مع بداية العام 2024 أصبحت دولة الإمارات عضواً بمجموعة «بريكس» التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، ما يفتح آفاقاً رحبة للتعاون الاقتصادي المشترك بين الإمارات ودول المجموعة. ويعكس انضمام الإمارات إلى «بريكس» الأهمية المتصاعدة للدولة بالاقتصاد العالمي، ومدى انفتاحها على اقتصادات العالم عبر بناء شراكات مع مختلف التكتلات الاقتصادية.
وتأتي أهمية «بريكس» باعتبارها تمثل حالياً نحو 23% من الناتج الإجمالي العالمي، و42% من عدد السكان، و26% من مساحة العالم، و18% من التجارة العالمية. وتتعزز أهمية المجموعة بانضمام الأعضاء الجدد (الإمارات والسعودية ومصر وإثيوبيا وإيران)، ما يمثل إضافة لهذه القدرات الاقتصادية عالمياً.
يعكس انضمام الإمارات إلى «بريكس»، في إطار توسيع العضوية، تحولاً استراتيجياً في قدرات المجموعة المتعلقة بالطاقة، حيث تتحول من مجموعة تضم أكبر مستهلكي النفط (الصين والهند)، إلى مجموعة تضم دولاً من أكبر مصدري النفط (السعودية والإمارات)، ويسهم توسع العضوية في سيطرة «بريكس» على نحو 40% من إمدادات النفط العالمية. كما أن وجود بعض دول «بريكس» كالإمارات والسعودية وروسيا، باعتبارها من كبار منتجي النفط في العالم، ضمن تحالف «أوبك+» يمنح التحالف قدرة أكبر علي تنسيق سياسات الطاقة، ما يحقق التوازن بسوق النفط العالمي.
ويأتي انضمام الإمارات إلى عضوية «بريكس» في إطار الجهود المستمرة لتطوير علاقاتها الاقتصادية بشركائها الاستراتيجيين، حيث تعد الإمارات الشريك التجاري الأول لمعظم دول المجموعة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة بالنسبة للصين والهند وروسيا، كما تمثل «بريكس» نحو 20% من تجارة الإمارات غير النفطية، وتعد الهند والصين من أكبر مستوردي النفط الإماراتي في العالم بنحو 32%، كما ارتفعت التجارة مع البرازيل بنحو 30% بين عامي 2021 و2022، ومع الصين بنسبة 28% خلال عام 2022، وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري للإمارات، بينما تعد الإمارات ثالث أكبر شريك تجاري للهند.
وانضمام الإمارات لمجموعة «بريكس» يمنحها قدرةً على زيادة تفعيل التبادلات التجارية بالعملات المحلية مع شركائها التجاريين في المجموعة، كما يمنحها مكانة اقتصادية دولية إضافية، لاسيما أن الدرهم الإماراتي من ضمن العملات التي تصلح للتبادلات التجارية المقبولة عالمياً بفضل تدني المخاطر الاقتصادية للإمارات واستقرار النظام السياسي والاقتصادي، واستقرار عملتها في ظل الارتباط بالدولار الأميركي. ويسهم ذلك في زيادة جاذبية الدولة على خريطة السياحة الإقليمية، وخاصة أن الحجم الأكبر من السياحة الواردة إلى الإمارات يأتي من دول ضمن «بريكس»، مثل الهند والسعودية وروسيا. 
وفي ذات السياق، يعزز انضمام الإمارات لمجموعة «بريكس» الأهمية الإقليمية للدولة كمركز لوجستي، حيث إن أكثر من 60% من تجارة الصين بالمنطقة تمر حالياً عبر الإمارات، ويدعم ذلك قدرة الإمارات على تنفيذ اتفاقيات الشراكة الاقتصادية مع دول من داخل «بريكس» كالهند ومن خارجها كتركيا وإندونيسيا وموريشيوس والكونغو وكولومبيا وكوريا الجنوبية (يقدر أن يسهم «برنامج الشراكة الاقتصادية الشاملة» في زيادة صادرات الإمارات بنسبة 33% والإسهام بنحو 153 مليار دولار في الناتج المحلي الإجمالي للدولة بحلول عام 2031).
وتستمر الجهود الإماراتية الساعية نحو اقتناص الفرص الاقتصادية في شتى دول العالم، لتحقيق المصالح الاستراتيجية للدولة وتعزيز مكانتها على خريطة الاقتصادي العالمي، ويمثل الانضمام لـ «بريكس» خطوة ضمن مسيرة الإمارات على هذا المسار.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية