منذ تولي الوالد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مقاليدَ القيادة في أبوظبي جعل على رأس مستهدفاته إيجاد بيئة اتحادية سليمة وناضجة، وكان بنفاذ رؤيته ينظر إلى داخل الدولة وخارجها، وإلى الحاضر والمستقبل.
وهناك من المعطيات والمؤشرات ما يسمح لنا بأن نطلق على الإمارات لقب «الدولة المثقفة»، وذلك لأن الله تعالى حباها بقيادة واعية وحكيمة، تسعى حثيثاً إلى قيادة شعبها نحو مصاف الدول المتقدمة، بعد أن هيأت له الوسائل والآليات والمنهج النظري والسلوكي، لترسيخ الوعي الجماعي الموصل إلى مستوى «الدولة المثقفة».
وتتماهى هذه الصفة مع ما توصف به مؤسسة ما باعتبارها «مؤسسة متعلمة»، وذلك نظير عدد من سنوات الخبرة لموظفيها. وتكون الدولة مثقفة بما توليه من اهتمام كبير لتعليم مواطنيها وتشجيع الثقافة والآداب والفنون والرياضات بأنواعها، كما تساهم في تعزيز مكانة المثقفين والمبدعين، وتشرف على تأسيس الجامعات وإطلاق المؤسسات الثقافية وتسهر على تنظيم الفعاليات والمنتديات المتنوعة.
ويمكن للدول وضع سياسات ثقافية، تحفز على القراءة والابتكار والإبداع، وتعزز الوعي الثقافي لدى المواطنين.. والدولة المثقفة تضع الخيارات والتنوع، وتُعِد كوادر تعليمية وتربويّة قادرة على استشراف المستقبل.
ومن جديد تبرز الإمارات كنقطة التقاء حضاري نابضة بالحياة، تستلهم الدولُ من نجاحاتها، وتنطلق من أرضها حلولٌ لمواجهة التحديات المتغيرات التنموية والاقتصادية المتسارعة.

زعماء دول، ورؤساء حكومات، ووفود حكومية، ومنظمات دولية وإقليمية، ومؤسسات عالمية، ونخبة من قادة الفكر والخبراء العالميين.. جمعتهم «القمة العالمية للحكومات 2024»، المنعقدة مؤخراً في الإمارات.
ودولة الإمارات بطابعها الاتحادي المميز حالة فريدة في منطقة الخليج العربي ودول العالم العربي ككل، إذ تتكامل كل الإمارات مع بعضها، حيث يتلاقى المحلي بالاتحادي، في تكامل مبدع ومنسجم مع الروح السائدة بين شعب الإمارات، أي روح الأخوّة والألفة المعبِّرة عن الوعي الجماعي. 

ومن سمات الدولة المثقفة أن تجيد التعاملَ مع الدول الأخرى، وأن تعمل على توسيع التعاون بما تقتضيه المصالح المتبادلة، وما تقتضيه أحوال بعض الدول التي تحتاج المساعدةَ والدعم.

مشاهدات كثيرة رصدها المشاركون في المؤتمرات التي انعقدت في الإمارات، كجزء من رغبة عالمية في الاطلاع عن قرب على نموذج الإمارات التنموي، وخطط قيادتها التي جعلت منها نموذجاً عالمياً للحكومات، عبر تخطيطها الاستراتيجي، وقراءتها للمستقبل، ومواكبة التقنيات الحديثة وتسخيرها لخدمة الإنسان ولإسعاده. لهذا فقد تمكن الإنسان الإماراتي من ارتياد الفضاء، وهو فخور بخبراته في ابتكار فرص المستقبل.
لقد استطعنا بناء نموذج تنموي ناجح، يقوم على التسامح والانفتاح والتعايش والنظم الاقتصادية المتطورة، وهذا أيضاً ما يؤكد على استحقاق دولة الإمارات صفة «الدولة المثقفة».
والإمارات مستعدة لمشاركة خبراتها مع أشقائها وأصدقائها.. وإذا كان قادة الأعمال والسياسات يلتقون في «دافوس» لإبرام الصفقات التجارية والاستثمارية، فلهم أن يلتقوا في دولة الإمارات، حيث العمران والمجتمع والطبيعة، ليبرموا صفقاتهم مع المستقبل.
ودولة الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، تواصل حضورَها القوي عالمياً، وقد تبوأت المرتبة الأولى إقليمياً، والعاشرة عالمياً في مؤشر القوة الناعمة، والأولى إقليمياً في التقدير الدولي للقيادات، والثامنة عالمياً في التأثير في الدوائر الدبلوماسية الدولية، والثالثة عالمياً في الكرم والعطاء.

*سفير سابق