ازداد الطلب على الدراجات البخارية الكهربائية في الهند. ثم بدأت هذه الدراجات في الاشتعال. فقد أدت سلسلة من حرائق البطاريات الأخيرة في الدراجات البخارية الكهربائية، بعضها مميت، إلى قلق المشترين - ومخاطر بإخراج أجندة المناخ الطموحة للبلاد عن مسارها.
إن أكثر من 90% من المركبات في الهند تعمل بالبنزين أو الديزل. فكيف ستتمكن الدولة التي تعد ثالث أكبر مصدر للغازات الدفيئة في العالم من إدارة الانتقال إلى السيارات الكهربائية حتى يتسنى لها الوفاء بتعهدها بأن تصبح محايدة للكربون بحلول عام 2070.
قال «كارثيك جانيسان»، الزميل في مجلس الطاقة والبيئة والمياه الذي يتخذ من دلهي مقرا له، إنه إذا لم يتم إصلاح مشكلات السلامة، وبدأ الناس يفقدون الثقة في التكنولوجيا، «فمن المؤكد أن هذا سيؤثر بشكل كبير على الخطط الشاملة لإزالة الكربون»..

في أواخر أبريل الماضي، توفي رجل يبلغ من العمر 80 عاما في ولاية تيلانجانا الجنوبية بعد انفجار بطارية أثناء الشحن في منزله، وأصيب أربعة أشخاص آخرون. ووقع حادث مماثل بعد أيام في ولاية «أندرا براديش» المجاورة، مما أسفر عن مقتل رجل يبلغ من العمر 40 عاماً وإصابة العديد من أفراد الأسرة.
وانتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لدراجات بخارية كهربائية تشتعل، مما أدى إلى إجراء تحقيق حكومي وعمليات سحب متعددة، الأمر الذي ألق بظلاله على صناعة شهدت نمواً سريعاً. تعتبر الدراجات البخارية، سواء تلك التي تعمل بالوقود أو الكهرباء، أكثر وسائل النقل شيوعاً في الهند، سواء في مدنها المكتظة بالمرور أو في دروبها الريفية الخلفية. ومع ارتفاع أسعار الوقود، يستفيد صانعو السيارات الإلكترونية.
يتم حجز معظم مشتريات موديلات الدراجات الكهربائية (السكوتر) الرئيسية بأشهر مقدماً. وتطلق أكبر شركة لتصنيع الدراجات البخارية والدراجات النارية في البلاد «هيرو موتوكورب» Hero MotoCorp، دراجة بخارية الكترونية هذا العام وتستثمر عشرات الملايين من الدولارات في التكنولوجيا. وأعلنت شركة «علا» Ola المحلية لمشاركة الركوب في عام 2021 أنها ستصنع 10 ملايين مركبة كهربائية ذات عجلتين كل عام.

لكن شركة «علا» اضطرت إلى سحب أكثر من 1400 مركبة الشهر الماضي بعد أن اشتعلت النيران في إحدى دراجاتها البخارية أثناء وقوفها بجانب طريق في مدينة بيون.
وفي تصريح لصحيفة «واشنطن بوست»، قالت الشركة إن الدراجات البخارية التي تم سحبها ستخضع «لتشخيص شامل عبر جميع أنظمة البطاريات والأنظمة الحرارية وكذلك أنظمة الأمان».
وقامت شركتان أخريان –«بيور إي في» و«أوكيناوا» –بسحب أكثر من 5000 دراجة بخارية بعد اندلاع حرائق. ولم ترد الشركتان على طلب للتعليق.
إن مشاكل الهند ليست فريدة من نوعها. فقد أوقفت فرنسا عشرات الحافلات الكهربائية عن الطريق الشهر الماضي بعد حريقين. وفي العام الماضي، سحبت شركة «جنرال موتورز» الأميركية العملاقة للسيارات حوالي 142000 مركبة كهربائية من طراز «شيفروليه بولت» بسبب مخاوف من حرائق البطارية.
كان عدد المركبات التي تم سحبها أقل في الهند، لكن المستهلكين لاحظوا ذلك. وفي استطلاع حديث، قال 17% من الأشخاص إنهم لن يشتروا دراجة بخارية كهربائية بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأداء - بزيادة ثمانية أضعاف عما كانت عليه قبل ستة أشهر.
قال نيخيل تشودري، الذي يمتلك صالة عرض للدراجات البخارية الكهربائية في هاريانا، بالقرب من دلهي: «العملاء الذين يأتون إلينا يطرحون أسئلة حول السلامة. فهي تقنية جديدة والناس قلقون».
يقول الخبراء إن تيار القصر (شورت سيركيت -وهي دائرة كهربائية ذات مقاومة صغيرة جدا) في الخلايا التي تتكون منها بطارية السيارة هو المسؤول عادة عن الحرائق. يمكن أن يؤدي تيار القصر إلى ارتفاع غير متحكم فيه في التيار، مما يؤدي إلى تسخين خلايا البطارية إلى أكثر من 200 درجة فهرنهايت.
وقال فيفيكاناندا هاليكيري، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة «باونس»، وهي ماركر سكوتر كهربائي تم إطلاقها مؤخرا، إن العديد من الشركات تستورد بطاريات منخفضة التكلفة - معظمها من الصين - دون اختبارها. وأضاف أنه في بعض الحالات، قد لا يقوم نظام إدارة البطارية، الذي يعمل بشكل فعال كعقل البطارية، بعمله.
تسمح شركة هاليكيري للعملاء باستبدال بطارية مستعملة ببطارية مشحونة، مما يلغي الحاجة إلى إعادة الشحن في المنزل.
وأوضح «رافنيت فوكيلا»، كبير مسؤولي الأعمال في شركة «إثير إينيرجي»، وهي علامة تجارية للسكوتر الإلكتروني متوفرة في أكثر من 30 مدينة في الهند، إن اشتعال البطاريات «يتعلق أساسا بالجودة. فالبطاريات إما ذات نوعية رديئة أو سيئة التركيب وليست مهيئة للظروف المحلية».
تكهن البعض بأن الحرارة الشديدة هذا العام تتسبب في انفجار البطاريات، لكن الخبراء يقولون إن هذا غير مرجح. واتفقوا على أن درجات الحرارة المرتفعة يمكن أن تؤثر على عمر البطارية وأدائها، لكنها لا تؤدي إلى نشوب حرائق.
وخلص تحقيق حكومي أولي إلى أن «خلايا ووحدات البطاريات المعيبة» هي السبب المحتمل للحرائق، وفقا لتقرير أعدته رويترز الأسبوع الماضي.
لا تزال الهند في مرتبة متأخرة عن كثير من دول العالم في التزود بالكهرباء، لكنها تحاول تعويض الوقت الضائع من خلال تقديم الإعانات للمشترين الجدد. أقل من 3% من جميع السيارات الجديدة المباعة بين أبريل 2021 ومارس 2022 كانت كهربائية، وفقا لتقرير حديث، لكن ذلك يمثل زيادة بنسبة 200% عن العام السابق.


ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»