يتساءل عثمان حسن (35 عاماً)، وهو رجل من النيجر وأب لطفلين، بقلق حول ما سيحدث بعد نفاد مدخراته. ويقول حسن إن عمله، وهو نقل البضائع من بنين المجاورة، قد تلاشى بسبب العقوبات المفروضة على النيجر بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح في 26 يوليو بالرئيس المنتخب محمد بازوم.

ومثل الناس في جميع أنحاء هذا البلد الفقير الواقع في غرب أفريقيا، شهد حسن في الأسابيع الأخيرة ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق وانخفاض إمدادات الطاقة في البلاد. وقال حسن في مقابلة أجريت معه في نيامي، عاصمة النيجر: «أريد أي شيء يمكن أن يساعد على عودة الوضع إلى طبيعته»، مضيفاً أن أمواله في البنك لن تدوم لفترة أطول وأنه قلق بشأن إطعام ابنته الصغيرة وابنه.

ونتيجةً للأزمة، أدى نقص الكهرباء الذي أعقب قرار نيجيريا بقطع إمداداتها من الطاقة عن النيجر، في محاولة للضغط على قادة الانقلاب، إلى تعطيل الأعمال التجارية الصغيرة، كما تسبب في تلف المواد الغذائية.

وأدى إغلاق الحدود إلى شل الأعمال التجارية ومنها شركة حسن، كما عرَّض للخطر إيصالَ المساعدات الإنسانية، بما في ذلك المكملات الغذائية للأطفال. وقال القادة المدنيون والناشطون الاجتماعيون في نيامي، في مقابلات إعلامية، إن الوضع الإنساني يزداد سوءاً مع مرور الوقت. وحتى قبل الأزمة الحالية، كان حوالي 13% من السكان (أي 3.3 مليون شخص) يعانون انعدام الأمن الغذائي، وفقاً للجنة الإنقاذ الدولية. وبعد ذلك، رداً على الانقلاب، أعلنت الكتلة الإقليمية للدول المعروفة باسم المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) عن فرض عقوبات، وارتفع سعر الأرز بنسبة 17% خلال الأسبوع التالي، حسبما ذكرت لجنة الإنقاذ الدولية. وقال باولو سيرنوشي، مدير لجنة الإنقاذ الدولية في النيجر، في بيان: «بحسب بعض التقديرات، كانت الإمدادات في البلاد وقت الانقلاب كافية لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر».

وأضاف: «مع أن سلاسل التوريد تتطلب من بضعة أسابيع إلى بضعة أشهر لتجديد المخزونات، فإننا نقترب بسرعة من النقطة التي سيكون فيها النقص أمراً لا مفرَّ منه». في المتجر الصغير الذي كان «عباس داوودا» يكسب فيه رزقَه، سارع بعد ظهر أحد الأيام مؤخراً لطحن الذرة والدُخن (نوع من الحبوب) قبل أن يؤدي انقطاع الكهرباء إلى اختصار يوم عمله. داوودا، الذي قال إنه لا يستطيع شراء مولد كهربائي، شهد انخفاض أرباحه من ما يعادل 16 دولاراً في اليوم ليصبح حوالي 8 دولارات.

وقال إنه لا يزال لديه من الطعام ما يكفي لإطعام أسرته، لكنه في بعض الأحيان يتغاضى عن تناول بعض الوجبات، بما في ذلك الغداء في ذلك اليوم. ويقول: «آمل أن يتوصَّل الزعماء هنا إلى اتفاق»، في إشارة إلى كبار الشخصيات في البلاد. أما «برمو سحابي»، وهو مزارع يبلغ من العمر 54 عاماً من خارج نيامي، فقال إن سعر كيس الأرز ارتفع من حوالي 23 إلى 28 دولاراً في الأسابيع الأخيرة. وأوضح أن نقص الكهرباء الذي أعقب قطع نيجيريا الكهرباءَ عن النيجر جعل من الصعب شحن الهواتف المحمولة، ولم يعد من الممكن استخدام المراوح الكهربائية لطرد البعوض الذي يتكاثر خلال موسم الأمطار. والآن تواجه النيجر أيضاً احتمالَ التدخل العسكري من جانب جيرانها الذين يريدون استعادةَ النظام الدستوري في البلاد.

وأعلنت الجماعة التي يقودها الرئيس النيجيري «بولا أحمد تينوبو» النظام السياسي المدني في النيجر خطاً أحمر بعد الانقلابات في كل من مالي وبوركينا فاسو وغينيا. وقالت مجموعة «إيكواس»، الأسبوع الماضي، إنها ما زالت منفتحة على الحوار مع قادة الانقلاب، لكنها حددت يوماً لم يتم الكشف عنه للتدخل إذا لم تنجح الدبلوماسية. ويبدو أن المحادثات بين «إيكواس» والمجلس العسكري بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني، قد توقفت إلى حد كبير. وكان تشياني قائداً للحرس الرئاسي في النيجر عندما أطاح بالرئيس بازوم. ويقول المزارع «سحابي» إن التهديد بالتدخل العسكري جعل مستقبلَه غامضاً.

ويضيف: «نحن خائفون». ومن جانبه، أوضح «لاوال سايابو»، منسق شبكة من جماعات حقوق الإنسان في نيامي، إن العقوبات كانت شديدة وقد أثّرت بشدة على حياة المواطنين، لكن الكثيرين ما زالوا «يواصلون النضالَ من أجل تحرير رئيسهم والمؤسسات التي كانوا يثقون فيها».

وقال سايابو: «لقد انتخب الشعب النيجري الرئيسَ بازوم، وهو الذي نعترف به»، مضيفاً أن الدعم للانقلاب يغذيه الانتهازيون والدعاية التي تستهدف الشباب. ومن ناحية أخرى، يقول قادة المجتمع المحلي إنهم يشعرون بالقلق بشأن تقلص المساحة المتاحة للمعارضة ولانتقاد المجلس العسكري. وفي نيامي، استجوبت الشرطةُ، الأربعاء الماضي، الأساتذةَ الذين وقَّعوا رسالة تنتقد نقابتَهم لدعمها الانقلاب دون استشارة أعضائها، ثم تم تخفيض رُتبهم. وقال أحد الأساتذة، الذي تحدَّث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف أمنية: «أخشى على بلدي. نحن في موقف خطير للغاية».

 

راشيل تشيسون*

*مديرة مكتب صحيفة «واشنطن بوست» في غرب أفريقيا

*ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسنج آند سينديكشن»