الثلاثاء 28 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«ملتقى الشارقة للخط».. احتفاء بجماليات الحرف العربيّ

من الأعمال المشاركة في دورة سابقة لملتقى الخط العربي (أرشيفية)
5 أكتوبر 2022 01:02

محمد عبد السميع (الشارقة)

للخط العربيّ متعته ورونقه، وهو حامل لغتنا الشريفة بشكلٍ جميل، ولذلك فإنّ أيّ جهدٍ يصبّ في الترويج للخطّ وحمايته واحترام مكانته وقراءته من أكثر من بُعد ومنظور، يمثّل جهداً تحتاج إليه لغتنا العربيّة أولاً، ويمثّل أيضاً جهداً نبيلاً يلامسنا، ويلامس ما طُبعت عليه الذائقة الإنسانيّة العربيّة والإسلاميّة من فرح بجذوة الحرف وهو يشتعل حركةً وتآلفاً ليشكّل أروع الإحساس حين الوقوف مليّاً قبالته والتأمل فيه بالمعنى الإيجابي للتأمل، فكيف به وهو يتم نقاشه واستحضاره اليوم والسؤال عن معنى ارتقائه ومنزلته وقوّة تأثيره.
وعلى ما في مفهوم الارتقاء من حركة واضحة وإثبات لذات الحرف وعوالمه التي يصنع منها الخطاط أروع الأفهام وأجمل الأشكال وأدقّ الكتابات، فقد كان ملتقى الشارقة للخطّ بدورته العاشرة، ذا حضور واضح منذ أن تأسس عام 2004، ليواصل الاحتفاء بهذا التدفق الجمالي لأساس لغتنا الجميلة، ومن نافلة القول إنّ الخطّ كُتب به القرآن الكريم المعجز الخالد المتعبّد بتلاوته، مثلما ظلّ في أذهان ووجدان الأمتين: العربية والإسلاميّة، يحمل قدسيّة كلام الله عزّ وجل الذي خُط بواسطته وأصبح يكوّن صورةً ذهنيّةً وجماليّةً للناشئة والناس البسطاء، ويشكّل أيضاً للنخب والمثقفين والطبقات العلمية روعةً في الأسلوب، وجمالاً في البناء وخصائص في الشكل الذي يحمل المضمون.
وملتقى الشارقة العاشر للخطّ عبارة عن مشوار واثق طيلة هذه الفترة، فلابدّ من البناء عليه وقراءته من أبعاد متنوعة، نحو اكتمال فهمه ورؤية الإحساس الداخلي الذي يحمله ويمثّل به إحساس ذائقة تُصاب حتماً بالدهشة في تلقيه بصريّاً ودلاليّاً، وكذلك من حيث كون الخطّ متشاركاً مع الفن التشكيلي في البناء والتأسيس لأعمال ذات أثر ومغزى ودلالة وفكر في نهاية المطاف.
وقد امتاز الملتقى، وهو يواصل مشواره الجادّ لتنفيذ رؤية وتوجيه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بأنّه يرنو دائماً إلى الاحتراف والحيويّة في التناول وعرض الأعمال المشاركة والمعروضة وفق أساليب وعوالم من تلقي الفنان والنخبوي المثقف، ومن الخطّاط أيضاً بطبيعة الحال.

تفسير الدهشة
استطاع الملتقى أن يوصل جماليّة الحرف العربيّ ورسالته الواثقة، فكان يشكّل مرجعيّةً وأرشيفاً من كلّ دوراته الماضية، ففيه فكر وثقافة وهويّة وأصالة وإبداع وجمال، وفلسفة أيضاً إذا ما علمنا أنّ الناس تحتاج دائماً إلى ثقافة بصريّة بعيداً عن الضوضاء أو المكتوب الجاهز الذي قد لا يكلّف الخطّاط عناء الشعور بمتعة التحدي وتطبيق المقاييس الجميلة التي تحتاج مراساً عالياً في تنفيذ الأطر والتقاليد. وهذا الفنّ بقواعده الراسخة له قواعده الهندسيّة وروح الجمال الذي يميّزه بالتأكيد. وفي الدورة العاشرة للملتقى، يكون الخطّ العربيّ قد تمّ فهمه على صعيد المحترفين، وأيضاً على مستوى الطلبة والناس، للإقبال عليه وتفسير الدهشة والجمال بروح علميّة وثقافيّة ورؤية في الوقت ذاته يعبّر عنها الحرف.

مخاطبة الذائقة
أمّا «الارتقاء»، وهو المعبّر عن حالة انتقال إلى مكانة جديدة ومسافات أبعد جماليّاً، وشكل يتعالق مع روح المتلقي ويخاطب عواطفه ووجدانه مباشرةً -لأن الخطّ كعمل فنّي هو مبنى ومعنى أو شكل ومضمون... فهو يشكل حالات لا يكون فيها محايداً حين تكون هناك إرادة لهذا الحرف في أن يكون له دور في التكوين، انطلاقاً من معنى الارتقاء الذي فيه معنى السموّ والروعة والمكانات الجديدة التي تصيبنا بالدهشة والإعجاب، فالحرف لا يمكن أن يظلّ وحده دون أن يكون جزءاً من كلّ أو من منظومة رائعة تفهم شموله وتفاصيله، والمبنى هو الشكل والمعنى وهو الجوهر أو المضمون أو المحتوى أو الدلالة.و«الارتقاء»، مخاطبة للذائقة وتجسيد لما يشعرها بالروعة والجمال، مثلما هو تمثيل لحالات إبداعيّة جديدة في إثبات الذات وحضورها الرائع، ومع أنّ لكلّ عمل شخصيّته الإبداعيّة وعالمه البصريّ، إلا أنّ الخط العربيّ جامع لحروف تتكامل بشخصيّاتها الإبداعيّة لتقديم رؤية وفق أعمال جديدة تعتمد على ذكاء الخطاط وثقافة المتلقي.

روعة المضمون وعلوّ المستوى
أشاد فنانون وإعلاميّون بالفرصة التي يوفّرها ملتقى الخطّ للمهتمين والمبدعين، لتوسيع مفهوم الخطّ إبداعياً وعدم جموده معرفيّاً، لأنّ الجميع سيكون على اطلاع بجديده وعلى احترام لأصالته، ولمعنى ارتقائه واحترامه في أعين التلاميذ والأساتذة والنخب والناس، ولهذا معنى كبير يؤكّد كيف تكون مستخلصاته وروعته، وكيف يلجأ إليه المثقف العربيّ وهو يرى روعة المضمون وتعالق الأشكال وعلوّ المستوى واتساع الآفاق دون نسيان الضوابط الفنيّة الرائعة للخط.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©