عرفت العلاقات بين الهند والنيبال (الواقعة في جبال الهيمالايا) الكثير من التقلبات، غير أن فصلا جديداً في علاقاتهما الثنائية بدأ الآن مع تعيين رئيس وزراء جديد هو بوشبا كمال داهال، المعروف ببراشندا. ومن غير الواضح كيف ستتأثر علاقات الهند والنيبال الآن في عهد النظام الجديد. وقد أدى براشندا اليمين الدستورية كرئيس لوزراء النيبال عقب برلمان معلق. وكان يُعتقد على نطاق واسع أن شير بهادور ديوبا، زعيم حزب «الكونجرس النيبالي»، الذي فاز بـ89 مقعداً في الغرفة السفلى للبرلمان الفدرالي البالغ عدد مقاعدها 275 مقعداً، في ظل ائتلاف مع حزب براشندا «الحزب الشيوعي النيبالي» (الماوي)، سيشكل الحكومةَ الجديدةَ. لكن براشندا أعاد إحياء تحالفه مع رئيس وزراء سابق هو كيه بي شارما أولي، الذي يقود «الحزب الشيوعي النيبالي» (المتحد) وحصل على 78 مقعداً. وعلى الرغم من أن براشندا شكّل الحكومةَ الجديدةَ الآن، فإن ثمة مؤشرات على أن المعارضة تسعى لإسقاط الحكومة. وهذا يعني أن النيبال لم تغادر منطقة الاضطراب السياسي بعد. 
ومما لا شك فيه أن النتائج يمكن أن تؤدي إلى انعدام استقرار سياسي سيكون مضراً بقدرة النيبال على التعاطي مع التحديات المتعددة التي تواجه البلاد. وقد عرفت النيبال رحلة صعبة حتى الآن، فمنذ عودة الديمقراطية في عام 1990، لم تستطع أي حكومة إكمال فترة ولاية كاملة من خمس سنوات، إذ عرف البلد 13 حكومةً خلال 16 عاماً الماضية. والآن تولّى قيادةَ البلاد براشندا، الذي لا يملك حزبُه الأغلبيةَ في البرلمان، لكنه وصل إلى السلطة من خلال إنشاء تحالف. وهذا لا يمكن إلا أن يكون وصفةً لمزيد من عدم الاستقرار بالنسبة للبلاد في وقت تسعى فيه لتحقيق توازن في علاقاتها مع الهند والصين، وتواجه اضطرابات، مثل بلدان أخرى، وعلى غرار الاقتصاد العالمي. 
وتُعد النيبال بمثابة منطقة فاصلة بين الهند والصين. وبالنسبة للهند، سيكون براشندا تحت المراقبة عن كثب، وخاصة في وقت حققت فيه الصين اختراقات كبيرة وحضوراً أكبرَ في هذا البلد. ويعرف عن رئيس الوزراء النيبالي الجديد حرصُه على تعميق العلاقات مع الصين مع تحقيق توازن في العلاقات مع الهند. وفي الأثناء، جعل رئيس الوزراء ناريندرا مودي من تحسين العلاقات مع النيبال أولويةً من أولويات السياسة الخارجية، منذ وصوله إلى السلطة، مع تركيز خاص على توسيع الصين لوجودها. غير أن سوء تقدير كبير من جانب الهند وقع خلال احتجاجات 2015 في منطقة من النيبال محاذية للهند تعيش فيها مجموعات عرقية ينحدر معظمها من أصل هندي. هذه الأخيرة كانت غاضبة لأن الدستور الجديد لم يمنحها تمثيلا سياسيا عادلا، فعمدت إلى إغلاق الطرق القادمة من الهند، مما تسبب في أزمة وقود وطعام في النيبال قبل عامين. 
الأزمة حُلت، والطرق فُتحت من جديد، لكن ليس قبل أن تلوم كاتمندو نيودلهي وتحمّلها مسؤوليةَ دعم المحتجين وفرض حصار غير رسمي، وهي تهمة نفتها الهند، لكنها لم تستطع التخلصَ منها. هذا الأمر دفع النيبال إلى الشروع في تعميق علاقاتها مع الصين وإنهاء اعتمادها الكامل على الهند. وإذ أن معظم واردات النيبال تأتيها من الهند، وهي معتمدة عليها اقتصادياً، فمما لا شك فيه أن هذا البلد الذي تحيط به اليابسة من كل الجهات أخذ يتقرّب على نحو متزايد من بكين خلال السنوات الماضية. 
لكن من المتوقع أيضا أن يكون براشندا براغماتياً وسيتعين عليه العمل مع الهند وكذلك مع الصين. فالبلدان لديهما مصالح اقتصادية وأمنية كبيرة. وتظل الهند أكبر شريك تجاري للنيبال، إذ تجاوز حجم التجارة الثنائية سبعة مليارات دولار في عام 2019-2020. كما توفّر الهندُ العبورَ لكل تجارة البلدان الأخرى مع النيبال. وقد تضاعفت صادرات الهند إلى النيبال أكثر من ثماني مرات خلال السنوات العشر الماضية، في حين تضاعفت تقريباً صادرات النيبال إلى الهند. وعلاوة على ذلك، ما زالت النيبال تعتمد على الهند في نقل السلع والخدمات. وهذه الروابط الوثيقة تعني أن البلدين سيواصلان العمل معاً، بغض النظر عن الحزب الذي يوجد في السلطة.
وتشكّل «معاهدة السلام والصداقة الهندية النيبالية» لعام 1950 أساسَ العلاقات الخاصة بين البلدين. غير أن هناك مشاكلَ بين البلدين تنبغي معالجتُها بما في ذلك بعض المشاكل الحدودية التي أخذت مؤخراً تعكّر صفو العلاقات الثنائية. وسيتعين على البلدين معالجتها وتسويتها. وكان خلافٌ حدودي لم تسلط عليه أضواء وسائل الإعلام كثيراً قد تصاعد في عام 2020 وتطوّر إلى مشكلة كبيرة هددت بتأجيج التوتر. إذ تطالب النيبال ببعض المناطق المتنازع عليها باعتبارها مناطق تابعة لها وضغطت في اتجاه اعتماد برلمانها خارطةً أُعيد رسمُها.
غير أن الهند أيضاً غيّرت نهجها تجاه النيبال، إذ شجعت دعم البلاد بغض النظر عن الحزب الحاكم، وسعت قدر الإمكان إلى النأي بنفسها عن السياسة الداخلية للنيبال، وركزت على مجالات مثل التعاون الاقتصادي والبحث عن مجالات حيث يستطيع البلدان التعاون. وأحد هذه المجالات هو الطاقة المائية، حيث يسعى البلدان معاً إلى تعزيز تعاونهما الثنائي في هذا المجال. ولا شك في أن هذه المقاربة تلائم الهندَ ومن شأنها أن تشكّل أساساً للعلاقات مع النيبال بغض النظر عن تغير الحكومات. 

*رئيس مركز الدراسات الإسلامية- نيودلهي