السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

فقه الاقتصاد في الإنفاق

فقه الاقتصاد في الإنفاق
6 مايو 2021 01:00

د. راضية وصيف 

يعد حفظ المال مقصداً من مقاصد الشريعة السمحة، فالمال من ضروريات الحياة، لأنه لابد منه لقيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فُقد لم تجر مصالح الناس على استقامة.
يعتبر مفهوم «الادخار» من المفاهيم التي ارتبطت بحفظ المال وتثميره، حيث يساهم في تحقيق المصالح الدينية والدنيوية للناس، أفراداً وجماعات وحكومات.
ومما لا يخفى على أحد أن تنمية الوعي المالي ونشر ثقافة الادخار عند أفراد المجتمع يحقق مقاصد جمة، ومن أهمها: أولاً، إحداث تغيير تدريجي في الأنماط السلوكية الاستهلاكية للأجيال الحالية، وما يستتبع ذلك من تضييع للمال وإهدار للثروات، ثانياً: إحداث التوازن في شخصية المسلم بين مفهوم جمع المال وتثميره، وبين الزهد باعتباره مفهوماً إسلامياً ينبغي فهمه ووضعه في إطاره الصحيح.
والشريعة الغراء قد عُنيت بالادخار وإقراره تشريعياً، وأنه من المعاملات المباحة التي لا غنى للإنسان عنها في حياته، وفيما يلي بعض من الأدلة التي تشهد لمشروعية الادخار:
1- قصة رؤيا يوسف عليه الصلاة والسلام، وفيها قوله تعالى حكاية عن يوسف –عليه الصلاة والسلام- في تأويله لرؤية الملك: ﴿قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾.
فقد قدم يوسف في هذه الآيات خطة سبعية لما كان ينتظر الناس من قحط ومحل، ويقول العلامة الطاهر بن عاشور مجلياً ما دلت عليه الآيات من معانٍ وفوائد نفيسة: «عبَّر الرؤيا بجميع ما دلت عليه، فالبقرات لسنين الزراعة، لأن البقرة تتخذ للإثمار. والسِمَن رمز للخصب. والعجَف رمز للقحط. والسنبلات رمز للأقوات، فالسنبلات الخضر رمز لطعام ينتفع به، وكونها سبعاً رمز للانتفاع به في السبع السنين، فكل سنبلة رمز لطعام سنة، فذلك يقتاتونه في تلك السنين جديداً.
والسنبلات اليابسات رمز لما يدخر، وكونها سبعاً رمز لادخارها في سبع سنين لأن البقرات العجاف أكلت البقرات السمان، وتأويل ذلك: أن سني الجدب أتت على ما أثمرته سنو الخصب.
وكان ما أشار به يوسف عليه السلام على الملك من الادخار، تمهيداً لشرع ادخار الأقوات للتموين، كما كان الوفاء في الكيل والميزان ابتداء دعوة شعيب عليه السلام.
والنصوص القرآنية الآمرة بالزكاة، والزكاة إنما تكون في المدخر الذي بلغ النصاب وحال عليه الحول، وهذا لا يكون إلا بادخار.
ووجه الدلالة أن النبي، صلى الله عليه وسلم، علل الاكتفاء بالثلث بالوصية بقوله «إنك إن تدع ورثتك أغنياء...» الحديث، ولا يكون ورثة الموصي أغنياء إلا إذا بقي لهم من مورثهم ما يستغنون به، وهذا الباقي الذي استغنوا به هو المال المدَّخر الذي وفره جمعه الموصي، فدل ذلك على مشروعية الادخار.
والنصوص الشرعية التي يفهم منها ذم الادخار محمولة على الادخار السلبي، كأن يدخر بخلاً وعدم رغبة في الإنفاق، أو يؤدي إلى الشح على من تجب نفقتهم.

المفتية في المركز الرسمي للإفتاء

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©