نستفتح حديثنا عن البيئة باستحضار«رجل البيئة الأول» زايد «بطل الأرض»، ألقاب منحتها جهات دولية معنية في البيئة للقائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في هذا الصدد قال: «نحن الذين نعيش الآن فوق هذه الأرض مسؤولون عن الاهتمام ببيئتنا والحياة البرية، واجب علينا الوفاء لأسلافنا وأحفادنا على حد سواء».
هذه السردية لثقافة البيئة للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مهدت الطريق لدولة الإمارات، أن تتبوأ مبكراً العالمية، لدورها في إسهامها البيئي. فالبيئة هي الأم الحاضنة لمنطقة جغرافية، تعيش فيها النباتات والحيوانات والكائنات الحية وغير الحية.. بالإضافة إلى «المناخ»، وتحتوي النظم البيئية التي تحيط بالإنسان، والحيوان والطبيعة في مختلف جوانبها، وتتأثر بالإنسان، سلباً وإيجاباً، ولذا فإن الاستدامة هي العلاج الناجع المعني بديمومة البيئة.
وخير شاهد على تأثير أعمال البشر في الأضرار في البيئة، هو ما أشار اليه القرآن الكريم صراحة في الآية 41 من سورة الروم: ﴿ ظَهَرَ ٱلفسَادُ فِي ٱلۡبَرِّ وَٱلۡبَحۡرِ بِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِي ٱلنَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعۡضَ ٱلَّذِي عَمِلُواْ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ ﴾ مقتضى هذه الآية، أن هناك مسؤوليةً على الأفراد، إزاء ما أحدثوه من فساد في البيئة: براً وبحراً، الذي أضر الإنسان نفسه، لعل ذلك يكون سبباً في رجوعهم إلى رشدهم في التعامل مع بيئتهم!
هذه الحيثيات الحياتية توسم أفراد المجتمع بمسؤولياتهم تجاه كوكبهم التي يعيشون عليه، بينما كل عامل في مكونات النظام البيئي، مرتبط ببعضه. فمثلاً أي تغير في درجة حرارة النظام البيئي يؤثر في النباتات التي تنمو ضمن هذا النظام.
انسجاماً مع هذا السياق البيئي، أقر ممثلو 197 دولة، إضافة إلى الاتحاد الأوروبي، في مؤتمر الأطراف «كوب28» «اتفاق الإمارات» التاريخي، للمناخ الذي يضع العالم على مسار العمل المناخي الصحيح، للحفاظ على البشرية وكوكب الأرض.
من جهته أعلن رئيس المؤتمر عن إقرار «اتفاق الإمارات» التاريخي الذي يدعو إلى التحول التدريجي من الوقود الأحفوري «لأول مرة في التاريخ، الذي قد يساعد على تجنب التأثيرات الأسوأ لتغير المناخ.
ونحن في وارد البيئة، يستدعي ذلك، مسؤولية الفرد، تجاه بيئته، فإن الأرض كائن حيوي، مرتبط بالإنسان، وتتعرض للضرر منذ عقود، من قبل الإنسان، لأن اهتماماته تنصب على تلبية احتياجاته الأنانية، فهو المتسبب في الضرر الذي يطال البيئة وفي مقدمته التلوث.
مسؤولية الفرد تجاه بيئته، تبدأ منذ الصغر، فمن المهم توجيه الأطفال، في سن مبكرة، بدءاً من الأسرة ثم المدرسة، فإذا كان الآباء يحرصون على تعليم أطفالهم، كل ما يحيط بهم، في مرحلة مبكرة من حياتهم، فذلك لمساعدتهم من أجل بناء حياة، منتجة لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعاتهم لاحقاً..من أجل حماية الطبيعة، وغرس القيم الخضراء.
فالاحتفال بيوم الأرض، في أكثر من 180 دولة، على مستوى العالم، يبرز أهمية المحافظة على كوكب الأرض.
ويشكل ترشيد استهلاك المياه أهمية قصوى للإنسان، فهناك مشكلة كبيرة سببها نمط الاستهلاك، حيث يوجد ما يسمى بـ«ظاهرة الاستهلاك غير الرشيد للمياه»، بالإضافة إلى انقطاع مواسم الأمطار فترات طويلة في بعض مناطق العالم.
إن الطلب العالمي على المياه، تضاعف ثلاث مرات، في السنوات الخمسين السابقة، إذ تعاني العديد من بلدان العالم نقصاً مزمناً، في المياه بسبب تلوث المياه العذبة، بل ومن المتوقع أن يتسبب الجفاف والتصحر في نشوب حروب على المياه في المستقبل.
علينا ألا نقلل من أهمية مساهمتنا في صيانة البيئة وترقيتها، والحفاظ على استدامتها وتأمينها.
*سفير سابق