اختتمت قمة البريكس الخامسة عشرة أشغالها يوم 24 أغسطس 2023 في جنوب أفريقيا. وعلى الرغم من أنه لم يتم إحراز أي تقدم مذهل في القضايا الدبلوماسية الكبرى، إلا أنه تسنى تحقيق نجاح كبير بخصوص توسيع المجموعة لتشمل ستة بلدان جديدة هي المملكة العربية السعودية، والأرجنتين، ومصر، والإمارات العربية المتحدة، وإثيوبيا، وإيران. بيد أن هذا التوسيع يشكل تحدياً حقيقياً لمجموعة «بريكس»، على اعتبار أن التوسع أكثر مما ينبغي يهدِّد بإضعاف هوية المجموعة في وقت توجد فيه بالفعل العديد من الاختلافات بين الأعضاء الخمسة من الناحية الاقتصادية.

وعلاوة على ذلك، فإن هذه الدول لا تتمتع بنفس الوضع الدبلوماسي والاستراتيجي، ذلك أن بعضها أعضاء دائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والبعض الآخر ليس كذلك. غير أنه لا ينبغي الحديث عن هذه الاختلافات بشكل مبالغ فيه أيضاً. ذلك أن «بريكس» تمكنت من مواجهة التحدي نسبياً عبر التوسع بطريقة مدروسة ومنضبطة. ويمثّل هذا التوسع دليلاً على جاذبية هذا النادي وقدرته على زيادة أهميته الديموغرافية. وكما قال إيمانويل ماكرون، ضمن خطابه على السفراء الفرنسيين في 28 أغسطس 2023: «لم أرَ أي دولة تطرق باب مجموعة العشرين».

وتمثِّل مجموعة «بريكس» الموسعة أكثر من 46% من سكان العالم و30% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. الأعضاء الجدد مختلفون أيضاً من النواحي الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية. وباختياراتها هذه، أدخلت مجموعة البريكس دولاً من قارتين مختلفتين، إحداها أفريقية هي إثيوبيا، والأخرى من أميركا اللاتينية: الأرجنتين، وهي دولة مرتبطة بالبرازيل. في البداية، كانت البرازيل وجنوب أفريقيا تعارضان توسعاً أكبر مما ينبغي. ولم يكن بوسعهما قبول سوى بلد واحد من قارتيهما حتى لا تفقدا تفردهما.

ثم خلص الأعضاء إلى أن الأرجنتين وإثيوبيا (التي يبلغ ناتجها المحلي الإجمالي على سبيل المثال 100 مليار دولار فقط، أي أقل بنحو 170 مرة من الناتج المحلي الإجمالي الصيني، وثلاثين مرة أقل من الناتج المحلي الإجمالي الهندي) أكثر توافقاً مع المجموعة من نيجيريا والمكسيك. وتنضم إيران والسعودية إلى المجموعة بالتزامن مع انضمام الإمارات العربية المتحدة. وبالتالي فإن الأمر يتعلق بتوسع نفطي وغازي، ولكنه أيضاً توسعٌ مالي لمجموعة البريكس.

وإذا كان وزن إيران الاقتصادي ليس كبيراً، فإنها دولة نفطية، فضلاً عن أن لديها تقليداً حقيقياً في الالتفاف على العقوبات الأميركية. قمة «بريكس» المقبلة من المقرر أن تُعقد في روسيا، مما سيضمن مشاركة فلاديمير بوتين الذي لن يضطر إلى السفر إلى الخارج وسيكون أولَ مضيف لنادي بريكس بعد توسيعه والذي قد يطلق عليه لاحقاً مجموعة الإحدى عشرة. وعلاوة على ذلك، يتمتع بعض أعضاء هذه المجموعة بعلاقات جيدة مع الولايات المتحدة، لكنهم لا يرغبون في أن يكونوا أسرى علاقة ثنائية حصرية مع واشنطن.

وفي هذا الصدد، يمثِّل انضمام المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى المجموعة نجاحاً للبريكس التي اجتذبت هذه الدول، ولكن أيضاً للرياض وأبوظبي اللتين تُظهران دبلوماسيتين لم تعودا تميلان إلى المواقف الأميركية فقط، ذلك أنهما تستطيعان رسم مسارهما باستقلالية من دون أن يعني ذلك قطعاً للعلاقات مع واشنطن.

واللافت أن بعض البلدان لديها علاقات سيئة مع واشنطن، مثل إيران. هذا في حين ما زالت هناك بلدان أخرى ترغب في الحفاظ على علاقات مع الغرب، مع العمل في الوقت نفسه على توسيع مجال المناورة لديها، بهدف تحقيق قدر أكبر من الاستقلالية.

ونتيجة لذلك، باتت مجموعة البريكس تقدَّم الآن بشكل متزايد على أنها مناهضة لمجموعة السبع، أو على الأقل كمسار بديل لمجموعة السبع. والحال أن مجموعة السبع كتلة موحدة، في حين أن مجموعة البريكس الموسَّعة أقرب إلى النادي. وعلاوة على منح نفسها قاعدة ديموغرافية ودبلوماسية بل وحتى اقتصادية أهم، تحرص مجموعة البريكس أيضاً على المساهمة بشكل أكبر في التخلص من دولرة الاقتصاد الدولي.

فالإمارات العربية المتحدة تتمتع بوزن اقتصادي أكيد وتنشط دبلوماسياً بشكل كبير. ويتمتع هذا البلد بعلاقات وثيقة للغاية مع نيودلهي، التي تشتري النفط الإماراتي بالروبية الهندية. وبالمثل، تشتري الصين النفط من المملكة العربية السعودية بعملتها الوطنية. وهكذا، فإن مزيداً من الضغوط والإجراءات ستمارَس من أجل إجراء عمليات نقل الطاقة بعملات أخرى غير الدولار. وعليه، فمن الواضح أن الهدف من هذا التوسيع هو تحدي احتكار الدولار للاقتصاد الدولي.

*مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس