كنت منذ فترة طويلة من المعجبين بمنظمة «نو ليبلز» No Labels الأميركية، وهي المنظمة التي تعمل على تقليل الاستقطاب السياسي والجمود في واشنطن.

كنت قد تحدثت في حفل إطلاق المنظمة في عام 2010، حيث أعربت عن إعجابي بمجموعة حل المشكلات، وهو جهد يجمع «الجمهوريين» و«الديمقراطيين» في الكونجرس معاً لصياغة تشريعات من الحزبين. وفي سبتمبر الماضي، عندما أرادت منظمة «نو ليبلز» طرح مشروعها الأخير للعامة، كان من دواعي سروري استخدام عمودي لتقديم هذا المشروع إلى الناس.

هذا المشروع عبارة عن جهد بقيمة 70 مليون دولار لتأمين الوصول إلى الانتخابات بالنسبة لمرشح رئاسي ثالث محتمل في عام 2024، حيث جادل أعضاء المنظمة بأن أميركا بحاجة إلى سياسة تأمين، إذا استمر الحزبان الرئيسيان في الذهاب إلى أقصى الحدود، فيجب أن يكون لدى الناخبين خيار أكثر اعتدالاً، بطاقة وحدْة لـ«الجمهوريين» و«الديمقراطيين» المستعدين لتقديم تنازلات لإنجاز الأمور. في الأشهر التسعة منذ ظهور عمودي، أجرى محللو «نو ليبلز» استطلاعات رأي يعتقدون أنها تظهر أن مرشحهم الثالث الذي لم يتم اختياره بعد يمكن أن يفوز بالفعل بالبيت الأبيض. وهم يجادلون اليوم بأن الناخبين منقسمون بالتساوي تقريباً بين أولئك الذين يميلون إلى «الديمقراطيين»، وأولئك الذين يميلون إلى «الجمهوريين» وغير المنتسبين لأي من الحزبين.

من الواضح أن هناك فرصة لخيار ثالث. علاوة على ذلك، فإن الناخبين ينفرون من فكرة إعادة السباق بين جو بايدن ودونالد ترامب. أغلبية كبيرة لا تريد أن يترشح أي من الرجلين. إذ قال 59% من الناخبين الذين شملهم الاستطلاع في تحليل «نو ليبلز» إنه إذا حدث ذلك، فسيفكرون في التصويت لمرشح ثالث معتدل.

وإذا فاز مرشح «نو ليبلز» بنسبة 61% فقط من هذه المجموعة الساخطة وتم تقسيم الباقي بالتساوي بين مرشحين آخرين، فسيحصل على أغلبية من الناخبين ويمكنه الفوز بالرئاسة. وخلص أعضاء منظمة «نو ليبلز» إلى أن هذه فرصة تاريخية فريدة لإصلاح السياسة وإنهاء الجمود بشأن قضايا مثل الأسلحة والإجهاض والهجرة. من ناحية أخرى، يختلف آخرون. وقد وجه السياسيون في واشنطن، لا سيما «الديمقراطيون» منهم، توبيخاً لمنظمة «نو ليبلز».

أما المعتدلون، فهم الآن في حالة حرب مع بعضهم البعض. أعدت المجموعة «الديمقراطية الوسطية»، «الطريق الثالث» (أو ثيرد واي) مذكرة بحثية قاسية، قالت فيها إن مرشحاً رئاسياً ثالثاً لن يكون لديه فرصة للفوز. هذا من شأنه أن يسحب الأصوات من «الديمقراطيين» ويسلم البيت الأبيض إلى ترامب. يشير المحللون في مجموعة «طريق ثالث» الفكرية إلى أنه لم يفز أي مرشح من حزب ثالث بأصوات انتخابية في أي ولاية منذ عام 1968. لا توجد وسيلة عملية للحصول على 270 صوتاً انتخابياً.

