أول ضحايا الحرب وأكثرهم تأثراً بعواقبها هم فئة الأطفال والشباب، ليس فقط بسبب ما يلحقهم من قتل وإصابة ورعب ومعاناة بدنية ونفسية مباشرة.. ولكن أيضاً جراء انقطاع مسارهم الدراسي الذي به يضعون لهم قدماً في المستقبل وبدونه يخرجون من التاريخ ويدخلون عزلةً إجبارية عن العالم ككل. وفي هذه الصورة نرى عدداً من ضحايا أزمة السودان، أو بالأحرى حربه المنسية رغم استمرار آلتها في الدوران دون توقف، حاصدةً مئات الآلاف من الضحايا وعلى رأسهم الأطفال الذين نرى هنا بعضَهم وقد تحولوا إلى لاجئين في جنوب السودان، البلد الذي يعيش هو الآخر حرباً أهليةً تسببت هي كذلك في وجود مئات آلاف النازحين واللاجئين بينهم أطفال كثر تقطعت بهم سبل الدراسة فانقطعوا عنها مجبرين. وداخل هذا الفصل الدراسي، الخالي من الكراسي وباقي المعدات التربوية الضرورية، في مخيم اللاجئين المقام قرب مدينة «أويل»، عاصمة ولاية شمال بحر الغزال في جنوب السودان، يحضر أطفالٌ سودانيون لاجئون درساً من اللغة الانجليزية، في محاولة منهم لتدارك بعض ما فاتهم بسبب الحرب وويلاتها، إذ ما تزال الجامعات والمدارس الابتدائية والثانوية في جميع أنحاء السودان مغلقةً بعد ستة أشهر على اندلاع الحرب الداخلية، مما يعرِّض مستقبلَ السودان، متمثلا في جيله الصاعد وعنوان مستقبله الوحيد المؤكد، لخطر أشد من خطر التدمير المباشر الذي تحدِثه الحربُ نفسها في هياكل البلد وبُناه الخدمية والإنتاجية على اختلافها! (الصورة من خدمة «نيويورك تايمز»)