على مدى أكثر من 70 عاماً، نمت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى تحالف من 30 دولة. تأسس الحلف عام 1949 لموازنة القوة المتنامية للاتحاد السوفييتي، وقد أعاد «الناتو» - الذي كان مصدراً للتوتر بين الغرب وروسيا لفترة طويلة - تأكيد نفسه كقوة مهمة وموحدة ضد موسكو منذ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا.
وكانت فنلندا والسويد، وهما دولتان محايدتان، قد أعلنتا هذا الأسبوع عن عرضهما للانضمام إلى «الناتو»، وهي خطوة يقول المحللون إنها ستغير المشهد الأمني في أوروبا لسنوات قادمة - وتزيد من توتر العلاقات مع روسيا، التي تعارض توسع «الناتو» تجاه الشرق.
قد يؤدي إضافة الدول للناتو زيادة قدرات برية وبحرية وجوية موسعة للتحالف. فالسويد لديها قوة بحرية قوية، والتي من شأنها أن تعزز دفاعات «الناتو» في بحر البلطيق. كما أنها تصنع طائراتها المقاتلة، والتي تصدرها إلى دول في جميع أنحاء العالم. أما الجيش الفنلندي الممول جيدا، فإنه يحافظ على نظام التجنيد الإجباري للرجال. قال كريستوفر سكالوبا، مدير مبادرة الأمن عبر الأطلسي التابعة للمجلس الأطلسي، إنه «نهج مجتمعي بأكمله في التفكير في الدفاع، حيث يمكنهم تعبئة المئات والآلاف من مواطنيهم». علاوة على ذلك، تقدم البلدان مزايا جغرافية رئيسية، والتي من شأنها أن تعزز دفاعات «الناتو». تمتد حدود فنلندا مع روسيا لأكثر من 800 ميل وهي بالفعل خاضعة لدوريات عن كثب. ستضاعف عضوية الدولة في الناتو الحدود البرية للتحالف. وقالت «كاريسا نيتشه»، الزميلة المشاركة لبرنامج الأمن عبر الأطلسي في مركز الأمن الأميركي الجديد: «من ناحية، يوفر هذا للناتو قوة ردع معززة لأن موسكو ستحتاج للدفاع عن هذه الحدود. ومن ناحية أخرى يتعين على الناتو حماية هذه الحدود من هجوم روسي».
يتذكر الفنلنديون حرب الشتاء في 1939-1940، عندما تكبدت البلاد خسائر فادحة في مواجهة القوات السوفييتية. وقالت كريستينا فلوريا، المؤرخة لشؤون أوروبا الوسطى والشرقية بجامعة كورنيل، إن «علاقتهم مع روسيا معروفة بعدم الثقة»..
من ناحية أخرى، فإن عضوية فنلندا من التحالف ستجعله أقرب إلى شبه جزيرة كولا الروسية، وهي أرض إستراتيجية تبعد حوالي 110 أميال شرق الحدود، حيث تحتفظ روسيا بغواصات الصواريخ الباليستية وتخزن الرؤوس الحربية النووية. كما يتمركز الأسطول الشمالي، المكلف بدوريات في القطب الشمالي، في شبه الجزيرة أيضاً.
وإلى الجنوب، ستمنح عضوية فنلندا والسويد الحلف ميزة في بحر البلطيق، وهو ممر مائي استراتيجي تحده مدينة سانت بطرسبرج الروسية، بالإضافة إلى بعض أعضاء الناتو الأكثر ضعفاً.
وأوضح سكالوبا أن «مهمة الناتو الرئيسية هي إبعاد روسيا عن دول البلطيق»، في إشارة إلى لاتفيا وإستونيا وليتوانيا، مؤكداً أن الوجود المتزايد على شواطئ بحر البلطيق من شأنه أن يعزز الأمن لتلك البلدان.
وقالت نيتشه: «عضوية السويد وفنلندا في الناتو ستوفر لحلف شمال الأطلسي طريق تعزيز آخر عبر بحر البلطيق، حيث يعتمد تعزيز الناتو حالياً على ممر سوالكي، الممر الضيق الذي يفصل بين كالينينجراد وبيلاروسيا، والذي يمكن لروسيا محاولة إغلاقه في أي نزاع».
تقع جزيرة جوتلاند، وهي جزيرة سويدية يبلغ طولها 109 أميال، وتضم أطلال العصور الوسطى والتحصينات العسكرية، في وسط البحر. في أبريل الماضي، أعلنت السويد أنها ستنفق 163 مليون دولار لتعزيز قواتها في الجزيرة، بما في ذلك توسيع الثكنات لإيواء المزيد من القوات. على الجانب الآخر، قد يعني انضمام فنلندا والسويد إلى «الناتو» زيادة وجوده في القطب الشمالي. فالدولتان عضوتان في مجلس القطب الشمالي، وهو منظمة تشرف على الأجزاء الشمالية من العالم، والتي تضم في عضويتها روسيا وكندا والولايات المتحدة. وقالت نيتشه إنه مع عضوية البلدين «سيكون أمن القطب الشمالي دائماً ضمن أولويات أجندة الناتو».
نظراً لأن أكثر من 50% من ساحل المحيط المتجمد الشمالي عبارة عن أراضٍ روسية، فقد يكون ضمن أولويات جدول أعمال موسكو أيضاً. وقال سكالوبا: «إنهم يرون الأمن في المنطقة من باب الدفاع عن الوطن». يتم نشر البعثات العسكرية من شبه جزيرة كولا في جميع أنحاء القطب الشمالي. ويمكن أن تساعد السويد وفنلندا في مراقبة هذا النشاط، ولكن يمكن أن تزيد أيضاً من خطر التصعيد.
وأضاف سكالوبا: «تعتبر المنطقة القطبية الشمالية بشكل عام قصة نجاح للتعاون بين دول الناتو في القطب الشمالي وروسيا، ولكن هناك مخاوف من أنها ستكون منطقة متنازع عليها بشكل متزايد في مجال الأمن، وهو أمر أكثر احتمالاً إذا انضمت السويد وفنلندا إلى الناتو».
روبي ميلين
محررة الشؤون الخارجية بصحيفة واشنطن بوست

ديلان موريارتي 
رسام خرائط في صحيفة واشنطن بوست

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»