في وقت سابق من هذا الأسبوع، بدأت التعليقات المستترة في الظهور في الكابيتول هيل بخصوص «تهديد خطير للأمن القومي» لم يُذكر اسمه. وبحلول يوم الخميس، أطلع المتحدث باسم البيت الأبيض، جون كيربي، الرأي العام الأميركي على ما كان يتحدث عنه أعضاء الكونجرس: قدرة روسية جديدة مضادة للأقمار الصناعية.

يقول المسؤولون، إن النظام غير نشط، ولم يوضحوا بالتفصيل ما يمكنه فعله. ولكن إذا كان هذا هو ما يقترحه البيت الأبيض، فقد نجد أنفسنا الآن في مواجهة لحظة سبوتنيك لهذا الجيل. في عام 1957، عندما أطلق الاتحاد السوفييتي السابق أول قمر صناعي في العالم وأصاب الأميركيين بالصدمة، كانت إدارة أيزنهاور على علم بقدرات السوفييت فيما يتعلق بالأقمار الصناعية لمدة عامين تقريباً. والآن بعد أن عرفنا ما تخطط له روسيا، لا تستطيع الولايات المتحدة أن تتحمل التباطؤ في التصرف. إن السلاح القادر على استهداف الأقمار الصناعية سيكون مثيراً للقلق لأسباب عدة. بدايةً، هذا السلاح غير قانوني.

ومن الممكن أن يكون لها تأثير مزعزع بشدة للاستقرار على المشهد الجيواستراتيجي الفوضوي بالفعل - وتمنح روسيا القدرة على تعريض بعض الأصول الأميركية الأكثر قيمة للخطر. ورغم أن الولايات المتحدة حققت تقدماً في مجال الدفاعات الفضائية، فإنها ستجد صعوبة في الدفاع عن أقمارها الصناعية ضد أي هجوم محتمل في الفضاء، وهذا يشكل تهديداً خطيراً. تجعل الأقمار الصناعية العديد من جوانب حياتنا اليومية ممكنة، بدءاً من الملاحة والتنبؤ بالطقس وحتى البث التلفزيوني والمعاملات المالية. أكثر من 90% من المركبات الفضائية تجارية، مما يغذي اقتصاد الفضاء العالمي بقيمة 546 مليار دولار. ويعد الفضاء أيضاً أمراً أساسياً للكيفية التي يقاتل بها جيشنا. علاوة على ذلك، فإننا نستخدم الأقمار الصناعية لجمع المعلومات الاستخبارية والكشف عن إطلاق الصواريخ، وللملاحة والاتصالات والسيطرة على الأسلحة الدقيقة. إن فكرة التفجير النووي في الفضاء ليست جديدة.

أجرى كل من الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة اختبارات تفجير نووي على ارتفاعات عالية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، بما في ذلك اختبار ستارفيش برايم الأميركي في عام 1962 عندما فجرت الولايات المتحدة رأساً حربياً بقوة 1.4 ميجا طن فوق صاروخ «ثور» على ارتفاع 250 ميلاً فوق الأرض. وأحدث الانفجار نبضاً كهرومغناطيسياً انتشر عبر الغلاف الجوي، مما أدى إلى احتراق الإلكترونيات على الأرض على بعد مئات الأميال من الاختبار، مما تسبب في حدوث زيادات كهربائية في الطائرات وشبكات الطاقة، وتعطيل الاتصالات اللاسلكية. ويتراكم الإشعاع النووي المعزز في الفضاء على الأقمار الصناعية في المدار، مما يؤدي إلى إتلاف أو تدمير ثلثها. ومن الصعب أن نفصل هذا التطور المحتمل عن العملية العسكرية الدائرة في أوكرانيا.

لقد رأت روسيا مدى أهمية الأصول الفضائية في ساحة المعركة في أوكرانيا. توفر ستارلينك، التي تضم الآلاف من الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض، للقوات الأوكرانية اتصالات دون انقطاع. تناقش وزارة الدفاع الأميركية بشكل علني استثماراتها في مجموعات الأقمار الصناعية الكبيرة. ويُنظر إلى مئات الأقمار الصناعية المستخدمة للتحذير من الصواريخ والاستخبارات والاتصالات على أنها وسيلة لتكون أكثر مرونة في مواجهة مجموعة متنوعة من التهديدات الفضائية المتزايدة.

وستبحث موسكو عن طرق لاستهداف مجموعات الأقمار الصناعية الكبيرة هذه وتقويض الميزة التي توفرها. تختبر روسيا أسلحة تستهدف القدرات الفضائية وفي نوفمبر 2021، أجرت موسكو اختباراً مضاداً للأقمار الصناعية من خلال إطلاق صاروخ على أحد أقمارها الصناعية المعطلة. كما أنها استخدمت أنظمة مصممة للتشويش على ستارلينك ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS) لإضعاف أنظمة الاتصالات في أوكرانيا، فضلاً عن الطائرات من دون طيار والذخائر التي تستخدمها البلاد للدفاع عن نفسها.

لكن التفجير النووي في الفضاء يتم بشكل عشوائي. من شأنه أن يؤدي إلى تدهور أو تدمير أي أقمار صناعية في مسارها وداخل المنطقة المدارية نفسها. لن يؤثر ذلك على الأقمار الصناعية الأميركية فحسب، بل سيؤثر أيضاً على الأقمار الصناعية الخاصة بالمعتدي، بالإضافة إلى عدد غير معروف من الأقمار الصناعية المملوكة لأكثر من 90 دولة تعمل في الفضاء، ورواد الفضاء الذين يعيشون في محطة الفضاء الدولية ومحطة الفضاء الصينية.

وكما حفز سبوتنيك القادة على التحرك في القرن الماضي، فإن هذه اللحظة يجب أن تفعل الشيء نفسه. يتعين على الولايات المتحدة تعزيز استثماراتها في القدرات الدفاعية لمواجهة التهديدات الفضائية المستقبلية وفي حين لا نزال نفتقر إلى التفاصيل الحاسمة، إذا كانت روسيا تخطط لاستهداف الأقمار الصناعية، فإن التهديد خطير بالتأكيد. لكن الولايات المتحدة ليست عاجزة عن مواجهة هذا التحدي. وإذا تبين أن لحظة سبوتنيك هذه ذات أهمية استراتيجية، فدعونا نتحرك بسرعة.

كاري إيه بينجين*

* مدير مشروع أمن الفضاء الجوي وزميل بارز في برنامج الأمن الدولي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) في واشنطن

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»