سارع أعضاء الكونجرس الأميركي مؤخراً إلى إبرام صفقة لإصدار تشريع من شأنه رفع سقف ديون البلاد. وبعد سلسلة من التدخلات المتأخرة من قبل جماعات الضغط والمسؤولين التنفيذيين في مجال الطاقة، أعلن الكونجرس أيضاً أن مشروع قانون إنشاء وتشغيل خط أنابيب للغاز الطبيعي «مطلوب من أجل المصلحة الوطنية». لم تكن العلاقة مباشرة بسقف الديون، لكن الأمر لم يكن متعلقاً خط أنابيب من النوع العادي. كان إنشاء خط أنابيب ماونتن فالي، الذي يبلغ طوله 303 أميال لجلب الغاز من فرجينيا الغربية إلى جنوب فيرجينيا، يمثل أولوية قصوى للسيناتور جو مانشين (من ولاية فرجينيا الغربية) منذ الإعلان عن المشروع في عام 2014. والمشكلة بالنسبة له، والداعمون الآخرون للمشروع، أنهم تعرضوا لمعارضة شديدة من قبل المجموعات الشعبية وملاك الأراضي الذين يعيشون في مسار المشروع لفترة طويلة. وقد توقفت أعمال الإنشاء في المشروع مؤخراً بعد أن وجد قضاة اتحاديون أن الهيئات التنظيمية فشلت مراراً وتكراراً في الامتثال للقوانين البيئية.
ومن خلال الضغط لتنفيذ خط الأنابيب هذا، قامت إدارة بايدن بتجميع الفدية التي طلبها «الجمهوريون» الذين يحتجزون الاقتصاد العالمي كرهينة، وسددت ديوناً للسيد مانشين لتصويته الحاسم العام الماضي لقانون الحد من التضخم.
ولكن إذا أقر مجلس الشيوخ مشروع القانون الذي أقره مجلس النواب، فسيتم الإبقاء على جزء ماكر من المعلومات الخاطئة في القانون الفيدرالي: الادعاء بأن ضخ المزيد من الوقود الأحفوري وتوصيله بالأنابيب وحرقه هو - على الرغم من كل الأدلة العلمية والفطرة السليمة على عكس ذلك - حل مناخي.
يتكون الغاز الطبيعي في الغالب من الميثان، وهو ملوِّث يسبب احتراراً مناخياً فائقاً، ومسؤول عن حوالي ثلث الاحترار الذي شهدَه العالَم حتى الآن. وفي حالة اكتماله، سيكون خط أنابيب «ماونتن فالي» وسيلة كبيرة جداً وطويلة الأمد لتوصيل الميثان. ففي الآبار التي تغذيه وعلى طول الطريق، سيتسرب جزء من هذا الميثان حتماً إلى الغلاف الجوي، حيث سيستخدم كل جزيء 86 ضعفاً من طاقة احتجاز ثاني أكسيد الكربون على مدى 20 عاماً. وفي نهاية الخط، سيتم حرق الميثان في محطات توليد الطاقة والأفران، مما ينتج عنه ثاني أكسيد الكربون. وبشكل إجمالي، سيولد خط أنابيب ماونتن فالي انبعاثات سنوية تعادل ما تنتجه 26 محطة فحم، وفقاً للتقديرات.
ومع ذلك، يؤكد نص مشروع القانون أن خط الأنابيب «سيقلل من انبعاثات الكربون ويسهل انتقال الطاقة»، مما يعد تلاعباً بالعقول فيما يتعلق بالتغير المناخي.
ولطالما ادعت الشركات والحكومات أن الغاز هو «الجسر» لمستقبل الطاقة النظيفة، وهو وقود «انتقالي» من شأنه أن يقودنا إلى أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة جاهزةً في أوقات الذروة. لكن الآن بعد أن أصبح تخزين طاقة الرياح والطاقة الشمسية والبطاريات جاهزاً تماماً، وفي كثير من الأماكن، أرخص من الغاز، انتهت الخدعة. هذا يجعل خط أنابيب ماونتن فالي مشروعاً يبحث عن سبب منطقي: هناك مصادر أرخص للغاز متاحة عبر خطوط الأنابيب الحالية، وستستمر مشاريع إدارة معلومات الطاقة الأميركية التي تطلب الغاز في مناطق وسط المحيط الأطلسي وجنوب شرق البلاد في التراجع خلال السنوات والعقود القادمة.
وعلى الرغم من التأكيدات على أن خط الأنابيب ضروري وجيد لمنطق مواجهة التغير المناخي، فإن الحسابات السياسية واضحة بما فيه الكفاية. ويريد «الديمقراطيون» في الكونجرس والرئيس بايدن مكافأة السيناتور مانشين، الذي يفكر في أن يترشح لخوض انتخابات عام 2024 التي من المؤكد أنها ستكون معركة صعبة.
وكان مانشين مؤيداً لخط أنابيب غاز كبير آخر كان من الممكن أن يكون قد نشأ في ولايته، وهو خط أنابيب ساحل المحيط الأطلسي. وقد تم الإعلان عن خطي الأنابيب في نفس اليوم من عام 2014 وتمت الموافقة عليهما من قبل اللجنة الفيدرالية لتنظيم الطاقة في اليوم نفسه من عام 2017. كانا سيعبران تضاريس أبالاتشي شديدة الانحدار والمعرضة للانهيارات الأرضية. لكن خط أنابيب ساحل المحيط الأطلسي تم إلغاؤه في عام 2020، بعد سنوات من المقاومة الشعبية العنيدة والطعون القانونية الناجحة. لكن يبدو أن مانشين مصمم على إنقاذ خط أنابيب ماونتن فالي من هذا المصير. وبهذه الطريقة، سيتمكن المانحون في صناعة الغاز ومرفق الطاقة - الذين ساعدتهم جماعات الضغط التي ساعدت في الساعات الأخيرة من عقد صفقة سقف الديون - من تعزيز موطئ قدمهم في نظام الطاقة.
وقال مسؤولو البيت الأبيض، إن المشروع كان سيضمن على الأرجح التصاريح الفيدرالية المتبقية. لكن النص يجيز جميع التصاريح اللازمة، ويمنع إجراء مزيد من المراجعة القضائية لأي منها، وبالتالي فهو يحيد أداة أساسية لضمان امتثال مشاريع البنية التحتية للقوانين واللوائح القائمة.
وبالنسبة للعديد من أولئك الذين يعيشون في مسار المشروع، والذين شاهدوا أن تشييده تسبب حتى الآن في حدوث أكثر من 500 انتهاك مسجّل لجودة المياه ولوائح أخرى، فهذه خيانة مروعة. لكنها تشكل أيضاً سابقة خطيرة. ويجب أن نفترض أن هذه لن تكون المرة الأخيرة التي يتم فيها اتباع هذا التكتيك لحماية مشاريع الوقود الأحفوري من المراجعة القضائية أو التدقيق العلمي، إذا كان مطوروها وحلفاؤها السياسيون يعتبرونها في «المصلحة الوطنية».
من المؤكد أن القادة الديمقراطيين سيشعرون بالقلق من الإشارة إلى أنهم يساعدون صناعة الغاز في عرقلة الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وبعد كل شيء، فقد أقروا قانون خفض التضخم، وهو أهم تشريع مناخي في تاريخ الولايات المتحدة، وقاموا بحماية مجموعة حوافز الطاقة النظيفة من التخفيضات في صفقة سقف الديون.

جوناثان مينجل
صحفي مستقل يكتب عن مستقبل الغاز الطبيعي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»