الإثنين 20 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

إنعام كجه جي.. سردية الحنين والاغتراب!

إنعام كجه جي
8 أغسطس 2023 01:01

عبد الله أبو ضيف (القاهرة)

إنعام كجه جي، صحفية وروائية، ولدت في عام 1952 في بغداد، عندما أصدرت روايتها الأولى «سواقي القلوب» كان البطل مأخوذاً بالحنين للوطن، وهذا ما نجده أيضاً في روايتها «طشارى» التي تناولت فيها مشكلة بعض المهجّرين قسرياً، و«الحفيدة الأميركية» التي تناولت فيها أحداثاً ويوميات متصلة بالاحتلال الأميركي لبلادها.
وهكذا مثلت ثيمة الحنين إلى الوطن متناً راسخاً في تجربتها السردية، وهي التي عاشت طويلاً خارج وطنها، وفي مثل هذه الحال فـ«لا جرح يداوي جرحاً، لكن قبساً هناك يمكن أن يخفف من عتمة مريرة هنا»، كما قالت في أحد أعمالها. وهو تعبير من الممكن إسقاطه على جرح غربتها عن وطنها لأكثر من 40 عاماً، حيث تجني في الغربة جرح الاشتياق إلى النخيل ودجلة والفرات ذراعي العراق التاريخيين. وقد منحها وطنها قبساً يخفف من العتمة عندما رفع لافتة باسمها في شارع المتنبي في بغداد، كما شرفها ورفع من قيمة تجربتها الأدبية وصولها أيضاً للقائمة القصيرة لجائزة البوكر الأدبية ثلاث مرات.
وتستخدم الكاتبة العراقية ضمير المتكلم في أعمالها وخاصة في مجموعتها المهمة «بلاد الطاخ طاخ»، وفي حديث لـ«الاتحاد»، قالت إن قصصها تكاد تكون بمثابة شهادات واقعية تقدمها شخصيات مختلفة، عن مجتمع كامل مر بتجارب عديدة تستحق أن تروى، ومن هنا يكمن استخدام ضمير المتكلم الذي يعطي انطباعاً للقارئ بأن الحدث حقيقي وكأن السارد ينطق بلسانه من واقع تجربته، ويساعد ذلك على فيضان خياله والانسجام مع الشخصية. وترى أن كل هذا يقرب ما بين المتكلم والقارئ ويقفز من فوق كتفي الراوي العليم.
وإنعام كجه جي، رغم بداية تجربتها الروائية متأخرة، حيث بدأت بعد الغزو الأميركي للعراق تقريباً، إلا أن قراءاتها الغزيرة للأدب جعلتها واحدة من رواده. وفي هذا المقام أشارت إلى أنها تقرأ كل ما تصل إليه يدها من كتب في السيرة والمذكرات، ولم يبتعد الشعر عن ذائقتها، حيث تحاول متابعة كل ما ينشر منه على وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت دار نشر كبرى مع الوقت للمواهب المختلفة على مستوى العالم وتحديداً عالمنا العربي.
وتقول الكاتبة، إن حركة نشر فن الرواية غزيرة، ومن ثم تحاول أن تلاحق ما يصدر منها كل يوم، ورغم ذلك فإنها بالكاد تتمكن من قراءة روايتين في الشهر، وتحب أيضاً مطالعة ومتابعة المذكرات السياسية والفنية المكتوبة باللغة الفرنسية حيث تقيم في فرنسا منذ سنوات طويلة.
وتلوم الكاتبة العراقية نفسها على هجرتها عن وطنها الذي يسكن قلبها وروحها، وعالمها الروائي وشخوص إبداعها، وفي أحد أعمالها تقارن حتى بين العراق وطنها الأم، وفرنسا مقر سكنها.. «بغداد فيها أوبرا؟ -فيها كل شيء- ماذا فيها أكثر من باريس؟ دجلة ومليون نخلة وأمي»!
وفي قصة «الخوافات» أحد إبداعات كجه جي تدور حكاية سبع شقيقات، في سرد ما بين الواقعي والأسطوري، حيث تشير في حديثها رداً على ما إذا كانت الحركة النسوية الجديدة ساهمت في تحسين وضع المرأة في الوطن العربي، إلى أن المرأة العربية تقع تحت ضغوط اجتماعية وثقافية، فضلاً عن أثر النزاعات والحروب في العديد من بلداننا والتي تؤثر سلباً على مسار حياة الإنسان الطبيعية والمستقرة.
وتعمل إنعام كجه جي الآن على رواية تعتبر نفسها متأخرة في إصدارها بسبب عدم وجود وقت كافٍ، متمنية توفر عزلة مناسبة مع التحرر من الواجبات الصحافية والعائلية، للانتهاء منها، كاشفة أن حلمها المستقبلي يتمثل في كتابة مذكراتها بعد كل هذه السنين قائلة: «أظن أن فيها مدهشات تنافس الروايات».
وقد اختار الباحث معتصم باسم، أعمال الكاتبة العراقية إنعام كجه جي كمدلول على الموروث الشعري القديم المستدعى في أعمالها الروائية مما ساهم في ترشيحها لأغلب الجوائز العربية وحتى ترشيح اسمها لجائزة نوبل للآداب، التي حظي بها منفرداً حتى الآن من عالمنا العربي نجيب محفوظ.
وقد عالجت الدراسة الموروث الشعري القديم المُستدعى في روايات إنعام كجه جي، لأنَّ ثَمَّة حضوراً واضحاً لهذا الموروث في نصوصها الروائيَّة، واستقصى الباحث مواطن الاستدعاء موضحاً آليَّته ودواعيهِ في كلِّ موطنٍ.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©