عندما فتح مسلح النار في سوبر ماركت بمدينة بافالو، نيويورك، نهاية الأسبوع الماضي، حاولت مساعدة صحيفة «واشنطن بوست» في العثور على صحفي محلي مستقل لبدء تغطية القصة، بينما كان المحررون يتدافعون لإيصال مراسلينا إلى المشهد الرهيب. بصفتي مواطناً من غرب نيويورك وعملت في جريدة «بافلو نيوز» لعقود من الزمن، كنت في موقع جيد جداً لأستطلع الحدث. قمت بإرسال رسالة نصية إلى زميل سابق، وهو دينيس جيويل جي، مدير تحرير في «بافلو نيوز»، ليتولى مهمة تغطية الخبر. وبالفعل، نشرت الصحيفة أخباراً عن المجزرة، وقدمت سيلاً من التقارير الحية والتعليقات الصادقة. وقامت الصحيفة أيضاً بتوصيل آلاف النسخ المجانية إلى الجانب الشرقي من المدينة، حيث قُتل 10 أشخاص من السود وأصيب ثلاثة أشخاص آخرين، فيما وصف بأنه هجوم إرهابي محلي بدوافع عنصرية.
وأثناء مشاهدة هذه التغطية المذهلة على مدار الأسبوع الماضي، لم أستطع التفكير في مقدار خسارة منطقة بافالو إذا سقطت جريدتها اليومية في أيدي صندوق التحوط الذي يريد شراء الشركة التي تمتلكها. سيتم خفض طاقم غرفة التحرير، الذي كان بالفعل أصغر بكثير مما كان عليه قبل 15 عاماً، كما حدث مع كل صحيفة تقريباً في جميع أنحاء البلاد التهمها صندوق التحوط هذا. تجب مقاومة هذا المصير بأي ثمن. لكن هذا ليس هو التحدي الوحيد الذي يجب على الصحفيين في بافالو مواجهته. تحتاج الأخبار المحلية إلى إلقاء نظرة أقوى وأكثر استدامة من أي وقت مضى على اللامساواة التي كشفتها المذبحة. 
كتب كاتب العمود الإخباري «رود واتسون» أن المشتبه به «لم يختر بلايز، كبرى متاجر السوبر ماركت في أمهيرست أو لانكستر أو أوركارد بارك»، مشيراً إلى أسماء بعض ضواحي بافالو التي يغلب عليها البيض.. بل اختار سوبر ماركت إيست سايد، على ما يبدو، لسبب واحد بسيط: «يحتوي الرمز البريدي على أعلى نسبة من السود في أي حي يقع على مسافة معقولة من منزله».
لماذا تعتبر بافالو من أكثر المدن عزلاً في البلاد؟ يعود ذلك جزئياً إلى أنه في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، قرر مؤسسو المدينة بناء طريق سريع فعال يربط مكاتب وسط المدينة بالضواحي المتنامية، والذي عزل بشكل فعال المجتمع الأسود عن بقية السكان. لقد دمر هذا الطريق ممراً جميلاً صممه مهندس المناظر الطبيعية، فريدريك لو أولمستيد، وحطم الطبقة الوسطى السوداء المتنامية في بافالو.
وكانت آثار هذا القرار وغيره من القرارات المشابهة تدفق الدولارات إلى أماكن بعيدة عن المدينة الداخلية، في أعماق الضواحي العشبية أحادية اللون.
وكتب جيم هيني، محرر موقع Investigative Post، وهو موقع إخباري غير هادف للربح في بافالو، أن الأحياء التي يغلب عليها السود في بافالو لا تعاني من الفقر المدقع فحسب، بل أيضاً من «قلة الاستثمار ومن أعمال الشرطة المفرطة». كما تعاني هذه الأحياء من قلة الاهتمام المستمر من وسائل الإعلام المحلية، التي كانت تغطي هذه القضايا بشكل متقطع في أحسن الأحوال.
هذا لا يعني أن هذه الموضوعات وهذه الأحياء لا تحصل على تغطية، أو أنه لا يوجد دعم من المعلقين أو صفحات التحرير. لكن هذا لم يكن يحدث بدرجة كافية، وهذا يعود إلى زمن بعيد. لا يبدو أن «بافالو نيوز»، مثل القيادة المدنية في المنطقة، تعتبر مصالح المجتمع الأسود أولوية قصوى عند اتخاذ القرارات بشأن الطريق السريع وملعب كرة القدم والجامعة.
في السنوات الأخيرة، كانت هناك تقارير استقصائية قوية حول عدم المساواة في المدارس العامة وحول التكلفة العالية لكون المرء فقيراً، وعن حالات الإهمال وسوء الحكم. والآن، فإن وسائل الإعلام المحلية، التي تعوقها تخفيضات الميزانية وقلة المراسلين، لا تولي اهتماماً كافياً لمتابعة الأموال في مجلس المدينة أو مدارس المدينة المتعثرة. هناك القليل من المساءلة، ولا يقوم الرقيب بدوره المهم للغاية على الوجه الأكمل. وهذا وضع يجب أن يتغير. من الصعب تخيل مناطق التغطية التي يمكن أن تكون أكثر أهميةً. والصحافة، بالطبع، ليست سوى جزء واحد مما يجب أن يحدث، كما أشارت إنديا والتون، السياسية الاشتراكية «الديمقراطية» التي رشحت نفسها فجأة لتولي منصب عمدة بافالو، الأسبوع الماضي.
يجب أن تكون مأساة الأسبوع الماضي المروعة، المدفوعة بالعنصرية، بمثابة جرس إنذار صاخب. سيأتي هذا الإنذار بعد فوات الأوان بالنسبة لضحايا الحادث ولكن ربما في الوقت المناسب لتحسين حياة الباقين.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»