وسيتعين على مرشح «نو ليبلز» أن يضمن ليس فقط الولايات المتأرجحة، ولكن أيضاً الولايات ذات اللون الأزرق الغامق (الديمقراطية المتشددة) مثل ماريلاند وماساتشوستس والولايات ذات اللون الأحمر الغامق (الجمهورية المتشددة) مثل يوتا ومونتانا، وهذا لم يحدث.

يجادل محللو «طريق ثالث» بأن الحقيقة البسيطة هي أن «الديمقراطيين» بحاجة إلى المعتدلين أكثر من حاجة «الجمهوريين» لهم. نظراً لوجود محافظين أكثر من التقدميين في أميركا، يحتاج «الديمقراطيون» إلى الحصول على 60% من أصوات الذين يعرفون أنفسهم بأنهم من المعتدلين للفوز على المستوى الوطني، كما يقولون، بينما يحتاج «الجمهوريون» إلى الحصول على 40% فقط. أنت تبعد عن هؤلاء الناخبين لصالح حزب ثالث وبذلك تسلك مفاتيح المكتب البيضاوي لترامب. أنا شخصياً أتعاطف كثيراً مع جهود «نو ليبلز».

لقد كنت أتوق إلى حزب من شأنه إحياء التوتر المعتدل في السياسة الأميركية المتمثل في ألكسندر هاميلتون وأبراهام لنكولن وثيودور روزفلت وجون ماكين ومعاصرين مثل مايكل بلومبرج.

إذا كانت انتخابات 2024 هي بين بيرني ساندرز مقابل رون ديسانتيس، فسأؤيد جهد «نو ليبلز» بنسبة 1000%. لكن دونالد ترامب يغير المعادلة. تمثل رئاسة ترامب الثانية تهديداً غير مسبوق لديمقراطيتنا. من وجهة نظري، يجب أن ينصب تركيزنا الوحيد على هزيمة ترامب. ليس هذا هو الوقت المناسب لإجراء تجارب محفوفة بالمخاطر، لا يستطيع أحد منا توقع نتائجها. علاوة على ذلك، أنا مقتنع بأن مرشحاً ثالثاً سيؤذي بايدن أكثر. فناخبو ترامب يقفون وراءه بقوة، في حين أن ناخبي بايدن متذبذبون.

ثم هناك مجموعة من الناخبين تسمى «الحاقدين المزدوجين». إنهم يكرهون كلا المرشحين. نقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» مؤخراً عن توني فابريزيو، خبير استطلاعات الرأي «الجمهوري»، قوله إن بايدن تقدم بواقع 39 نقطة مع هؤلاء الناخبين. أخيراً، إذا كانت أميركا تريد مرشحاً معتدلاً نسبياً يتوق إلى عقد صفقة بين الحزبين، فلديها بالفعل مرشح. في الواقع، هذا المرشح موجود بالفعل في المكتب البيضاوي. لا يحصل الرئيس جو بايدن على التقدير الكافي، لكنه تفاوض على مجموعة من الصفقات حول البنية التحتية، وقانون الرقائق والعلوم، والأسلحة، سقف الديون.

وطالما أن بايدن يعمل، فإننا لا نحتاج إلى خيار ثالث. لا أقول إن أصدقائي في «نو ليبلز» اختاروا الإستراتيجية الخاطئة. أنا أقول إن هذه ليست الانتخابات الصحيحة لتنفيذ استراتيجيتهم. لن ألومهم على إبقاء خياراتهم مفتوحة لبضعة أشهر أخرى (فقد يحدث شيء غير متوقع). ولكن إذا كان السباق لا يزال متعادلاً بين بايدن وترامب في الخريف، آمل أن يؤجلوا جهودهم لمدة أربع سنوات. مع وجود ترامب على الساحة، فإن المكاسب المحتملة لا تبرر المخاطر.

ديفيد بروكس*

صحفي أميركي كندي الأصل.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»