الجمعة 3 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

الكرة «صديقة البيئة».. حلم يتحقق

الكرة «صديقة البيئة».. حلم يتحقق
26 نوفمبر 2023 01:10

عمرو عبيد (القاهرة)
تبحث أغلب دول العالم مؤخراً عن أفكار جديدة تخص الاستدامة والحفاظ على البيئة، على خلفية الأنشطة والألعاب الرياضية المُختلفة، إذ إن أغلبها يستخدم كرات وأدوات وملابس، وغيرها من الوسائل المساعدة لإقامة تلك الألعاب، وبجانب المُبادرات الإنسانية والأنشطة الصحية «الخضراء»، فإن الاهتمام بتقليل مخاطر الإبقاء على تلك الأدوات بعد استخدامها فترات طويلة أو استهلاكها بصورة كاملة وتحولها إلى «نفايات» يجب التخلص منها، خاصة الكرات متنوعة الأحجام والأشكال والطبيعة حسب نوع اللعبة، التي قد يستغرق بعضها عشرات أو مئات السنين لكي تهلك تماماً، ويختفي تأثيرها في البيئة والأرض!
وخطف اهتمام الإمارات بكرات الجولف «الضائعة» أو «الغارقة» الأضواء، بعدما استقدم نادي جميرا للجولف في دبي، الهولندي نيكي دورفيل، المعروف باسم «صائد الكرات الغارقة»، ليغوص في بحيرات جميرا، ويستعيد الآلاف من كرات الجولف، حيث جمع ما يقارب 30 ألف كرة مؤخراً، في الوقت الذي أشارت بعض التقارير أن هناك ما يقرب من 250 ألف كرة طاحت داخل البحيرات خلال السنوات القليلة الماضية.
وبدأ دورفيل جمع كرات الجولف في سن مبكرة، بعد مشاهدته أحد الغواصين عبر التلفاز  يقوم بذلك في ولاية فلوريدا الأميركية قبل سنوات طويلة، ليقوم هو الآخر بإنشاء شركة متخصصة في هذا الأمر منذ 12 عاماً، متجاوزاً حدود الهواية والتسلية، ويُقدر عدد الكرات التي يجمعها دورفيل وفريقه من البرك والبحيرات الموجودة حول ملاعب الجولف العالمية بما يتجاوز مليون كرة سنوياً، وبدأ نيكي مسيرته المهنية بالطبع في هولندا قبل أن يتسع نطاق عمله ليشمل بلجيكا وألمانيا وفرنسا والإمارات.
ويفيد عمل دورفيل مجال الاستدامة بصورة مباشرة، إما عبر إعادة تدوير الكرات غير الصالحة لاستخدامها في اللعب، أو بيع بعضها إلى الأفراد العاديين للعب بها بعيداً عن البطولات الاحترافية، وكذلك التبرّع بها إلى مراكز التدريب الفقيرة خاصة فيما يتعلق بتعليم الأطفال، ومن ثم المساهمة في نشر اللعبة وتطويرها على المستوى الشعبي، وهو ما تدعمه فكرة حاوية موانئ دبي العالمية تحت اسم «الحياة الثانية»، المتعلقة بمنح الكرات المُستخرجة الفرصة للعودة إلى الحياة، وتجنيب البيئة المحيطة مخاطر تحللها وترك الجزيئات البلاستيكية الضارة في المياه!

وتكشف الألعاب الرياضية الأخرى المعتمدة على الكرات عن أفكار حديثة ومتجددة، لتصبح الكرات «صديقة للبيئة» بالمعنى الحرفي، حيث كشف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم «يويفا»، عن الكرة الرسمية لبطولة «يورو 2024»، التي أطلقت عليها اسم «فوسباليبي» أي «حب كرة القدم»، ويبدو أن حب تلك الكرة لن يقتصر على اللعبة، بل يشمل محبة البيئة أيضاً، لأن «يويفا» أشار إلى أنه بجانب استخدام البوليستر المعاد تصنيعه والحبر المائي، فإن الكرة مصنوعة أيضاً من مواد بيولوجية أكثر استدامة من الكرات السابقة في هذه المسابقة، وتشتمل كل طبقة من طبقاتها على مواد مثل ألياف الذرة وقصب السكر ولب الخشب والمطاط.
وفي ذات السياق، بدأت محاولة إنتاج كرات «صديقة للبيئة» منذ سنوات، حيث تحمل اسم «الكرات الخضراء»، المصنوعة من زجاجات المياه البلاستيكية المُعاد تدويرها، بجانب اللاتكس الطبيعي الذي يأتي من أشجار المطاط، كما ظهرت بعض الكرات المصنوعة من مادة «TPU»، وهي مادة نباتية قابلة للتحليل وإعادة التدوير، وهناك الكثير من المبادرات التي تطرح التبرع بالكرات القديمة إلى الأطفال الفقراء والأفراد العاديين، وكذلك إعادة استخدامها بطرق مُبتكرة مثل تحويلها إلى أصيص للزهور أو قبعة أو محافظ بدائية داخل المنزل، كما يُمكن تمزيقها إلى قطع واستخدام الأجزاء في صناعة الأمتعة والأحزمة والأحذية وما شابه، بجانب إرسالها إلى مصانع إعادة التدوير التقليدية بالطبع!
في لعبة التنس، تبدو الأزمات الناجمة عن استخدام تلك الكرات الصغيرة أكبر من أي تصور، حيث تتكون من مواد بلاستيكية ومطاطية لا يسهل إعادة تدويرها أو تحللها، ومن ثم تتسبب في مشاكل بيئية خطيرة، إذ يُقال إنها تحتاج إلى قرون لتتحلل ويختفي تأثيرها السلبي على الأرض والمسطحات المائية كذلك حال التخلص منها فيها، وظهرت بعض الحلول خلال السنوات الأخيرة وأهمها محاولة تقليل «البصمة الكربونية» لكرة التنس، عن طريق تصنيعها من مواد مُعاد تدويرها وقلب مطاطي حديث يُمكنه المحافظة على الكرة لمدة تصل إلى 4 مرات عُمرها التقليدي، كما تسعى المبادرات لجمع الكرات التالفة وإعادة تدويرها في بناء ملاعب التنس والملابس وأرضيات ساحات الفروسية.
كما قامت إحدى الشركات الهولندية باختراع كرة حديثة يسهل إعادة تدويرها المواد المكونة لغلافها الخارجي، بينما يُعاد استخدام قلبها المطاطي في صناعة كرات تنس أخرى، وتوجد الكثير من المبادرات حول العالم للتبرع بمضارب التنس القديمة إلى المؤسسات الخيرية، أو إرسالها إلى المصانع المتخصصة في إعادة تدويرها، وهو أمر ليس سهلاً، حيث تقوم بتحطيمها وفصل مكوناتها واستخدام كل جزء في صناعة ما، وظهر مؤخراً في مجال لعبة كرة السلة، ما يُعرف باسم «الكرة النباتية» الصديقة للبيئة، المصنوعة من مواد طبيعية وصبغات نباتية لاستخدامها في التدريب وتعليم الأطفال، والمُتوقع تطويرها خلال السنوات المقبلة لتدخل عالم اللعبة الاحترافي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©