مع الانخفاض الكبير في سعر النفط، ستنخفض قريباً أسعار البنزين نوعاً ما. وعلى أي حال، فالجولة الأحدث من زيادة أسعار بيع الوقود للمستهلك لم تكن مؤلمةً للغاية أصلا. وأي سعر للجالون يبدأ من ثلاثة دولارات يثير الخوف عادةً.

لكن استناداً إلى عدد من المعايير ذات الصلة، ليست أسعار البنزين في الآونة الأخيرة عاليةً بشكل خاص فيما يبدو. صحيح أنها أعلى كثيراً مما كانت عليه في العام الماضي، لكن لا غرابة في هذا.

كما أن نصيب البنزين من حصة إنفاق الأميركيين أقل مما كانت عليه. والطريقة الأخرى للنظر لهذا تتمثل في التخلي عن المعيار المألوف للعلاقة بين الميل لكل ساعة والاعتماد على مؤشر الميل لكل ساعة عمل. أي كم تشتري ساعة العمل المتوسطة من مسافة القيادة بناءً على سعر المستهلك في محطات التزود بالوقود؟

وبناءً على حساباتي لشهر أكتوبر، وجدت أن ساعة العمل تشتري 7.3 جالون في المتوسط. وأحدث البيانات عن متوسط الاقتصاد في الوقود لأسطول المركبات الأميركية لـ«مكتب إحصاءات النقل» ترجع لعام 2019، وتوسعت في تطبيق هذه البيانات على عام 2021. وأحدث بيانات عن متوسط الاقتصاد في الوقود في المركبات الجديدة من «وكالة الحماية البيئية» ترجع إلى عام 2020، وتوسعت أيضاً في تطبيق هذه البيانات لفهم ما جاء بعد ذلك.

وباستخدام هذه الآلية، يمكننا استنتاج معيار تقديري عن المسافة التي يستطيع العامل المتوسط قطعها بأجر ساعة عمل سواء باستخدام سيارته القديمة أو سيارة على أحدث طراز. ونجد أن الصورة الحديثة تشبه الصورة التي كان عليها قبل الجائحة.

ولجعل هذا أقل تجريداً، لنأخذ مثال سيارة تويوتا رياضية من طراز RAV4 Crossover. فقد بلغ سعر الموديل الأساسي منها لعام 2021 نحو 27500 دولار واستهلاكها للوقود بلغ جالونا واحداً لأكثر قليلا من 31 ميلا. وقبل خمس سنوات، بلغ سعر موديل 2016 الأساسي من السيارة نفسها نحو 24 ألف دولار ويستهلك جالوناً في نحو 26 ميلا.

ورغم أن سعر البيع كان أقل وسعر البنزين كان أقل بنحو 25%، لكن الجمع بين قطع عدد أكبر من الأميال والأجر الأعلى للعامل يعني أن السائق يعمل حالياً ساعات أقل في المتوسط ليغطي كلفة شراء وتشغيل السيارة RAV4 Crossover عما كان عليه الأمر فيما مضى. وتطمس المتوسطات بالطبع حقائق أشد خطورةً. فعلى الرغم من أن البيانات الحديثة لا تبدو بعيدةً عن المعتاد فيما يتعلق بمستواها، فإنها تقترب من منطقة أكثر خطورةً.

ومع ارتفاع الأسعار في نوفمبر الماضي عما كانت عليه قبل عام بواقع 59%، فإن هذه تُعَد أعلى زيادة في البيانات الشهرية منذ بداية التسعينيات. وهذا يعكس التأثير الأساسي لعام من عمليات الإغلاق، لكنه يتعلق بمنتج له أهمية شبه أسطورية بالنسبة للمستهلك الأميركي الذي يجري تذكيره بكلفة هذا المنتج مراراً.

والرغبة في الحد من هذا الزخم والاهتمام بهذه الوقائع الأخطر تجلّيا بقوة في قرار الرئيس جو بايدن السحب من نفط مخزون البترول الاستراتيجي. وكان بايدن بالتأكيد يفكر في العلاقة التعارضية بين أسعار البنزين وتوقعاته لحزمة الميزانية ذات الصبغة الخضراء المطروحة أمام مجلس الشيوخ. ورغم أن الأرقام لا تكشف عن حالة طوارئ فعليه، فإن سرعتها وتوجهها كانا ينذر بمشكلة فعلية.

*صحفي متخصص في شؤون الطاقة

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوزز سيرفس»