عدد اليوم
شعبان بلال (القاهرة)
ستة ملايين زائر سنوياً اتفقوا جميعاً على وجهة واحدة وهي قصر ميسور في ولاية كارناتاكا جنوب الهند، التي تشتهر بمهرجاناتها وقصورها الرائعة. ويقصد الزائرون القصر الذي يصنف ضمن أفخم القصور وأكثرها رفاهية وجمالاً، فما يميزه عن غيره امتلاكه عشرات من كاميرات المراقبة التي تقتنص كل من يحاول التصوير خلسة لأن تصوير هذه التحفة المعمارية ممنوع تماماً، وهو ما يثير فضول ملايين الزائرين لاستكشافه بأنفسهم.
مركز الملوك
يقع قصر ميسور ضمن مدينة تحمل الاسم نفسه وتعرف بأنها مدينة القصور، وكان مقر أمراء وحكام هذه المدينة منذ القرن الرابع عشر الميلادي، وحتى القرن العشرين، فبنيت النسخة القديمة من قصر ميسور عام 1399 ليكون مقراً لعائلة وديارس التي حكمت المدينة على مدى قرون متعاقبة.
وظل القصر بأهميته نفسها حتى عام 1610 عندما تحولت العاصمة من ميسور إلى سريراناجاباتانا، ففقد القصر أهميته ولحقت به الكثير من الأضرار، وبعد إصابته ببرق كان القرار بهدمه وإزالته وإعادة بنائه مره أخرى بعدها بثمانية وعشرين عاماً، ثم كانت نسخة حديثة من القصر في القرن الثامن عشر الميلادي.
نسخة حديثة
أما النسخة الحالية من القصر، فيعود الفضل في بنائها إلى السلطان تيبو ابن حيدر الذي بدأ بناء نسخة حديثة من القصر في القرن التاسع عشر، ولكنه تعرض للهدم أيضًا، وأعيد بناؤه وتصميمه على يد المهندس المعماري البريطاني هنري إيروين والذي أخرج القصر بشكله الحالي عام 1912 بتوجيهات من الحاكم العام البريطاني للهند اللورد مورننجتون.
وعلى مدار تلك السنوات ظل الأمراء الهنود يتعاقبون على القصر، لذلك يحتل مكانة هامة في الهند، ويمتاز بالطراز الهندي وتزينه تشكيلة من أهم التماثيل الهندوسية والزخارف والنقوش التي لا مثيل لها في الحضارات والثقافات الأخرى.
وحدات إضاءة
منذ سنوات يستقبل قصر ميسور نحو 6 ملايين زائر كل عام من حول العالم، فهو ثاني مركز جذب في الهند بأسرها بعد تاج محل الشهير، لكن خلال العام الأخير تأثرت تلك الأعداد نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد.
ولا تختلف روعة القصر نهاراً عنها في الليل، فعندما يسدل الستار على ضوء النهار لا يخشى القصر شيئاً، لأنه محاط بـ 100 ألف لمبة تضاء كل ليلة، وخلال الإضاءة الليلية يظهر شعار المدينة القديم «لا تخف أبداً» الذي يظهر باللغة السنسكريتية وسط وحدات الإضاءة الليلية.
منحوتات تراثية
بين 18 مبنى داخل القصر يوجد الكثير من المنحوتات التراثية، حيث توجد الأبواب التي نقش عليها بالذهب والفضة والكثير من المعابد داخل القاعة القديمة أو داخل القصر نفسه، وأهم مزارات القصر هي قاعة امبافيلاسا التي تتزين بديكورات نادرة، وأيضاً قاعة غومبي ثوتي التي تضم معرض للدمى التقليدية والمنحوتات.
نمط نادر
يتبع قصر ميسور نمط معماري يطلق عليه الهند - ساراسينيك وهو مزيج بين الطراز الهندوسي والموغال والراجبوتو، ويتكون القصر من ثلاثة طوابق وجميعها له قباب رخامية وله برج وحيد بارتفاع 145 قدماً، وهذا البرج يتألف من 5 طوابق أخرى.
وصنعت طوابق القصر من الجرانيت الرمادي وزينت قبابها بالرخام الوردي والأقواس الواسعة لتكون كتلك التي يتصورها الأطفال عندما تأتي سيرة الحضارة الهندية، ولمزيد من الفخامة تزين زجاج القصر وأرضياته بالفسيفساء الإسلامية الشهيرة، ونحتت أبوابه الخشبية بطريقة مذهلة.
ولأن ملوك ميسور المتتابعين كانوا من أتباع آلهة شاموندي، بني القصر على التلات التي تحمل نفس اسم الآلهة، وزين القوس المركز للقصر بتمثال جاجالاكشمي التي تعرف بآلهة الثروة والازدهار والثروة ويصاحب التمثال مجموعة من الأفيال الشهيرة التي تعكس الحضارة والتاريخ الهندي.
قاعة كاليانا
لا يمكن مغادرة القصر دون الاستمتاع بقاعة كاليانا مانتابا وهي قاعة الزواج الشهيرة التي تتزين بزخارف الطاووس المميزة وبها الكثير من الزجاج الملون، وهذه القاعات ومنحوتاتها مستوحاه من ثقافة ملوك الهند القدامى الذين عاشوا في مستوى من البزخ والرفاهية لم ينافسهم فيه أحد، ولهذا خرج القصر تحفة معمارية ونموذجاً للفخامة والرفاهية على مر العصور.
