الكبيرة على الإنسان والمجتمعات والبيئة والاقتصاد العالمي.
كما شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في 14 يوليو الماضي في أول قمة لقادة مجموعة I2U2 بحضور الرئيس الأميركي، جو بايدن، ورئيسي الوزراء الهندي والإسرائيلي، وخلالها اتفق الزعماء الأربعة على مبادرات عدة تتعلق بالاستدامة ودعم الأمن الغذائي العالمي، وضخ استثمارات في أمن الطاقة والمياه والنقل والفضاء والصحة والغذاء، بالإضافة إلى مواجهة التحديات والصدمات الغذائية العالمية، وتعزيز مبادرات الطاقة النظيفة.
وأكدت الإمارات خلال القمة التزامها بضمان أمن الطاقة مع خفض الانبعاثات، مشددة على أن التحالفات والشراكات وحدها قادرة على تخطي التحديات المتداخلة التي يواجهها العالم اليوم، وأهمها أمن الغذاء، والطاقة، وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وغيرها من قضايا الاستدامة.

مشروعات
تتبنى دولة الإمارات العديد من المبادرات والمشروعات التي تعزز الاستدامة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، ويأتي على رأسها المبادرة المعروفة بـ «ما بعد 2020» التي أطلقتها جائزة زايد للاستدامة بالشراكة مع العديد من المؤسسات المحلية والدولية.
ونفذت المبادرة نحو 17 مشروعاً بهدف نشر الحلول المبتكرة في مجالات الطاقة والصحة والمياه والغذاء، وقد استفاد منها أكثر من 221.8 ألف شخص في العديد من دول العالم، منها نيبال، وتنزانيا، وأوغندا، وكمبوديا، ومدغشقر، وإندونيسيا، وبنغلاديش، والفلبين، ورواندا، وبيرو، ولبنان، والسودان، وإثيوبيا، وفيتنام، وماليزيا، ومصر، والأردن، وخلال الفترة المقبلة سيتم تنفيذ مشروعات في كوستاريكا، والهند، وكولومبيا.
وتعمل المبادرة على تعزيز التنمية الشاملة والمستدامة عبر حلول مبتكرة ومهمة تساهم في تحسين الظروف المعيشية لمئات الآلاف من الأشخاص في جميع أنحاء العالم، وشملت مشروعاتها تركيب مرشحات للمياه، وتركيب موارد مياه عذبة مستدامة بيئياً، وتركيب مضخات تعمل بالطاقة الشمسية، ونشر مصابيح إنارة شمسية للطرقات، والتدريب على تشغيل نظام غذائي مائي، وتوفير خدمات الرعاية الصحية، ومنح سكان المناطق النائية فرصة لتحسين حياتهم وجعلها أكثر جودة وصحة وأماناً، وتركيب حلول إنارة مستدامة.
وتحظى الدول الأفريقية بنصيب كبير من المبادرات الإماراتية المعنية بالتنمية المستدامة، وبالأخص مجموعة دول الساحل التي تضم بوركينا فاسو، وتشاد، ومالي والنيجر، إذ تعد هذه الدول من بين أقل البلدان نمواً في العالم، وقد بلغت قيمة المساعدات الإماراتية لدول الساحل في الفترة بين عامي 2018 و2023 نحو 750 مليون دولار، ما يشكل 3% من إجمالي مدفوعات المساعدات الخارجية للدولة خلال هذه الفترة، وقد تم تقديم حوالي 75% من المساعدات الخارجية الإماراتية لدول الساحل في صورة مساعدات تنموية، في حين شكلت المساعدات الخيرية والإنسانية 16% و9% على التوالي.
وفي الإطار نفسه، جاءت مبادرة «اتحاد 7» التي أطلقتها الإمارات بهدف تأمين التمويل لمشاريع الطاقة المتجددة في أفريقيا، وتأمين الكهرباء النظيفة لنحو 100 مليون شخص بحلول 2035.

مكافحة تغير المناخ
تبذل دولة الإمارات جهوداً رائدة لمكافحة التغير المناخي في العديد من الدول النامية والفقيرة عبر مساعدات ومبادرات تنموية متواصلة تهدف إلى التخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، وما ينجم عنها من أزمات إنسانية تواجه الملايين من سكان هذه الدول.
وتعمل المساعدات التنموية الإماراتية على تسريع وتيرة التحول إلى مجالات الطاقة النظيفة والمتجددة في العديد من دول العالم باعتبارها إحدى أبرز آليات مواجهة التغير المناخي، وقد بلغت استثمارات الإمارات في هذا الشأن 16.8 مليار دولار في 70 دولة. 
وتؤدي المساعدات التنموية التي تقدمها الإمارات للدول النامية والفقيرة، لا سيما في قارتي أفريقيا وآسيا، دوراً رئيسياً ومؤثراً في مجالات مواجهة تداعيات التغيرات المناخية، وتخفيف آثارها الحادة على شعوب هذه الدول.
وكانت الإمارات بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» قد أطلقت على هامش قمة «COP26» في غلاسكو ببريطانيا عام 2021 منصة عالمية لتسريع نشر مشروعات الطاقة المتجددة في البلدان النامية، وتعهدت بتقديم 400 مليون دولار من خلال صندوق أبوظبي للتنمية لدعم المنصة في جمــع تمويـل لا يقــل عن مليار دولار.

غابات القرم 
كما أعلنت الإمارات على هامش مشاركتها في مؤتمر «COP27» في مصر عام 2022، الإطلاق العالمي لتحالف القرم من أجل المناخ بالشراكة مع إندونيسيا، بهدف توسيع مساحات غابات القرم عالمياً كأحد الحلول الطبيعية لمواجهة التغيرات المناخية، وهو ما يعزز جهود امتصاص وعزل انبعاثات غازات الدفيئة عالمياً، إذ تُعد أشجار القرم مخزناً للكربون بنسبة تصل إلى أربعة أضعاف الغابات الاستوائية المطيرة البرية.
وفي وقت سابق من العام الجاري، تم إطلاق مبادرة سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لتمكين المرأة الريفية في أفريقيا في مجال الزراعة، وذلك في إطار شراكة استراتيجية دولية تهدف إلى الحد من الآثار المترتبة عن التغير المناخي، وتستهدف المبادرة تدريب وبناء قدرات أكثر من 20 ألف امرأة ريفية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©